اليوم العالمي للإبداع والابتكار... من أجل عالمٍ أفضل

للتشجيع على ابتكار أفكار جديدة وزيادة الوعي بدور الإبداع والابتكار في حل المشكلات على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي وتحقيق التنمية المستدامة، أعُلن عن يوم عالمي للإبداع والابتكار.

مركز الأخبار ـ
يتم الاحتفال باليوم العالمي للإبداع والابتكار في الـ 21 من نيسان/أبريل من كل عام، بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي صدر في الـ 27 من نيسان/أبريل 2017، الذي يؤكدة على أهمية إدخال خبرات النساء في تصميم وتنفيذ الابتكارات التي تشكل المستقبل.
 
أهمية الإبداع والابتكار
الإبداع عبارة عن مجموعة من المهارات والأدوات، يتألف من العصف الذهني وتوليد أفكار جديدة والبحث عن الحداثة. بإمكان أي شخص أن يكون مبدعاً ويبتكر حلول جديدة يغير الحياة من خلالها.
تفيد العديد من الأبحاث التربوية أن السنوات الخمس الأولى من حياة الطفل هي الأكثر فاعلية في طريق تنمية قدراته الإبداعية.
يكمن جوهر الإبداع في تقديم فكرة جديدة أو متجددة تستند إلى أساس علمي سليم، وهو عبارة عن كيان معنوي أو خيال ينتجه العقل، يمثل مفهوماً أو رأياً أو نموذجاً أو تصميماً لنظام غير مسبوق.
وقد يكون الإبداع فكرة مكتشفة تستند إلى الملاحظة والتجريب أو قد يكون فكرة ناتجة عن معالجة منطقية مثل كثير من الاستنتاجات العلمية والنظريات الرياضية التي توصل إليها الإنسان. وتعطي أفكار الإبداع المادة الرئيسة التي ينطلق منها الابتكار ليقدم إنجازاً مفيداً يعطي قيمة مادية أو يؤدي إليها.
لا يقتصر الإبداع والابتكار على العلوم والتقنيات فقط، بل لهما دور بارز في الموضوعات الاجتماعية بما ذلك الجوانب الاقتصادية.
إن الإبداع والابتكار اللذان يعتبران ثقافة العصر، في شتى نواحي الحياة مطلوبان لمسيرة فاعلة نحو مستقبل أفضل، وإن كانت تخضع للمنافسة بين المبدعين والمبتكرين حول العالم، فإن هذه المنافسة يجب أن تتسم بروح إنسانية تعتمد مبدأ "الربح للجميع".
أصبح كل من الابتكار والإبداع الثروة الحقيقة للأمم في القرن الحادي والعشرين، بحسب نتائج التقرير الاقتصادي الخلاق المعنون "توسيع سبل التنمية المحلية"، الذي تشاركت يونسكو والبرنامج الإنمائي في نشره، من خلال مكتب الأمم المتحدة للتعاون بين بلدان الجنوب.
بحسب تقرير يونسكو بشأن الثقافة والتنمية المستدامة، ينبغي أن تكون الثقافة والصناعات الإبداعية جزء لا يتجزأ من الخطط الشاملة للنمو الاقتصادي.
فتلك الصناعات هي من أكثر القطاعات دينامية في الاقتصاد العالمي، وبذلك تستغل البلدان القدرات المتاحة في القطاعات السوقية عالية النمو، بما يعود بالنفع على العائد الاقتصادي والتخفيف من الفقر، وكذلك بالنفع على الحياة الاجتماعية.
 
اليوم العالمي للإبداع والابتكار 
تعود فكرة تأسيس يوم عالمي للإبداع والابتكار إلى ملاحظة أهمية الموضوع عام 1977، والحاجة إلى دراسته من قبل خريجة المركز الدولي لدراسات الإبداع الكندية مارسي سيغال.
وذلك عندما ظهر عنوان "كندا في أزمة الإبداع" في صحيفة (National Post ناشينونال بوست) الكندية، قررت إنشاء يوم عالمي للإبداع والابتكار، واعتبرت مارسي سيغال أن استخدام الناس لقدراتهم الطبيعية وقت الأزمات من أجل توليد أفكارٍ جديدة واتخاذ قرارات جيدة، سيحقق نتائج مهمة تجعل العالم مكاناً أفضل للعيش.
وتطور الأمر إلى أن تم الإعلان في تورنتو عاصمة مقاطعة أونتاريو الكندية عام 2001، عن ميلاد هذا اليوم، وفي عام 2002 شاركت سبع دول في نشاطات هذا اليوم لتحتفل به لأول مرة.
وبحلول عام 2006 انضمت دول أخرى إلى الاهتمام بهذا اليوم، وأعلنت عن أسبوع عالمي للإبداع والابتكار WCIW يحتفل به سنوياً، بدأً من يوم عيد مولد الفنان والمخترع الإيطالي ليوناردو دافنشي الذي يصادف الـ 15 من نيسان/أبريل، إلا أن الجمعية العامة للأمم المتحدة فضلت فكرة تحديد "يوم عالمي" على فكرة تحديد "أسبوع عالمي".
وفي الـ 27 من نيسان/أبريل عام 2017، اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة رسمياً بيوم 21 نيسان/أبريل باعتباره اليوم العالمي للإبداع والابتكار "WCID"، لزيادة الوعي بدور الإبداع والابتكار في حل المشكلات، والإسهام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وكانت من أبرز القرارات التي جاءت ضمن الإعلان عن اليوم العالمي للإبداع والابتكار، ضرورة الاهتمام بدعم العمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ 17 التي وضعتها الأمم المتحدة عام 2015، وتسعى إلى تحقيقها بحلول عام 2030.
وفي هذا اليوم من كل عام يتم تسليط الضوء على الجهود التي بذلتها مارسي سيغال في نشر الاهتمام بالإبداع والابتكار، وكذلك جهود الممثلة الدائمة لسانت فنسنت وجزر غرينادين في جمعية الأمم المتحدة إنغا روندا كينغ التي تشغل منصب الرئيس الرابع والسبعين للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، لمساهمتها في جعل هذا اليوم عالمياً.
تقوم العديد من المنصات بتنشيط وربط المجتمعات حول العالم لتعزيز الإبداع والاحتفاء به من خلال الأنشطة المجانية، وذلك عبر اختيار وتدريب القادة المحليين المسؤولين عن تنظيم برنامج خاص لكل مدينة يحدث في يوم الحدث. 
 
مخترعات غيرنّ العالم
في كل يوم تقوم النساء باختراعات تغير قواعد اللعبة ويبدعن في كل ما يحسن المجتمعات ويطورها، فهن لسن أقل إبداعاً وابتكاراً من الرجال، حيث ساهمن ولا زلن في كافة أنحاء العالم في علوم شتى من الفيزياء إلى الكيمياء، ومن الطب إلى الذكاء الاصطناعي، بما يفيد المجتمعات ويطورها، وقد أكدت بيانات عديدة أن زيادة مشاركة النساء في الإبداع والابتكار تسهم في تحسين الأداء الابتكاري للمنظمات والمجتمعات.
فالعالمة الأمريكية شيرلي آن جاكسون ابتكرت أنظمة التعرف على هوية المتكلم في المكالمات الهاتفية وهوية المنتظر على الخط الهاتفي أثناء إجراء مكالمة هاتفية أخرى، في عام 2016 منحها الرئيس الأمريكي باراك أوباما الميدالية الوطنية للعلوم وهي أعلى تكريم للإنجاز العلمي في الولايات المتحدة.
والباحثة الكيميائية ستيفاني كووليك التي حازت على 28 براءة اختراع خلال 40 عاماً من البحث العلمي، اخترعت مادة الكيفلار، وهي نسيج خفيف الوزن يستخدم في السترات المقاومة للطلقات النارية. منذ نجاحها في تطوير هذه المادة عام 1965، أنقذ الكيفلار الذي تبلغ متانته خمسة أضعاف متانة الفولاذ حياة العديد من البشر ويستخدمه الملايين يومياً.
كما استخدمت المادة في عدد من الصناعات مثل كابلات الجسور المعلقة، والخوذ، والفرامل، والزلاجات، ومعدات التخييم.
أما غريس هوبر التي تعرف بـ "أم أجهزة الكمبيوتر"، عملت بعد الحرب العالمية الثانية في جامعة هارفارد على تطوير (IBM) هارفارد مارك، وهو أول جهاز كمبيوتر تجاري في العالم. كما كان لها دور فاعل في ابتكار لغة البرمجة ووضع أسسها. وأصدرت أكثر من 50 بحثاً في المعلوماتية.
باتريسيا باث وهي أول طبيبة من أصل أفريقي سجلت براءة اختراع عام 1988 في مجال طبي، حيث طورت الليزر لاستخدامه في "إزالة إعتام عدسة العين" جراحياً، مما أعاد البصر للعديد من المصابين بهذا المرض. وساهمت في جعل أداة الليزر الطبية الإجراء الأكثر دقة للجراحة. ولديها 5 براءات اختراع كلها متعلقة بتطوير الليزر للعمليات الجراحية.
وكذلك عالمة الفيزياء النظرية شيرلي جاكسون التي حصلت على درجة الدكتوراه من معهد ماساتشوستس عام 1973، يرجع إليها الفضل في إنشاء مفاهيم الاتصالات السلكية واللاسلكية. حين كانت تعمل في مختبرات بيل أجرت عدة تجارب ما جعلها تتوصل إلى اختراع الفاكس المحمول، والخلايا الشمسية، وكوابل الألياف البصرية.
 
ابتكارات تساهم في التدابير الوقائية من فايروس كورونا
لتحفيز الأشخاص على القيام بابتكار أفكار جديدة تخرج العالم من أزماته، عرض مركز أنباء الأمم المتحدة بعضاً من الأفكار التي برزت في كل جوانب الحياة في عام 2019، لتكون بمثابة منارة لمستقبل أفضل لكل القطاعات. وحثت الدول الأعضاء على جعل الصناعات الثقافية والإبداعية جزءاً من استراتيجيات النمو الاقتصادي.
في الوقت الذي يعاني فيه العالم من جائحة كورونا، كان من الضروري اتخاذ الاحتياطات وتحفيز الآخرين على القيام بذلك، فطالبت الأمم المتحدة في عام 2020 بمناسبة هذا اليوم كافة الدول أن تأتي بأفكار تحد من انتشار فيروس كورونا.
ومن بين الذين استجابوا للدعوة، المهندسة المعمارية الاسترالية زهافا إلينبرج التي ابتكرت تصميم يتيح إعادة تقسيم المساحات في بيئة العمل يدعى "Clicklax"، بما يضمن التباعد الاجتماعي، مع مراعاة التكلفة المنخفضة، وهو عبارة عن ألواح من السهل تركيبها على أي مكتب، وتناسب أماكن العمل بجميع المساحات، علاوة على خفتها، ما يتيح إمكانية نقلها من مكان لآخر.
فيما قامت شابة كندية بابتكار طريقة لمعانقة والدتها بأمان أثناء تفشي فيروس كورونا، أطلقت عليه اسم "قفاز العناق"، ويتمثل الابتكار في ستارة بلاستيكية مزودة بأربعة أكمام ومعلقة على حبل غسيل.
بينما المصمم ستيف بروكس ابتكر مشبكاً صحياً صغيراً يمكن وضعه في الجيبـ لفتح باب السيارة دون لمس المقبض، وقد ابتكر العديد من المبدعين روبوتات لخدمة الزبائن في المطاعم والفنادق، وفي القطاعات الصحية لتقديم الخدمة للمرضى دون الاقتراب منهم.