الموت يحوم حول خيام نازحين على شاطئ بحر غزة

مع قدوم فصل الشتاء والمنخفضات الجوية المتلاحقة سيشهد النازحين في غزة بالمنطقة التي حددتها القوات الإسرائيلية بالآمنة، كارثة ستؤدي بحياة الآلاف منهم خاصة الأطفال والنساء.

رفيف اسليم

غزة ـ ينصب النازحين خيامهم في جنوب قطاع غزة على شاطئ البحر بفعل تكرار الهجمات العسكرية البرية التي دمرت ما يقارب 70% من المباني والبنى التحتية هناك، حيث من المرجح أن التيارات البحرية والسيول ستسحب تلك الخيام أو تجرفها.

الحرب المستمرة بين القوات الإسرائيلية وحركة حماس منذ الـ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أودت بحياة ما لا يقل عن 42559 مدنياً، ونزوح ما لا يقل عن 1.9 مليون من سكان غزة بالبالغ عددهم 2.2 مليون نسمة.

قالت مهندسة الجيولوجيا سها أبو شعبان أن العديد من النازحين في جنوب قطاع غزة قد اضطروا للجوء إلى المناطق الغربية من القطاع ونصبوا خيامهم هناك، أي على خط الساحل مباشرة، كونها منطقة صنفتها القوات الإسرائيلية بالإنسانية، بعد تكرار مرات النزوح وكثافة العمليات البرية التي تكاد لا تتوقف خاصة بمنطقتي خان يونس ورفح.

ولفتت سها أبو شعبان إلى أن البنية التحتية بمنطقة جنوب قطاع غزة غير مؤهلة لاستقبال ذلك العدد الهائل من النازحين، ويضاف لذلك عمليات القصف والتدمير الممنهج التي قامت بها القوات الإسرائيلية مدمرة غالبية المباني والبنى التحتية هناك، مما خلق أزمة حقيقة في التعامل مع الموقف وتوفير مناطق تستوعب نازحي الشمال وسكان المناطق الجنوبية الذين هُجروا قسراً من بيوتهم بفعل العمليات البرية.

ونوهت إلى أن النازحين نصبوا خيامهم على شاطئ البحر والجروف البحرية وهم لا يدركون أن تلك الجروف قد تنهار قبل قدوم فصل الشتاء بفعل حركة السكان وأنشطتهم، وغياب الخبراء للقيام بالدراسات القائمة على عمليات المسح الميدانية لمعرفة مدى احتمالية صمود ذلك الجرف قبل سقوطه بالخيام القائمة عليه.

ووفقاً لسها أبو شعبان، يضاف لما سبق السيول التي ستجرف الخيام من الجهة الشرقية ساحبة معها النساء والأطفال والمتاع، منوهةً أنه من الممكن حدوث تلك الواقعة في منتصف الليل وفي هذه الحالة لن يكون هناك فرق إنقاذ قادرة على انتشال الغرقى، لذلك يجب التنويه لإبعاد الخيام مسافة 5 أمتار على الأقل كي يتم تفادي جزء من تلك الكوارث.

وحذرت من أن منطقة كواسر الأمواج والألسنة البحرية والارتفاعات البحرية المقدرة بـ 50 متر عن مستوى سطح البحر تشهد تكدس لتلك الخيام، لذلك يجب على مصلحة بلديات الساحل أن تغلقها بشكل تام في أوقات المنخفضات الجوية وتمنع وصول المواطنين إليها حرصاً على سلامتهم، مضيفةً أن المد البحري سيشكل خطراً محدقاً.

وأضافت أنه على الرغم من أن الجهود الخجولة التي تقوم بها مصلحة بلديات الساحل في منطقتي شمال وجنوب قطاع غزة لاستقبال فصل الشتاء من خلال تنظيف المصارف من النفايات الصلبة والركام، فإنه مع أول موجة أمطار ستعود لجرف الركام إلى المصارف، بالتالي ستتبدد تلك الجهود، منوهةً أن القطاع بحاجة ماسة إلى آليات ومعدات خاصة ووقود لتسهيل عمل البلديات.

وأوضحت أن بركة الشيخ رضوان في شمالي قطاع غزة وصل منسوب المياه العادمة داخلها لـ 70%، والتي ستُغرق المنطقة المحيطة بها بفعل تدمير أنابيب الصرف الصحي والخط الناقل بين البركة والبحر، وبالتالي لن تستطيع البلدية تجفيف هذه المياه بسبب نقص الوقود والمعدات، مشيرةً إلى أن تلك البركة تقع حولها عدد من مراكز الإيواء التي تضم نازحين بالتالي هم مهددين بتشكل بؤرة تلوث عالية وموجة من الأمراض في ظل عدم توافر الأدوية بالقطاع المحاصر.

وأشارت إلى أن البلديات الآن توجه نداءات للنازحين في شمال وجنوب القطاع بضرورة الابتعاد وإخلاء المناطق المنخفضة كوادي السلقا والمجاري المائية الأخرى ومناطق تجمع المياه كبركة الشيخ رضوان، والمباني ذات الأضرار الجسيمة خشية سقوطها، بالإضافة إلى التبليغ عن تلك المناطق لمحاولة التعامل معها قبل دخول فصل الشتاء، مستدركة أن تلك الجهود لن تكفي دون تدخل المؤسسات الدولية لإنشاء أرضية تقيهم السيول.