اليوم العالمي لمرضى السكري أمل لملايين المصابين

لم تكتفي البشرية بالضوء الذي سلطه اليوم العالمي للسكري المعلن عنه من قبل الاتحاد الدولي للسكري ومنظمة الصحة العالمية عام 1991

مركز الأخبار ـ ، على التهديدات الصحية العديدة التي طالت ما يزيد عن مليار شخص مصاب بمرض السكري في أكثر من 160 دولة حول العالم.
فقامت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2007 بإعلان الـ 14 من تشرين الثاني/نوفمبر اليوم العالمي لمرضى السكري، للاعتراف بالحاجة الملحة لمتابعة الجهود والمساعي الدولية لتحسين الصحة البشرية، بالإضافة لإتاحة إمكانية الحصول على العلاج المناسب والتثقيف الكافي في مجال الرعاية الصحية.
بالإضافة لرفع مستوى الوعي حول تأثير مرض السكري في المجتمع وتشجيع التشخيص المبكر ودعم المصابين، وكذلك التوعية بطرق الوقاية من خلال اتباع نظام غذائي صحي، وتعزيز دور الأسرة في هذا السياق، وتعد الدائرة الزرقاء شعار اليوم العالمي لمرضى السكري وهي تعبر عن وحدة مجتمع مرض السكري العالمي وسرعة الاستجابة في علاج هذا المرض ومواجهته باعتباره قضية صحية عالمية.
مع العلم أن المصابين بمرض السكري تكون نسبة السكر في دمهم قبل تناول الطعام أقل من 30 ـ 80 ملغ/ديسيلتر، وتبلغ بعد تناولهم الطعام بساعتين أقل من 180 ملغ/ديسيلتر، بينما نسبة السكر في دم الأشخاص الأصحاء تكون 100 ملغ/ديسيلتر قبل الطعام وبعد الطعام تبلغ 140 ملغ/ديسيلتر.
 
مرض السكري يفتك بملايين البشر بأنواع وأعراضه الخفية
مرض السكري أو داء السكري هو مرض مزمن يحدث عندما تتلف خلايا البنكرياس التي تنتج هرمون الأنسولين المنظم لمستوى السكر في الدم، أو في حالة عجز الجسم عن استخدام هذا الهرمون بشكل فعال، ويعمل الأنسولين على تنظيم دخول سكر الغلوكوز "سكر الدم" الناتج عن هضم النشويات والسكريات من الدم والوسط بين الخلايا إلى داخلها، وإذا لم تحدث هذه العملية على اتم وجه فإن سكر الغلوكوز في هذه الحالة يبقى سابحاً في الدم، وتبقى الخلايا بحاجة للطاقة.
وفي حالة فرط سكر الدم ستخلق أضراراً بالغة للأعصاب والأوعية الدموية، مما يتسبب بمضاعفات خطيرة منها أمراض القلب والسكتات الدماغية وأمراض الكلى والعمى، بالإضافة لحدوث اضطرابات عصبية مرتبطة بمرض السكري "اعتلال الأعصاب السكري"، وكذلك التهابات اللثة ومرض القدم السكرية وقد يصل الأمر لبتر الأعضاء.
وأكدت دراسة أصدرها باحثون من السويد وفنلندا أن مرض السكري له خمسة أنواع أو فئات وليس نوعين كما كان يظن البعض، فالنوع الأول يستهدف الجهاز المناعي ويصيب الشباب، والنوع الثاني فيرجع الإصابة به لأسلوب الحياة كتأثير الدهون على الطريقة التي يعمل بها إفراز الأنسولين.
والنوع الثالث يكون على شكل مقاومة شديدة لإفراز الأنسولين هذا النوع يصيب الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن، أما مرض السكري الناتج عن السمنة المحدودة فسببه النوع الرابع، وهناك مرض السكري الناتج عن عوامل ذات صلة بالشيخوخة المتمثل بالنوع الخامس.
أما عن أعراض هذا المرض فتكون بزيادة عدد مرات التبول بسبب ارتفاع الضغط التناضحي الذي يتسبب بزيادة انتقال جزيئات الماء من منطقة ذات كثافة مائية مرتفعة إلى أخرى ذات كثافة مائية منخفضة دون الحاجة للطاقة التي تكون مفقودة أساساً بسبب مرض السكري.
بالإضافة لزيادة الشعور بالعطش بسبب خسارة كميات كبيرة من سوائل الجسم نظراً للتبول المستمر، كما يرافقه التعب الشديد وفقدان الوزن على الرغم من تناول الغذاء بشكل منتظم وطبيعي وعدم انقطاع الشهية، وكذلك بطء شفاء الجروح بسبب ارتفاع سكر الدم الذي يمنع خلايا الدم البيضاء من القيام بوظيفتها كما يقلل من تدفق الدم إلى الجروح، كما يتسبب بضبابية في الرؤية نتيجة تسرب السوائل إلى عدسة العين.
وعلى الرغم من أن مرض السكري أخذ بالازدياد بين النساء والرجال إلا إنه يتسبب بظهور عدة مشكلات صحية على جسد المرأة، كالإصابة بمتلازمة المتبيض متعدد الكيسات المسببة لتأخر الحمل وانخفاض كثافة الشعر، وإذا تم مقارنة أعداد النساء المصابات بمرض السكري مع أعداد الرجال المصابين به أيضاً نجد أن النساء أكثر عرضة للوفاة بسبب قصور في عمل عضلة القلب.
كما أن المرأة معرضة للإصابة بالفشل الكلوي أكثر من الرجل، وكذلك تكون أكثر عرضة للإصابة بالسمنة وارتفاع ضغط الدم وارتفاع في نسبة الكولسترول.
 
إحصائيات مرض السكري حول العالم
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية فإن مرض السكري كان سبباً مباشراً في 1.5 مليون حالة وفاة في عام 2012، 80% منها تحدث في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، وأن عدد المصابين بمرض السكري عام 2014 وصل لـ 400 مليون مصاب منهم 9% تبلغ أعمارهم 18 عاماً أو أكثر، مقارنة بإصابة 108 ملايين شخص في عام 1980، وكان معدل الانتشار العالمي للسكري لدى البالغين قد ارتفع من 4.7% إلى 8.5% بحلول عام 2014.
وأشارت إحصائيات الاتحاد الدولي للسكري عام 2017 أن عدد المصابين بلغ 600 مليون شخص، حيث يوجد نحو 83 مليون منهم بمنطقة الشرق الأوسط، ووجد أن أكثر من 60% من أمراض القلب والشرايين عادة ما تكون بسبب مرض السكري.
وفي عام 2019 بلغ عدد المرضى 463 مليون تتراوح أعمارهم بين 20 و79 عاماً، ومن المتوقع أن يرتفع عدد الأشخاص المصابين إلى 578 مليون بحلول عام 2030 و700 مليون شخص بحلول عام 2045، حيث ستزداد نسبة الأشخاص المصابين بالنوع الثاني من المرض في معظم بلدان العالم.
وأن أكثر من 1.1 مليون من الأطفال مصابون بمرض السكري النوع الأول، بينما يقارب 374 مليون شخص معرض للإصابة بمرض السكري النوع الثاني، وأن 79% من الأشخاص المصابين هم من البلدان محدودة أو متوسطة الدخل.
وبحسب ما نشره مركز أبحاث السكري والممارسة السريرية بعد انتشار فيروس كورونا فأن الأشخاص المصابين بمرض السكري هم أكثر عرضة للإصابة بالفيروس، وأن تطور المرض وعواقبه لديهم ستكون أكثر سوءاً من الأشخاص غير المصابين بهذا المرض.
 
مساعي وجهود عالمية هادفة لعلاج داء السكري
يعد العلاج بالأنسولين من أعظم الاكتشافات في تاريخ الطب، فقد اكتشفه فريق من الباحثين الكنديين في جامعة تورنتو عام 1921، حيث تم استخراجه لأول مرة من بنكرياس الحيوانات كالبقر والخنازير، ثم بدأ إنتاج الأنسولين البشري في ثمانينيات القرن الماضي على أساس جيني، والحقنة الواحدة كفيلة بضبط سكر الدم مدة 24 ساعة.
في عام 2019 تمكن فريق من جامعة بيرجن النرويجية من التوصل لخاصية تثبت أن الجسم يمكنه علاج مرض السكري ذاتياً، فمن المعروف أن البنكرياس مكون من ثلاثة أنواع من الخلايا هي ألفا وبيتا ودلتا، وهذه الخلايا وظيفتها إنتاج هرمونات مختلفة لتنظيم مستويات السكر في الدم، وأن بيتا مسؤولة عن إنتاج هرمون الأنسولين، وفي مرض السكري يعاني المصابون من تلف يؤدي لتراجع نشاط خلايا بيتا.
وفي الإنجاز الذي حققه الفريق أكد أنه يمكن لخلايا ألفا تغيير وظائفها والقيام بإنتاج الأنسولين، وأن 2% من خلايا البنكرياس المجاورة لبيتا يمكنها تغيير وظيفتها لتحل محل الخلايا المنتجة للأنسولين، وتمكن فريق البحث من زيادة نسبة هذه الخلايا إلى 5% باستخدام أدوية تؤثر في عملية نقل الإشارات بين الخلايا.
وفي عام 2020 نجح فريق من الباحثين تابع للمعهد الفيدرالي للتكنولوجيا في مدينة زيوريخ السويسرية، في زراعة جهاز إلكتروني بجسم مريض السكري لتنظيم مستويات السكر في الدم، حيث أن هذا الجهاز يستطيع التحكم بالجينات لإنتاج بروتينات معينة منها هرمون الأنسولين، ويمكن تشغيله وإيقافه عن طريق الإنترنت، ويعتقد باحثون أن هذه التقنية ستجعل العلاجات الحالية طويل الأمد لمرض السكري شيئاً من الماضي.
 
خريطة مرض السكري على مستوى العالم
وفقاً لما كشفته الفيدرالية الدولية لمرض السكري عام 2015، أن أكثر دول العالم امتلاكاً لمعدلات الإصابة بمرض السكري هي الولايات المتحدة الأمريكية وسنغافورة ومالطا والبرتغال وقبرص وكذلك جولة أندورا جنوب غرب أوروبا وسلوفينيا وسلوفاكيا وإسبانيا.
وتعد الصين والهند أكثر دولتين في العالم يمتلكان أكبر عدد من المرضى، حيث قدر عددهم بنحو 110 ملايين و69 مليون على الترتيب، ويرجع ذلك للتضخم السكاني الذي يزيد عن المليار شخص بالنسبة لكلا البلدين.
كما تعد الولايات المتحدة الأمريكية المالكة لأضخم معدلات الإصابة بمرض السكري على مستوى العالم، فقد وصلت نسبة الأشخاص المصابين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و70 عاماً إلى 11%، ويقدر عدد المرضى فيها بنحو 30 مليون مصاب أي ما يعادل ثلثي عدد المصابين بالمرض المزمن في حوالي 37 دولة نامية والتي قدر عدد المصابين فيها بـ 46 مليون مصاب.
بينما احتلت قطر والسعودية المركز الأول في قائمة أكثر 10 دول في الشرق الأوسط امتلاكاً لمعدلات الإصابة بالمرض، وبالنسبة لقارة أفريقيا فكانت مصر في المرتبة الأولى في المعدلات، حيث يوجد فيها أكثر من 7.5 مليون مصاب وتوفي 72 شخص مصاب بمرض السكري في عام 2014 بينما بلغ عدد المصابين في العام ذاته 49 ألف شخص.