النساء في إدلب تعشن حالة من التخبط حيال أدوارهن الاجتماعية والاقتصادية
تعاني النساء في إدلب من تحديات عديدة، تبدأ بالمخاطر الأمنية وتنتهي بالتضييق الاجتماعي الذي يسعى لتقليص دورها وحضورها الفاعل.
هديل العمر
إدلب ـ تواجه النساء ضغوطات ومضايقات طالت حتى حركاتهن وتنقلهن بأريحية من قبل ما تسمى بـ "هيئة تحرير الشام"، التي منعتهن بحجة الدين والشرع من السفر أو التنقل بلا محرم يرافقهن في جميع أمورهن.
لم تتوقع رهام البرغل (25) عاماً أن تجد نفسها محط شبهات حين كانت تتسوق في شوارع إدلب ودخلت إحدى المحال لشراء بعض المستلزمات لتفاجئ بمرتزقة من "هيئة تحرير الشام"، وقد راحوا يسألونها عن العلاقة التي تربط بينها وبين صاحب المحل التجاري والذي لم تكن تربطها به أي صلة أكثر بائع ومشتري، ليباشر الجهاز الأمني تحقيقاته المحرجة ولومها على الدخول لمكان يوجد به رجل غريب عنها دون وجود محرم برفقتها.
ولم ينتهي الأمر عند هذا الحد وإنما عمدت مرتزقة "هيئة تحرير الشام" على إجبارها على كتابة تعهد خطي بعدم تواجدها في أي مكان يتواجد فيه الرجال بلا محرم، وعن ذلك التصرف تتساءل رهام البرغل "يوجد نساء كثيرات في إدلب بتنا فاقدات للمعيل سواء بالموت في الحرب أو الاعتقال أو التهجير، فهل على أولئك النساء عدم التجول في الأسواق بمفردهن؟".
وأضافت أن النساء تمارس عليهن شتى أنواع الضغوط جراء ما خلفته الحرب من آثار جانبية جعلت منهن نازحات فقيرات ومهمشات، لتجدن أنفسهن أمام نوع جديد من المعاناة وهي المحرم الشرعي.
ومن جانبها اتهمت روان البرهوم (30) عاماً، مرتزقة "هيئة تحرير الشام" بـ "عدم إيلاء أي أهمية لمساعدة المرأة المعيلة، بل على العكس تماماً، فهي كثيراً ما تحاول عرقلة نجاحاتهن من خلال تتبع حركات النساء وفرض القرارات التعسفية بحقهن".
وقالت إنها فقدت عملها في إحدى المولات التجارية نظراً لوجود موظفين رجال فيه ومعظم الزبائن من الرجال، فعمدت "هيئة تحرير الشام" لتهديد صاحب المحل بالحبس وبغرامة مالية كبيرة إذا تواجد نساء في محله تبيع الرجال أو العكس، فما كان منه إلا أن جعل قسم للرجال وآخر للنساء واكتفى بموظفة وحيدة من خمس موظفات فقدن عملهن "بسبب تعنت الهيئة وتدخلها في شؤون النساء وأعمالهن وعبثها بمصدر رزقهن وقوت أطفالهن".
وبدورها علقت المرشدة النفسية والاجتماعية علا البريمو (40) عاماً على سياسة "هيئة تحرير الشام" فيما يخص النساء قائلةً "تعيش النساء في إدلب حالة من التخبط حيال أدوارهن الاجتماعية والاقتصادية، وسط قمع ملحوظ على الحريات الشخصية".
وأشارت إلى أن المرأة تحيط بها تحديات كبيرة، تبدأ بالمخاطر الأمنية وتنتهي بالتضييق الاجتماعي الذي يسعى لتقليص دورها وحضورها الفاعل، منددةً بالسياسات المتشددة المتبعة والتي تجعل النساء مقيدات بأحكام تفرضها الهيئة باسم الشريعة، تفرض عليهن الملابس الشرعية وحظر الاختلاط بين الجنسين في مختلف مجالات العمل أو الحياة اليومية في الأسواق دون وجود محرم، ما يفقدهن الكثير من الفرص ومصادر الدخل ويجعلهن عرضة للتهميش والعزلة.