النساء اللواتي حرمن من تعلم لغتهن يمنحن فرصة جديدة

ما بين الحظر على اللغة وظروف الحرب منعت النساء من تعلم لغتهنَّ الأم فمع استقلال سوريا عام 1946 وتحولها لدولة قومية بدأ الحظر على اللغة الكردية

نورشان عبدي 
كوباني ـ ، ضمن سياسة تعريب البلاد، ورغم حصول الكرد على حقوقهم الثقافية ضمن الإدارة الذاتية منذ ثورة روج آفا إلا أن الحرب والاحتلال حرما النساء من استكمال تعليمهنَّ. 
منذ اندلاع ثورة روج آفا في 12 تموز/يوليو 2012 أصبح بإمكان جميع الكرد في شمال وشرق سوريا ومن كافة الفئات العمرية الذهاب إلى المدارس لتعلم لغتهم الأم التي حرموا منها لعقود، ويعمل اليوم المتخرجين من معاهد اللغة على تعليمها في المدارس. 
في قرية خربيسان شرقي مقاطعة كوباني انضمت لدورة محو الأمية للغة الكردية التي بدأت في 20 حزيران/يونيو 19 طالبة منهن أمهات وأخريات شابات تتراوح أعمارهن ما بين (15 ـ 40) عاماً.
 
 
لم يمنع الأطفال وأعمال المنزل فيدان محمد (33) عاماً من الانضمام لدورة اللغة الكردية، تقول عن هذه التجربة "أتيحت لنا الفرصة لنتعلم لغتنا، فساعتين من يومي لن تؤثر سلباً على أبنائي بل على العكس سأكون قادرة على مساعدتهم في الدراسة".
وحول تنظيم وقتها ما بين المسؤوليات المنزلية وتعلم اللغة قالت "أعيش في القرية وعمل المرأة في القرى يكاد لا ينتهي من تربية الحيوانات والزراعة وغيرها، إضافةً لتربية الأطفال لكنني مصرة على التعلم ولذلك استطعت تنظيم وقتي بين العمل والدراسة"، وأضافت "لدي أربعة أطفال أترك ثلاثة منهم في المنزل وأحضر معي طفلي الصغير".  
وعن الفوائد التي تحققت من دورة اللغة بينت "لقد تعلمنا الكثير... من قبل لم أكن أعرف كيف أحمل القلم، أما الآن فأستطيع الكتابة والقراءة، وتعلمت الحروف الكردية وعددها 31 حرفاً، اليوم عندما أذهب للمدنية أستطيع قراءة اللافتات والكتابات في الشوارع والطرقات". 
وعن هدفها من تعلم لغتها رغم مرور هذه السنوات قالت "انضممت للدورة لكي أتقن اللغة حتى أتمكن من تعليم أطفالي عندما يذهبون للمدرسة... لغتنا هي هويتنا من أجل ذلك يجب علينا الحفاظ عليها ويجب على كل الأمهات والشابات الاستفادة من هذه الفرصة بشكل جيد". 
لا يخلو أي عمل من الصعوبات وإن اختلف بين شخص وآخر، تقول فيدان محمد عن ذلك "في البداية واجهت صعوبات لأنني انقطعت عن الدراسة لسنوات وهذه اللغة جديدة عليَ لكن بعد معرفتي بكيفية كتابة الحروف أصبح الأمر سهلاً. المهم هو الاستمرار والمتابعة لينجح الأمر".  
 
 
أما غالية علي (18) عاماً وهي من مهجري تل أبيض/كري سبي الذين نزحوا نتيجة الاحتلال التركي لمدينتهم في تشرين الأول/أكتوبر 2019، قالت "لم أتمكن من التعلم بسبب الحرب ففي عام 2014 عندما هاجم مرتزقة داعش كري سبي نزحنا إلى شمال كردستان، ونزحنا مرة أخرى عندما احتلت تركيا مدينتا". وأضافت "انتقلنا للعيش هنا وفور سماعي بافتتاح دورة لتعلم اللغة الكردية انضممت إليها".
وعن أحلامها التي ضاعت خلال سنوات الحرب قالت "منذ صغري وأنا أطمح أن أصبح محامية لكن الظروف التي مررنا بها كادت تفقدني الأمل بتحقيق ذلك، لكن الدورة منحتني فرصة جديدة لأحقق حلمي".
وعن الصعوبات التي تواجهها كونها منقطعة عن الدراسة منذ سنوات بينت "عندما تدرس بمحبة ليس هنالك أي صعوبات. بعد اليوم أستطيع مساعدة أخوتي في حل وظائفهم المدرسية، فحين يسألونني سأتمكن من أجابتهم".
 
 
تقول معلمة اللغة الكردية أمينة مصطفى (25) عاماً "هذه الدورة افتتحت من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي لمجلس ناحية شيران بالتنسيق مع هيئة التربية بهدف تعليم الأمهات والشابات اللواتي لم تسمح لهن الظروف تعلم لغتهنَّ".
وحول الصعوبات التي واجهتها بينت أنه "في الأيام الأولى واجهنا بعض العقبات؛ لإن النساء اللواتي انضممن للدورة ليست لديهم أي فكرة عن الدراسة والتعليم ولكن مع الوقت ومع إصراراهن على تعلم لغتهن تمكن من تخطي تلك الصعوبات".   
وعن مستوى المشاركات بالتدريب قالت "مع الاهتمام تحسن مستوى الطالبات فكل واحدة منهنَّ يمكنها القراءة والكتابة باللغة الكردية"، وأضافت "يجب الاستمرار بافتتاح دورات اللغة خاصة في القرى التابعة لكوباني؛ لإن نساء القرى لا يمتلكن فرصاً كالنساء في المدينة".
وتستمر حملة تعليم اللغة الكردية بافتتاح دورات في العديد من القرى الشرقية التابعة للمقاطعة.