'السلطات الإيرانية عاجزة عن تنفيذ سياسات التشجيع على الإنجاب'
السلطات الإيرانية التي تشجع الناس على إنجاب المزيد من الأطفال وتضع سياسة الزيادة السكانية على جدول الأعمال، غير قادرة على تنفيذ مرافق الزواج المعتمدة.
كلارا جيلاني
كرماشان ـ على مدى أكثر من عقد من الزمان، بدأت إيران في تشجيع ولادة المزيد من الأطفال، وأفسح المجال أمام الدعاية واسعة النطاق التي تهدف إلى السيطرة على السكان من خلال إنجاب المزيد من الأطفال، ولم تعد هناك أخبار عن "عدد أقل من الأطفال، حياة أفضل" أو "طفلان يكفيان" وغيرها من الإعلانات الأيديولوجية في وسائل الإعلام الحكومية.
هذا التغيير في السياسة مثير للدهشة لأنه يمكن القول إنه رافقه تحول 180 درجة في السياسات السكانية للحكومة التي روجت بقوة لعدة عقود لعدد أقل من الأطفال والحد من عدد السكان، عملية معاكسة تماماً منذ أوائل التسعينيات وشجعت الناس على إنجاب الأطفال ووضع سياسة الزيادة السكانية على جدول الأعمال.
الحكومة الحديثة وتنظيم السكان والأسرة
ويصل عمر السياسات المعروفة بتنظيم السكان والأسرة في إيران إلى أكثر من نصف قرن، ومع تشكيل الدولة الحديثة في إيران منذ الثورة الدستورية وتوسعها في العهد البهلوي الأول وهيمنتها على معظم مناطق إيران، تم وضع سياسات تنظيم السكان والأسرة على جدول الأعمال منذ العقد الثلاثين الهجري، وتهدف هذه السياسات إلى الحد من عدد السكان وإجبار الأسر على إنجاب عدد أقل من الأطفال، واستمرت هذه السياسة أكثر من نصف قرن وحتى بعد سقوط النظام البهلوي وقيام الجمهورية الإسلامية.
تغير 180 درجة
كما تبنت السلطات الإيرانية نفس السياسة في العقود الثلاثة الأولى من حكمها، وحتى من خلال وسائل الإعلام الحكومية ونظامها التعليمي، روجت لهذه الجهود الأيديولوجية لكن في بداية العقد الرابع من حكمها، اتخذت فجأة نهجاً معاكساً تماماً، ورفع الزيادة السكانية كضرورة لا يمكن إنكارها، فقد أطلق رؤساء الحكومات، من محمود أحمدي نجاد في أوائل التسعينيات إلى علي خامنئي في نهاية هذا العقد، تصريحات واضحة دعوا فيها إلى إنجاب المزيد من الأطفال، والمزيد من الزيجات، ونتيجة لذلك ارتفع عدد السكان إلى رقم مفاجئ بلغ 150 مليون نسمة.
إيذاء الأطفال
لكن هذه الحكومة لا تنظر إلى ضرورة هذه القضية إلا من الناحية الاقتصادية والسياسية وتتجاهل الجوانب المعيشية والنفسية والاجتماعية والوجودية الأخرى للمشكلة، وفي هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، فإن الشعب الإيراني غير قادر على إدارة حياته وتوفير احتياجاته المادية، ومن الواضح أن إنجاب المزيد من الأطفال يؤدي إلى اشتداد هذه الضغوط على الأسر، ويتسبب في ولادة وتنشئة عدد لا يحصى من الأطفال في ظل الفقر، وانعدام الأمن والصحة.
كما أنه في الوضع الذي تكون فيه ساعات عمل الأزواج مرتفعة للغاية في الوضع الحالي، ولا يستطيع معظم الناس تلبية احتياجاتهم المادية بعمل واحد وتحولوا إلى وظائف متعددة، فمن الواضح أنه سيكون لديهم وقت أقل لتكريسه لأعمالهم الخاصة، والأطفال هم الضحايا الرئيسيون لهذا النهج.
قرض الزواج
لقد تخلت السلطات الإيرانية عن كل جوانب هذا النهج السياسي، وكأن الشيء الوحيد المهم في إنجاب الأطفال هو الجانب الاقتصادي، لذلك قامت في العقدين الأخيرين بإنشاء مرافق تحت عنوان "مرافق الزواج" والتي في السنوات القليلة الماضية، أضيفت إليها "مرافق الإنجاب".
وفي مرافق الزواج يتم تشجيع زواج القُصر بشكل واضح، لأنه وفقاً لقانون الموازنة لهذا العام، أبلغ البنك المركزي الشبكة المصرفية أن إجمالي مبلغ قروض الزواج هذا العام يساوي 300 مليون تومان والمبلغ المخصص للذكور أقل من 25 سنة والفتيات أقل من 23 سنة 350 مليون تومان، ومن الواضح أنه بهذه الطريقة يتم تشجيع الأطفال دون سن 18 عاماً أيضاً على الزواج.
عدم القدرة على تنفيذها
وعلى الرغم من ذلك، فإن السلطات والمصارف الخاصة والحكومية ومميزاتها العديدة التي لا تعد ولا تحصى، غير قادرة في دفع هذه التسهيلات، التي تتماشى مع سياساتها الأيديولوجية رغم كثرة إعلانات وسائل الإعلام الحكومية بأن البنوك ملزمة فهي ضرورية لضمان الائتمان، ويجب سداد القرض في أسرع وقت ممكن، ويجب تجنب تشكيل طوابير، ولا يتطلب قرض الزواج سوى ضامن واحد فقط؛ لكن الآن، وبعد سنوات عديدة، لا يزال الباب يدور على نفس الكعب، ولم يتم الوفاء بأي من هذه الوعود.
تجربة أحد المواطنين
هانية. ج من مدينة كرماشان تقول إن هذه الوعود لم تنفذ بأي شكل من الأشكال "أنا متزوجة منذ شهرين تقريباً ولدي كافة الشروط للحصول على قرض الزواج، لكن حتى الآن لم أتمكن من التسجيل والرجوع إلى نظام قرض الزواج لم ينفعني ،لا توفر البنوك العامة والخاصة، المبلغ اللازم من الائتمان لتقديم قروض الزواج، وقد أدى هذا النقص في الائتمان إلى تشكل طوابير طويلة ولا يمكننا التسجيل أي أنه لا يوجد حالياً نظام قرض الزواج والبنك في محافظة كرمشان ليس لديه الائتمان المالي اللازم للحصول على قرض الزواج حتى أنني جربت محافظتي كردستان وأورمية، لكن لم يكن هناك فرق. في النهاية اضطررت لدفع 6 ملايين تومان لمحل إنترنت للتسجيل الذي يجب أن يكون مجانياً ومن حقي القانوني أن أفعل ذلك فوراً ومجاناً في بضع دقائق لكن دفعت مبلغ كبير من أجل التسجيل".
وتعتقد أن الحكومة والنظام المصرفي الإيراني متورطان في تشكيل مثل هذا النظام الفاسد "اعتقد أنه تم تصميم هذه الروبوتات من قبل البنوك الحكومية نفسها، وبهذه الطريقة خلقت فساداً إدارياً، لسحب الأموال من الناس حتى مقابل تسجيل بسيط. إذا قمت بضرب هذا المبلغ بعدد المتقدمين للحصول على قروض الزواج في جميع أنحاء إيران، فسوف تفهم مدى ارتفاع هذا الرقم ونوع الفساد المتضمن. حتى الآن، على الرغم من دفع هذا المبلغ، لست متأكدة مما إذا كنت سأتمكن من الحصول على قرضي في هذه الأشهر القليلة، لأن الكثير من الناس ينتظرون منذ عدة أشهر على الرغم من دفع هذا المبلغ".