التنوع العرقي والقومي في إقليم شمال وشرق سوريا مصدر قوة وليس نقطة ضعف
تجربة الإدارة الذاتية في إقليم شمال وشرق سوريا تجسد نموذجاً متيناً للتعايش والتلاحم بين مختلف المكونات الثقافية والعرقية والدينية، حيث تبنى الحياة اليومية على أسس من الاحترام المتبادل والتعاون، مما يعزز وحدة المجتمع ويصون التنوع في ظل التحديات الداخلية.

أسماء محمد
قامشلو ـ في منطقة تعددت فيها الأعراق والطوائف والثقافات، يعيش سكان إقليم شمال وشرق سوريا تجربة فريدة من نوعها في التعايش المشترك، إذ تعد الإدارة الذاتية نموذجاً حياً للتنوع الثقافي والعرقي والديني، حيث يتعايش العرب والكرد والمسيحيون وغيرهم من المكونات ضمن إطار من الاحترام المتبادل والتقدير.
في الحقيقة تشهد سوريا اليوم حرب أهلية جراء السياسة التي تمارسها الحكومة المؤقتة التي تقودها جهاديي هيئة تحرير الشام، وتسعى لزرع الفتنة بين المكونات، ولإنجاح هذه الفتنة تستغل هذه الجهة وغيرها ممن يضمر الشر لسوريا والسوريين قلة الوعي لدى بعض الأفراد والهدف تفكيك وحدة الشعب وتقويض مشروع الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب والعيش المشترك.
التعايش بين المكونات عزز قيم الوحدة والتفاهم بين الجميع
وعن وحدة الشعوب والتحديات التي تواجهها في وجه محاولات التفريق وزرع الفتنة قالت فاطمة حسن الجاسم عضوة في مجلس عوائل الشهداء في مدينة قامشلو من عشيرة بني سبعة، أن هذا التعايش حقيقي وليس مجرد كلمات بل هو واقع يومي متجذر في كل جوانب الحياة، من العمل والتعليم إلى المناسبات الاجتماعية والدينية، لكن هذا السلام يواجه تحديات حقيقية من أجندات خارجية تسعى إلى زرع الفتن، مما يحتم على أهالي المنطقة الوقوف صفاً واحداً لمواجهة هذه المحاولات والدفاع عن وحدة الأرض وأخوة الشعوب.
وبينت أنها تعمل منذ أكثر من عشر سنوات في الإدارة الذاتية "خلال هذه السنوات لم أشعر في أي يوم بأن هناك فرقاً أو تمييزاً بيني وبين باقي المكونات، سواء كانوا كرداً أو مسيحيين أو غيرهم من الطوائف والأعراق الموجودة في المنطقة. في إقليم شمال وشرق سوريا، نعيش جميعاً ضمن مجتمع متعدد الثقافات والأديان والأعراق، وهذا التنوع هو مصدر قوة لنا وليس نقطة ضعف. لقد تعلمنا كيف نحترم بعضنا البعض، ونقدر تراث وعادات وتقاليد الجميع بغض النظر عن خلفياتهم الثقافية والدينية والعرقية".
وأوضحت أن التعايش المشترك في المنطقة ليس مجرد كلام، بل "واقع نعيشه يومياً في كل تفاصيل حياتنا، من العمل والتعليم إلى المناسبات الاجتماعية والدينية، وهذا الاحترام المتبادل هو ما يجعل من إقليمنا نموذجاً يحتذى به في التعايش والسلام بين المكونات المختلفة"، لافتةً إلى أنه "منذ صغري أعيش في قرية تضم عائلات من المكون الكردي، ولم يكن هناك أي حساسية أو فرق بيننا وبينهم، بل على العكس تماماً، كنا نتشارك ثقافات بعضنا البعض ونتعلم من عادات وتقاليد كل طرف، مما زرع فينا روح المحبة والاحترام المتبادل. هذا التعايش الطبيعي بين المكونات كان جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية، وعزز قيم الوحدة والتفاهم بين الجميع، بعيداً عن أي تمييز أو اختلافات سلبية".
وأكدت فاطمة حسن الجاسم أن هناك من يسعى لزرع الفتنة بين المكونات، مستغلاً مصالح دولية وخارجية تهدف إلى تفكيك وحدة الشعب السوري وتقويض مشروع الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب والعيش المشترك، الذي ينادي به القائد عبد الله أوجلان "نحن كمكون عربي نؤمن بقيم القائد عبد الله أوجلان الذي يدعو إلى السلام والتعايش المشترك، ونؤكد على أواصر القربى والمودة التي تربطنا بالمكونات الأخرى".
وشددت على ضرورة الوعي من أجل حماية الشعب السوري من مجزرة جديدة "رغم ذلك هناك من يحاول بث الفتن وزرع الشقاق بين المكونات التي عاشت بمحبة وتآخي على هذه الأرض منذ مئات السنين. لكننا بوعي وإصرار، لن نسمح لهذه المحاولات أن تزعزع الأمن والاستقرار، ولن نسمح بتدمير هذا الوطن الذي احتضن جميع أطيافه وأعراقه وأديانه".
"نحن نؤمن بالاتحاد الشعبي"
وأوضحت "يواجه الشعب السوري أجندات أجنبية تهدف إلى خدمة مصالح دول لا ترغب في استقرار المنطقة أو في توحيد أطيافها ومكوناتها المتعددة, وهذه الأطراف تسعى إلى تفكيك اللحمة الوطنية وزرع الفتن بين مكونات الشعب, بهدف تمزيق نسيج المجتمع وخلق انقسامات تؤدي إلى إضعاف سوريا لتسهل السيطرة عليها، ومن خلال هذه السياسات المدمرة يسعون لتسهيل احتلال المنطقة وطرد سكانها الأصليين الذين يعيشون عليها منذ أجيال، ومن ثم نهب خيراتها وثرواتها التي تعتبر مورداً أساسياً لحياة أهلها وازدهارها, ولكن بالرغم من هذه المحاولات يظل الشعب واعياً ومدركاً لمخاطر هذه الأجندات الخارجية، ويصمم على الحفاظ على وحدته وأمنه واستقراره، رافضاً كل محاولات التفريق والتشتيت التي تحاول استهداف نسيجه الاجتماعي والتاريخي".
وناشدت فاطمة حسن الجاسم كافة العشائر العربية لتكون أكثر وعياً، وألا تستجيب لمن يحاولون زرع الفتنة والتفرقة والنزعات الطائفية "نحن نؤمن بالاتحاد مع الإخوة الكرد الذين حموا هذه الأرض من التنظيمات الإرهابية والقوى المحتلة, ومن بين هؤلاء الأبطال كان ابني وزوجي اللذين قاتلا واستشهدا إلى جانب إخوانهم الكرد، للحفاظ على هذه الأرض التي تحترم الجميع، وتحافظ على كرامة المرأة وعرضها, وأنا أفخر بكوني أم وزوجة شهيد قاتل من أجل أن تحيا الأمة بسلام وأمان".
واختتمت فاطمة حسن الجاسم حديثها بالتأكيد على أنه "نحن مؤمنون بأن الكرد عملوا من أجل حماية النساء والأطفال، والحفاظ على حقوق المواطنين ووحدة الأرض، وسنعمل يداً بيد من حديد لإفشال كافة المخططات التي تحاك ضد مشروع الأمة الديمقراطية، ولن نسمح لهذه الأيادي المسمومة الخفية أن تكسر الأخوة واللحمة بين مكونات شعبنا".