النادي النهاري يسلط الضوء على أوضاع المسنات في غزة

يعمل النادي النهاري على إعادة دمج النساء الكبيرات في السن في المجتمعات وتحقيق الاكتفاء الذاتي لهن في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة في سعيها لمنحهن حياة كريمة.

نغم كراجه

غزة ـ شددت عضوات النادي النهاري في غزة الذي يعد ملجأ المسنات، على ضرورة تكثيف الجهود واحتواء المسنات وتسليط الضوء على احتياجاتهن ومتطلباتهن لإعادة دمجهن في المجتمع وتحسين أوضاعهن الاقتصادية.

يعتبر النادي النهاري الملاذ الثاني للنساء المسنات كونه يضم كافة المجالات الحياتية، ويسعى إلى النهوض بواقعهن وأوضاعهن وتعويضهن عن حقوقهن المنتزعة منذ عقود طويلة، وإعادة دمجهن في المجتمعات وتحقيق الاكتفاء الذاتي لهن في ظل سوء الوضع الاقتصادي.

تقول منسقة المشاريع في النادي النهاري في جمعية رعاية كبار السن نادية الهشيم، أن الجمعية تأسست عام 1980، وتعمل حالياً على تقديم الخدمات للنساء المسنات، وذلك من خلال زوايا عدة منها زاوية تعليم محو الأمية، وزاوية للتطريز والأشغال اليدوية.

وأشارت إلى أنهن تحاولن دمج النساء الكبيرات في السن في المجتمع المحلي على كافة الأصعدة باعتبار الجمعية هي مركز الإيواء الوحيد الذي يحتويهن ويلبي احتياجاتهن على شتى المستويات، مبينةً أن تردد النساء على الجمعية أصبحت مهمة يومية؛ لمشاركة مثيلاتهن الحديث مما يساعد على تغيير الأوضاع النفسية لهن.

ويشكل النادي النهاري للنساء الكبيرات في السن البيت الثاني، حيث يتم تخصيص ثلاث أيام في الأسبوع لهن، تقوم انشطته بناءً على توصيات الأطباء وفق آليات واستراتيجيات معينة"، مشيرةً إلى أن النادي يضم العديد من الانشطة من أهمها محو الأمية، للنساء للواتي لم يحالفهن الحظ باستكمال مراحل التعليم الأولى، فالكثيرات منهن لا تعرفن القراءة والكتابة وجاء هذا النشاط لتعليمهن من الصفر ضمن دورات تأهيلية مبسطة بهدف تسهيل الحياة وسبل التواصل لهن "جزء من المسنات أصبحن على دراية بالقراءة والكتابة وتتمكنّ الآن من قراءة الجرائد والصحف ومتابعة الأخبار".

وعددت الأنشطة والدورات التدريبية التي تنفذها الجمعية للنساء على وجه الخصوص منها التطريز والخياطة، وقسم محو الأمية، وورش تثقيفية، إلى جانب ذلك توفير أجهزة ومعدات رياضية تناسب أعمار النساء الكبيرات في السن بهدف ممارسة الرياضة وتجديد طاقاتهن وإعادة روح الحياة لهن "حاولنا منحهن الفرصة في الرسم والتخطيط من باب إظهار إبداعهن".

وأضافت "استطعنا إدخال برامج التمكين الاقتصادي ضمن أنشطة النادي النهاري مثل دورات التطريز والخياطة، فالبعض منهن تحترفن الحياكة والتطريز والبعض الآخر احترفن تصنيع المشغولات اليدوية، كما المنتجات التي تصنعها المسنات يتم ترويجها من خلال المعارض من أجل حصولهن على مردود مادي لتحقيق مبدأ الاكتفاء الذاتي لهن"، مشيرةً إلى أن فكرة خلق مصدر دخل لهن أعاد لهن الحياة من جديد حيث أصبحن تعملن بشغف وعزيمة دون ملل أو نفور، حيث أن الطاقم الإداري للنادي معظمهن من المسنات".

ولفتت إلى أن سوء الأوضاع الاقتصادية في القطاع شكّل عائقاً أمام فكرة تسويق المنتجات وباتت القدرة الشرائية لدى الأفراد ضعيفة إلى جانب ذلك قلة تمويل المشاريع الاقتصادية ومحدودية الدخل.

وتابعت أن المسنات تجبرن على تتبع الحياة التقليدية والنمطية وهي التزامهن في المنزل وعدم الخروج منه إلا في حالة الطوارئ، "حاولنا تغيير العادات والتقاليد البالية التي لا تزال بعض المسنات تلتزمن بها بعد أن تربين عليها لسنوات طويلة، ومنحهن فرصة المشاركة في البرامج المتنوعة كنوع من الرعاية والاهتمام".

وعلى الرغم من الطاقة الإيجابية للنساء المسنات إلا أن هنالك مجموعة من التحديات التي تواجههن منها سوء الوضع المادي الذي يمنعهن التردد إلى زيارة الجمعية نظراً لعدم توفر تكلفة المواصلات، بالإضافة إلى الإهمال الصحي حين لا تستطعن شراء الأدوية اللازمة، ومن الصعب التبرع ببعض العلاجات بسبب غلاء ثمنها.

وأشارت إلى أن الخطة الاستراتيجية القادمة هو توسيع نطاق البرامج والأنشطة حتى تستطيع المسنات أخذ خطوة أكبر نحو المجتمع، "أتمنى أن تسعى المسنات إلى تطوير ذاتهن والتركيز على أوضاعهن الاجتماعية والثقافية والصحية حتى تستطعن التأثير الإيجابي في الأسرة والبيئة المحيطة".

من جهتها عارضت المعلمة يسرا مطر "فكرة أن تبقى الكبيرة في السن ملقاة على سريرها لا تفقه شيء نظراً لأن العادات والتقاليد كانت مسيطرة تماماً منذ عقود طويلة وحتى اليوم وحرمت غالبية النساء من ممارسة حقوقهن خاصة حق التعليم والعمل، فالكثيرات منهن لا تعرفن الحروف حتى".

وأوضحت أن تفاعل الكبيرات في السن مع أنشطة النادي النهاري يجعلها قادرة على تكوين العلاقات الاجتماعية مع مثيلاتها مما يشجعهن على الخروج من منزلهن؛ لرؤية بعضهن وتبادل الحديث إلى جانب تطوير إمكانياتها ودمجها في مجالات المجتمع.

فيما قالت فايزة أبو سيدو البالغة من العمر ٦٧ عاماً "انتسبت للجمعية منذ عشر سنوات بعد أن داهمني الملل في منزلي وتشابهت أيامي، واحترفت التطريز والخياطة إلى أن أصبحت أعطي دورات تدريبية لمثيلاتي في الجمعية"، مشيرةً إلى أنها تمكنت من إيجاد مصدر دخل لها في ظل سوء أوضاع أسرتها.

ولفتت إلى أن الجمعية تعمل على ترويج منتجاتها من خلال المشاركة في المعارض "الآن لدي زبائني وأعمل حسب طلب الأفراد، تغيرت حياتي جذرياً بعد تطوير خبراتي في الجمعية والانشغال في التعلم"، مشيرةً إلى أن غالبية النساء كبار السن حرمن من ممارسة حقوقهن في مقتبل أعمارهن وانتسابهن للجمعية كانت الفرصة للبدء من جديد.