الرسم على الخيام... وسيلة لبث الأمل في نفوس الأطفال
بالريشة والألوان تحاول الفنانة أميرة الداني أن تبث الفرح على وجوه أطفال لم يعرفوا سوى الحرب والقتل والدمار، لتعيد إليهم شيئاً من طفولتهم المسلوبة وتضفي البهجة على خيامهم البائسة.
لينا الخطيب
إدلب ـ يعيش الأطفال النازحون في مخيمات إدلب شمالي سوريا واقعاً مأساوياً وتنعدم لديهم كافة وسائل التسلية والترفيه.
تطوعت الرسامة أميرة الداني البالغة من العمر 21 عاماً، النازحة من ريف إدلب الجنوبي إلى المدينة، للرسم على الخيام بهدف إسعاد الأطفال وبث الأمل في نفوسهم، وعن ذلك تقول "يواجه الأطفال في مخيمات النزوح مشاكل كثيرة فرضتها الحرب، منها الحرمان من اللعب ومشاهدة التلفاز بسبب انقطاع التيار الكهربائي، لذلك قررت تسخير موهبتي في الرسم لدعم هؤلاء الأطفال الذين انقطعوا عن العالم والتعليم ووسائل التواصل، من خلال رسم شخصيات كرتونية محببة بألوان زاهية على جدران خيامهم، بهدف التخفيف من وطأة الملل الذي يعيشونه وبث الأمل في قلوبهم البريئة، وإبعادهم عن أجواء المعارك والنزوح والألم".
وأضافت "الرسم هوايتي المفضلة وأعمل على تطويرها باستمرار، وقد ساعدتني أسرتي على صقل موهبتي وتطويرها، وأسعى من خلال الرسم للفت الأنظار إلى معاناة النازحين في إدلب"، مشيرةً إلى أنها تحاول أن تترك أثراً في نفوس هؤلاء الأطفال الذين يتذكرونها وينتظرون قدومها.
وأكدت على أن موهبتها في الرسم ظهرت في سن صغيرة وما إن لاحظت والدتها هذه الموهبة حتى سارعت إلى تحفيزها وتامين المستلزمات الضرورية من دفاتر رسم وألوان، تاركة لها العنان لتعبر عما يجول بداخلها وهو ما سمح لها بالتميز في الرسم وخاصة الشخصيات الكرتونية.
وأشارت إلى أنها تعلم الأطفال مبادئ الرسم والتلوين، لأن الرسم وسيلةٌ تمكن الأطفال من التعبير عن معاناتهم، ومواجهة المشاكل النفسية والاجتماعية والتخلص منها ومنعها من التطور بعد الصدمة التي واجهوها لدى اضطرارهم للفرار من منازلهم.
وتستفيد من دراستها في كلية الإرشاد النفسي لدعم الأطفال النازحين نفسياً والاستماع لهمومهم ومشكلاتهم وتقديم النصح والإرشاد والدعم لمن يحتاجها، موضحةً أنها تسعى لملاحقة حلمها بافتتاح معرضها الخاص يوماً ما ليرى العالم أعمالها.
وعن مبادرة أميرة الداني قالت وضحة المحمد البالغة من العمر 36 عاماً، النازحة من بلدة حيش بريف إدلب الجنوبي "حرمت الحرب أطفالنا من أبسط حقوقهم، لكن الشابة أميرة الداني تمكنت من خلال الرسم نقل الأطفال من جو الكآبة إلى المرح والنشاط، باستخدام ألوان جذابة ومتناسقة، كما ساهمت في تعليمهم الرسم وإكسابهم مهارات جديدة".
ولفتت إلى أن أطفالها يكونون في غاية السعادة حين يشاركون في تلوين الشخصيات الكرتونية المرسومة على الخيام، كما تعطيهم فرصة للتعبير عن مكنونات نفوسهم من خلال الرسم.
بينما قالت ريم العيسى البالغة من العمر 12 عاماً، نازحة من ريف مدينة سراقب إلى مخيم على أطرف مدينة إدلب "نجتمع حول الفنانة أميرة الداني ونراقبها أثناء إنجازها رسوماتها ونكون في غاية السعادة والفرح، لأنها تبعدنا عن أجواء المخيم".
وأشارت إلى أنها فقدت والدها منذ عام 2018، ثم نزحت مع أمها وأخوتها إلى هذا المخيم، فيما اضطر أخوها لترك دراسته والعمل في ورشة للحدادة ليساهم في تأمين متطلبات الأسرة.
وعن معاناه الأطفال النازحين قالت المرشدة النفسية رؤى الإبراهيم البالغة من العمر 32 عاماً، من مدينة إدلب "يعاني الأطفال في الأزمات والحروب غالباً من مشاكل نفسية تغير من سلوكهم وتزيد من مصاعب الحياة عليهم، ولا تقل الصحة النفسية عند الأطفال أهميةً عن الصحة البدنية إذ أن الاضطرابات النفسية تسبب للطفل مشاكل عديدة في مزاجه وسلوكه وتفكيره".
ويعتبر الرسم من أساليب العلاج، فالطفل قادر من خلاله على التعبير عن ما يخالجه من مخاوف ومشاعر الحزن والفقدان التي لا يجيد توضيحها بالكلمات، كما تعتبر المبادرة هامة بالنسبة للأطفال لممارسة هوايتهم وتطويرها، وإتقان الرسم والظلال والحجوم واستخدام الألوان.