اليوم العالمي لمهارات الشباب سياق لتوجيه طاقاتهم لمستقبل أفضل

بهدف صقل واستثمار مهارات الشباب المهنية وتوجيه طاقاتهم الإبداعية والعلمية المتدفقة، وتشجيعهم على تقديم الحلول التي من شأنها أن تزيح المشاكل والمعوقات المعلقة على أبواب مستقبلهم، ولخلق مساحة يعبرون فيها عن مهاراتهم الذهنية والبدنية

مركز الأخبار ـ ، أعلنت الجمعية العامة أن 15 تموز/يوليو من كل عام يوماً عالمياً لمهارات الشباب.
 
اليوم العالمي لمهارات الشباب وليد مجموعة قرارات
عرفت الأمم المتحدة فئة الشباب على أنهم الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين(15 ـ 24) عاماً، وجاء هذا التعريف ضمن الأعمال التحضيرية للسنة الدولية للشباب عام 1985، ولم يمس هذا التعريف بالمفاهيم التي وضعتها الدول الأعضاء، وتبقى تحديات تأمين العمل المناسب والدائم لهم أكثر تعقيداً خصوصاً للشباب الضعفاء والمهمشين بمن فيهم الشابات اللواتي يعشن أوضاعاً إنسانية غير مستقرة.
تُرك الشباب في ساحة العمل والحياة مع فرص ضئيلة للوصول إلى طموحاتهم بسبب النقص الكبير في فرص العمل والتعليم والوعي، ليكونوا عرضة للفقر والجهل في ظل ما يعيشه كوكب الأرض من أزمات ونزاعات وحروب.
ونظراً لدور الشباب الفاعل في النهوض باقتصاد العالم من السبات الذي يعيشه بالإضافة لارتفاع معدلات البطالة في صفوفهم، استذكرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلسة لها في 18 كانون الأول/ديسمبر عام 2014، قرارين أصدرت أحدهما عام 1995 والآخر عام 2007 أعلنت فيهما عن اليوم العالمي للشباب، بالإضافة لقرارها65/312 الصادر عام 2011 الذي اعتمدت بموجبه الوثيقة الختامية للاجتماع رفيع المستوى للجمعية العامة الذي تضمن إجراءات موصى بها للشباب، كما نوهت لقرارها 68/130 الصادر عام 2013 بشأن السياسات والبرامج التي تخص الشباب.
كما نوهت لتوصية عام 1999 الداعية لإعلان يوم 12 آب/أغسطس يوم الشباب الدولي، وأعربت الجمعية عن قلقها إزاء العدد المرتفع للشباب العاطلين عن العمل، الذي قدر في عام 2013 بما يزيد عن 74 مليون شاب معظمهم من الدول النامية.
وأدركت الجمعية أن كل هذه القرارات لم تكن كافية مع وصول معدل بطالة الشباب في العالم إلى قرابة 13% عام 2014، واعتبرت أن ظاهرة البطالة من أهم الأسباب التي تؤثر على اقتصاديات دول العالم لعدم وجود التوافق بين مهارات الشباب، لذلك قررت تشجيعهم على اكتسابها لتلبية احتياجاتهم وتحقيق تطلعاتهم، وتعزيز قدراتهم على اتخاذ قرارات واعية وذات مسؤولية تجاه الحياة والعمل، تمكنهم من التغلغل في عالم العمل للنهوض بالاقتصاد العالمي، وطالبت أعضاءها بتلبية احتياجات الشباب بالإضافة لتغطية جميع التكاليف المترتبة على تنفيذ قرارات الشباب.
لذلك قررت في عام 2014 إعلان يوم 15 تموز/يوليو، يوماً عالمياً لمهارات الشباب، وبموجبه دعت جميع أعضائها ومؤسسات منظومة الأمم المتحدة وكافة المنظمات الدولية والإقليمية وعلى رأسها المنظمات التي يقودها الشباب، بالإضافة للمجتمع المدني لمساندة فئة الشباب والاحتفاء بهذا اليوم، لزيادة الوعي بأهمية تنمية مهارات الشباب الإنمائية، وضمان حصولهم على التعليم بشكل متساوي وللقضاء على جميع أشكال الفقر من خلال توفير فرص العمل وتحقيق المساواة بين الجنسين.
 
التعليم والتدريب التقني والمهني قارب الشباب للنجاة
يعد التعليم والتدريب في المجال التقني والمهني وقوداً يزود الشباب بالمهارات اللازمة حتى يتمكنوا من الالتحاق بسوق العمل، كما أن التعليم والتدريب يمكن أن يزيدا من تكيف المهارات مع الطلب المتغير للمجتمعات المحلية.
تم الإعلان عن مصطلح "التعليم والتدريب التقني والمهني" في المؤتمر العالمي للتعليم والتدريب التقني والمهني عام 1999 في مدينة سيول الكورية، حيث أقر المؤتمر أن هذا المصطلح هو مزيج من المصطلحات التي استخدمت لوصف أنشطة تعليمية وتدريبية مماثلة بما في ذلك تعليم القوى العاملة.
كما يمكن لهذا النوع من التعليم أن يقلل من العراقيل والمعوقات التي تحول دون الالتحاق بعالم العمل من خلال وسائل عدة منها التعليم في مكان العمل مما يضمن الاعتراف بالمهارات المكتسبة والتصديق عليها، ويوفر التعليم والتدريب أيضاً فرص لتنمية قدرات ذوي المهارات المحدودة للعاطلين عن العمل أو الشباب الذين يعانون من العمالة الناقصة أو غير الملتحقين بالمدارس وكذلك المفتقرين للعمل والتدريب.
وتم تضيمنه في مناهج التعليم في بعض الدول حيث بلغت نسبة طلاب المرحلة الثانوية الذين التحقوا بالتعليم والتدريب المهني في كوريا 40%، أما في العراق فتم ربطه بثلاث وزارات لتتلقى التدريب من قبل منظمة اليونيسكو حول موضوعات ومجالات رئيسية في التعليم والتدريب التقني والمهني.
واعتمده الاتحاد الروسي في إطار إصلاح التعليم العام من خلال إدخاله إلى مناهج التعليم الثانوي بهدف إضفاء الطابع المهني.
 
لكل عام عنوان ويبقى الشباب هو الهدف
في عام 2016 احتفلت 35 دولة باليوم العالمي لمهارات الشباب بشكل مختلف في مدينة بون الألمانية، حيث تم رفع الستار عن استراتيجية اليونيسكو للتعليم والتدريب التقني والمهني المطورة للفترة ما بين عامي (2016 ـ 2021)، ويعرف التعليم المهني أنه التعليم الذي يحضر الطلاب والطالبات للعمل ضمن اختصاصات ومهن لمجرد خبرتهم في مجالات معينة.
وقدمت اليونيسكو هذه الاستراتيجية لتقوية أنظمة التعليم والتدريب التقني في الدول الأعضاء وتعزيز توظيف الشباب حتى يتمكنوا من الوصول إلى العمل المناسب، كما أنها تمكن الأفراد والمنظمات والمجتمعات المحلية وبالتالي زيادة النمو الاقتصادي.
كما تضمنت الاحتفالية حلقة طرحت فيها ألمانيا ونيجيريا والمغرب وصربيا وكوستاريكا، عروض حول جهودهن في تحويل أنظمة التعليم والتدريب المهني بهدف تحقيق التنمية المستدامة، وحلقة أخرى جمعت الشباب ممثلي منظمة المهارات العالمية ومؤسسة المهارات في العمل بالإضافة لشبكات الشباب المتوسطي والجهات الفاعلة من ألمانيا وكندا، لمناقشة الطرق التي بمقدورها تفعيل دور الشباب.
حمل اليوم العالمي لمهارات الشباب عام 2017 شعار "تنمية المهارات لتعزيز فرص عمل الشباب"، ورمى بالمقام الأول للإشادة بأنواع الدعم والتدريب الهادفة إلى تنمية مهارات الشباب وقدراتهم، كونها العامل الرئيسي لتحقيق النجاح وفق جدول أعمال عام 2030، حيث بلغ معدل بطالة الشباب في العالم 13.1% في عام 2017 بسبب انخراط العديد من الشباب في أعمال منخفضة الأجر أو اشغال غير مستقرة أو مهن غير رسمية.
كما أطلقت الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم في لبنان بالتعاون مع مركز الأمم المتحدة "مهرجان الشباب 2017"، وجمع الاحتفال مختلف فئات الشباب اللبناني ضمن أنشطة وورش عمل هدفت إلى تطوير مهاراتهم في مجالات فنية وبيئية مثل التواصل والتصوير الفوتوغرافي وإعادة التدوير والكتابة، ومنح المهرجان "جائزة الشباب المتميز" لعشرة من الشباب في مجالات التكنولوجيا والأعمال البيئية والتعليم والتنمية المستدامة.
"مهارات الشباب من أجل الاستدامة والابتكار" وهو شعار أطلقته اليونيسكو على اليوم العالمي لمهارات الشباب عام 2019، ورمت بالمقام الأولى إلى زيادة الوعي بأهمية تطوير مهارات الشباب كون مشاركة الشباب النشطة في مساعي وجهود التنمية المستدامة ضرورة لا غنى عنها لبناء مجتمعات مستدامة ومستقرة بحلول عام 2030.
في عام 2020 ومع بلوغ معدل البطالة 22.4%، أحيت اليونيسكو الاحتفاليات تحت شعار "مهارات للشباب المرن في عصر كوفيد ـ 19وما بعده"، حيث سلطت الضوء على تدابير الوقاية لفيروس كورونا وفي مقدمتها إغلاق مؤسسات التعليم والتدريب التقني والمهني في جميع أنحاء العالم، التي من شأنها أن تهدد استمرار عملية تنمية المهارات.
وقدرت منظمة العمل الدولية أن عمالة الشباب تراجعت بمعدل 8.7% على مستوى العالم خلال عام 2020، وفي دارسة استقصائية أجرتها اليونيسكو مع منظمة العمل الدولية والبنك الدولي عن مؤسسات التعليم والتدريب الفني والمهني، أفادت الدراسة أن التعلم عن بعد بات هو السبيل الأوحد لنشر المهارات وتعلمها في ظل انتشار الوباء. 
أطلق المجلس الثقافي البريطاني بالشراكة مع بنك HSBC، تطبيق بالمجان ضمن احتفاليات عام 2020 يسهل عملية تدريب الشباب على المهارات الحياتية كالمرونة والثقة وصنع القرار، ويتألف التطبيق من 30 مهمة تفاعلية موزعة على أربع مواضيع.
وأثنى اليوم العالمي لمهارات الشباب لهذا العام على قدرتهم وإبداعهم خلال معركة التصدي للجائحة، وسيقدم الشباب المشاركون في الاحتفالية تقييماً لآلية تكيف أنظمة التعليم والتدريب المهني والتقني مع الوباء، بالإضافة لطرحهم أفكار وإجراءات توضح طريقة استخدام هذه الأنظمة ما بعد الوباء، وجاءت مشاركة الشباب من خلال إقامة حلقة نقاش تفاعلية عبر الإنترنت نظمتها البعثتان الدائمتان للبرتغال وسريلانكا لدى الأمم المتحدة بالاشتراك مع اليونيسكو ومنظمة العمل الدولية ومكتب الأمين العام المعني بالشباب. 
وجهز المجتمع الدولي خطة طموحة للتنمية المستدامة لعام 2030، دعا فيها لاتباع منهج متكامل لتحقيق التنمية، وأقر أن القضاء على الفقر بشتى أشكاله ولكافة الفئات العمرية المنتجة وعلى رأسها الشباب، بالإضافة لحماية كوكب الأرض وتحقيق النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، وتحقيق المساواة بين الجنسين كلها أمور مترابطة ببعضها.
 
البطالة حجر العائق أمام الشباب
يواجه الشباب صعوبة في تأسيس أعمالهم الخاصة كبديل للتوظيف كما أن افتقار المناهج التعليمية إلى التطبيقات العملية أو تكون هذه التطبيقات بعيدة عن سوق العمال، يجعلها تفشل في تزويد الشباب بالمهارات التي يحتاجونها في حياتهم المهنية، وما يزيد الأمر سوءً هو استغناء نسبة كبيرة منهم عن المرحلة التعليمية ليواجهوا خطر البطالة بشكل أعنف.
ووفقاً لتقرير أصدرته منظمة العمل الدولية عام 2016 أكدت فيه أن 71 مليون شاب وشابة عاطلين عن العمل وهو أول ارتفاع يسجل منذ ثلاثة أعوام، مشيرة أن الوضع خطير لاسيما جنوب آسيا والدول العربية وشمال أفريقيا، ويعود ذلك بسبب تباطؤ النمو في الاقتصاديات الناشئة حيث أن النمو الاقتصادي العالمي لعام 2016 بلغ 3.2% أدنى بمقدار 0.4% عما كان متوقع أواخر عام 2015.
حيث أن واحد من بين أربعة شباب في دول الشرق الأوسط عاطلون عن العالم بحسب إحصائيات عام 2019، ففي فلسطين بلغت نسبة الشباب العاطلين عن العمل 74% ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً بينما تصل أعلى نسب بطالة بين صفوف الشباب خريجي الجامعات، وفي لبنان بلغت 17% تقريباً، أما في المملكة المتحدة يتوقع انتشار البطالة بين صفوف الشباب أعلى بثلاث مرات مقارنة ببقية الفئات السكانية نتيجة لتأثرهم بانخفاض حجم الخدمات.
وللشباب السوري نصيب كبير من البطالة نظراً لما تشهده البلاد من صراع وأزمات، حيث اضطر الملايين منهم إلى البقاء خارج الميدان التعليمي لأعوام عدة أو لقلة فرص الحصول على عمل مناسب.
وبحسب إحصائيات عام 2020 بلغ عدد الشباب العاطلين عن العمل ما يقارب 73 مليون شاب، ويبلغ عدد الوافدين منهم إلى سوق العمل 40 مليون في كل عام، ومليار ونصف خارج المدارس خصوصاً بعد تفشي فايروس كورونا.
وتسعى الجمعية العامة للأمم المتحدة لاستحداث ما لا يقل عن 475 مليون وظيفة جديدة بحلول العقد المقبل لاستيعاب الشباب العاطلين عن العمل.