'الوصاية الاجتماعية تقهر إرادة النساء'

خلال الآونة الأخيرة أثيرت حالة من الجدل الواسع حول قانون الوصاية ومعاناة النساء بعد فقدان الزوج الناتجة عن سطوة أسرته التي تسلب الكثيرات منهن حقوقهن في تقرير مصيرهن.

أسماء فتحي

القاهرة ـ أكدت مديحة حسن أن وعي المرأة لحقوقها هو أحد أهم الأدوات التي تمكنها من النجاة والخروج من قوقعة الوصاية التي تسلبها حريتها وقدرتها على تقرير مصيرها ومصير أفراد أسرتها.

واحدة من أبرز الادعاءات التي تسوقها السلطة الذكورية عند الحديث عن حق المرأة في إدارة أموالها كالراتب أو الإرث بعدم قدرتها على إدارة تلك الاموال، فالعديد يعتبرون أن المرأة وزير ماليتها والمدبر لشؤونها لكن عندما يتعلق الأمر بتقرير مصير أموالها تصبح أقل حكمة في التحكم في ذاتها مقارنة بالرجل.

ولا تزال العديد من النساء تقبعن داخل تلك القوقعة المظلمة، وتكمن الأزمة الحقيقية في رفض الأزواج تمكين النساء اقتصادياً حيث يعتبرون أن حريتهن ستجلب للأسرة المزيد من الأزمات، تصل لحد هدمها.

تقول سلوى عمران "اسم مستعار" البالغة من العمر ثلاثيين عاماً، أنها تزوجت من ابن عمها وهي صغيرة في السن، فلم تكن قد أنهت المرحلة الإعدادية، وذلك بعد أن وعدوها بإكمال تعمليها بعد الزواج، إلا أن الأمر اختلف تماماً بحرمانهم لها من متابعة تعليمها "رغم أن زوجي هو ابن عمي إلا أنه أخل بجميع الشروط التي إتفقنا عليها قبل الزواج لتأثره بقرارات أهله، كنت أعيش مع عائلته أخدم الكبير والصغير منهم حتى لم يكن لي الحق في الاعتراض على حجم الأعباء الملقاة علي".

وأوضحت "قام زوجي ذات يوم بضربي، انتظرت من عمي أن يقف إلى جانبي ويساندني لكنه خذلني ولم يشعرني حتى أن لي الحق في الاعتراض على ما فعله بي، تركت المنزل ومكثت في بيت أبي شهراً لأعود بعدها إلى بيتي متمسكة بقراري بأني لن أصبح خادمة لهم، جلست في بيتي رافضة كل طلباتهم فأصبحوا يعاملونني بسوء أكثر، أدركت فيما بعد أنني فقدت بزواجي هذا حريتي وربما لا أقوى على استردادها مجدداً".

وأشارت إلى أنه يجب على النساء أن تؤمن على حياتهن بعد الزواج بمختلف الطرق ومنها كتابة ما ترغبنه من شروط داخل وثيقة الزواج خاصةً إن كان الأمر متعلق بتعليمهن أو استقلالهن الاقتصادي، مؤكدةً أن الزوجات أنفسهن عليهن أن تمتلكن زمام أمورهن وتثقن في قدرتهن.

وبدورها قالت المديرة المالية والإدارية في جمعية العروة الوثقى مديحة حسن، إن عدد ليس بالقليل من النساء تقبعن داخل قوقعة الوصاية بمختلف أشكالها منذ القدم في مقدمتها الجانب المالي، لافتةً إلى أن عدد كبير من النساء لا يحق لهن التصرف في الأموال حتى إن كانت ناتجة عن عملهن الخاص أو عملهن دون موافقة الزوج.

وأكدت على أن الوصاية الاجتماعية هي التي تقهر إرادة النساء فلا تستطعن زيارة الأقارب على سبيل المثال أو حتى الخروج من المنزل دون موافقة الزوج، ولا يحق لهن السفر دون الاستئذان والحصول على الموافقة المسبقة من الزوج.

وأوضحت أن بعض النساء تقعن فرائس لأسرة الزوج بالكامل التي تتحكم في حياتهن وتحركاتهن، وما يصدر عنها من أفعال وممارسات وتصرفات داخل منزلها، مشيرةً إلى أن هذا النوع من التدخل السلطوي قد يصل لمظهرها متمثلاً فيما تلبسه، بالإضافة أن البعض يجبر الزوجات على ارتداء الحجاب أو النقاب وغيرها من الأمور التي تدخل تحت بند الحرية الشخصية لكنهم يسلبونها منها لمجرد أنها زوجة لأحد أفراد العائلة.

وأشارت إلى أنها التقت نساء تزوجن في مراحل الثانوية العامة واتفقن على مواصلة التعليم بعد الزواج، إلا أن الأمر تغير بعد الزواج بسبب العائلة التي تخوفت من تأثر المنزل بتعلم الفتاة ومن ثم الإخلال بتلك الاتفاقيات والوعود التي سبقت عقد القران لتجد الزوجة نفسها مضطرة للتنازل عن تطلعاتها ومستقبلها العلمي بناءً على رغبة الزوج وعائلته.

ولفتت إلى أن بعض أفراد المجتمع قد يقبلون خروج النساء عن الوصاية التقليدية للزوج وأسرته، ولكن الأمر عادة ما يكون مرهون بنجاحهن في الموائمة بين منزلهن وعملهن أو تعليمهن، بينما يرفض البعض الآخر الأمر تماماً بحرمانهن من أبسط حقوقهن.

وأضافت أن "بعض الأسر ترفض مشاركة النساء القادمات للجمعية في أي نشاط، يسمح لهن فقط الحضور من أجل الحصول على المساعدات"، لافتةً إلى أنهم يعملون من خلال الجمعية على تعزيز معرفة النساء بالحقوق والقوانين ودعمهن لتمكينهن اقتصادياً من أجل مساعدتهن على تنفيذ مشاريعهن الخاصة، إلى جانب العمل على توعية وتنمية النساء فكرياً كلها أمور لا تروق للأسرة لكن الجمعية مستمرة في عملها لدعم المرأة.

وأشارت إلى أن الوعي هو أحد أهم الأدوات التي تمكن الزوجة من النجاة والخروج من قوقعة الوصاية التي تسلبها حريتها وقدرتها على تقرير مصيرها ومصير أطفالها.

وفي ختام حديثها قالت مديحة حسن أن استقلال المرأة وتحررها وقدرتها على التحكم في قراراتها وحركتها وحياتها، يزيد من قوتها وقوة وصلابة وتماسك أسرتها، وترسخ في نفوس أطفالها القدرة على الاختيار والتعامل مع متطلبات الحياة بشكل أفضل.