الموروثات المجتمعية البالية تحرم المرأة من حقوقها كإنسان

تقول المحامية والمدافعة عن حقوق المرأة سامية رنجبر "رغم أن النساء اليوم أقل استعداداً لقبول القمع والعنف، إلا أننا ندور في حلقة مفرغة لأن قوانين حقوق المرأة كتبها الرجال".

جينو درخشان

سنه ـ تزايد عدد النساء المستقلات اقتصادياً، فضلاً عن زيادة الوعي بحقوقهن، أدى إلى زيادة عدد اللواتي ترفضن الاستمرار في زيجات غير مناسبة لهن وقد أشارت الإحصائيات العالمية إلى ارتفاع نسبة الطلاق حول العالم.

تضطر المرأة إلى التنازل عن حقوقها بسبب عدم قدرتها على إثباتها جراء القوانين المناهضة لحقوق المرأة ويعتبر العنف ضد المرأة قضية تثار باستمرار، إلا أن خطوات منعها في صياغة القوانين بطيئة للغاية.

وتعتمد قوانين الطلاق في إيران على الفقه الإسلامي ويجب أن يكون قرار الطلاق ضمن اختصاص محكمة الأسرة، ولا يمكن الطلاق إلا بإرادة الرجل، ويتم تطبيق القوانين المناهضة للنسوية في البلاد منذ سنوات، وتتعرض النساء دون أي حماية من القانون لأشد أشكال العنف سواء في الأسرة أو في المجتمع.

 

"قوانين الطلاق هي مثال واضح على القوانين الكارهة للنساء"

ذكّرت المحامية والمدافعة عن حقوق المرأة سامية رنجبر بالقوانين القائمة في إيران وقالت إنه يمكن رؤية التمييز في جميع المجالات الاجتماعية، وعدم المساواة في حق الطلاق هو أحد الأمثلة الواضحة على هذه الحقيقة "وفقاً للمادة 1130 من القانون المدني على المرأة، لكي تحصل على حق الطلاق، أن تثبت أن استمرار الزواج يصعب عليها حياتها حتى يسمح لها بالطلاق، كما أن المادة 1105 من القانون المدني تؤكد أن علاقة الزوجين علاقة رئيس ومرؤوس، وتخضع جميع الحقوق الأساسية والحقوق المدنية للمرأة للزوج".

وبينت أن "هذه القوانين مثال واضح على مناهضة النسوية الموجودة في إيران، وبعد سنوات عديدة من سنها واحتجاجات النساء ضدها، لم يتم إجراء أي تغييرات، وبمجرد أن يواجه الزوجان نزاعاً، يسيء الرجل للمرأة ويستخدم القانون لمنع المرأة من الخروج أو يحرمها من حق الطلاق وحضانة الطفل، وبسبب الثقافة السائدة الكارهة للنساء والأفكار التقليدية للمجتمع، فإن النساء تضطررن للتفكير في الطلاق عندما تتعرضن للإهانات والقيود الاجتماعية والاقتصادية بعد الطلاق".

ما إن ينتهي العنف القانوني باتخاذ المرأة قرار الطلاق يبدأ العنف المجتمعي، بهذه الكلمات عبرت سامية رنجبر عن العصوبات التي تعاني منها المرأة "من أهم المشاكل الاجتماعية التي تعاني منها المرأة المطلقة النظرة الدونية والشعور بالمراقبة المستمرة، والتحرش المتكرر من الزوج السابق، وقد أدى عدم كفاية دخل المرأة لتلبية احتياجاتها واحتياجات أطفالها إلى مواجهة هذه الفئة من النساء حرماناً اقتصادياً شديداً، كما يعتبر التأثير على مشاعر الأطفال وعواطفهم، وكذلك الشعور بالاكتئاب لدى النساء، من أهم النتائج النفسية للطلاق، خاصةً في مجتمعنا، بالاعتماد على ثقافة اللحى البيضاء، تضطر النساء إلى العودة إلى المنزل احتراماً للتقاليد والعائلة مما يؤدي إلى زيادة عدد جرائم القتل والانتحار".

ولفتت إلى أن "قوانين وتقاليد المجتمع أجبرت المرأة على التخلي عن حقوقها وترك المجال للرجال رغم أنها اليوم أقل استعداداً لقبول القسوة والعنف لما وصلت إليه من وعي لكنها تظهر كمذنبة وسيئة في المجتمع لأن قوانين حقوق المرأة كتبها الرجال".

 

"يُنظر إلى الطلاق على أنه فشل في الحياة الشخصية"

وتقول سمية رنجبر عن تغيير القوانين والتحذير منها "للرجال الحق في اتخاذ قرارات بشأن القضايا المهمة المتعلقة بالمرأة وفي وقت زواجهم وطلاقهم، أو متى وكيف وعدد مرات إنجابهم للأطفال أو تعليمهم، وعمل الزوجة خارج المنزل يقرر من جانب واحد. جميع المجتمعات بدرجات متفاوتة، لديها تلك الضوابط القانونية والسلوك الاجتماعي التي يتم طرحه للحفاظ على هيمنة الرجل، وأعتقد أنه من الضروري أن نكرر لبعضنا البعض قائمة الحقوق التي لا نملكها من حين لآخر، حتى لا يصبح الأمر عادياً بالنسبة لنا. لقد أصبح الحرمان من بعض الحقوق أمراً روتينياً وطبيعياً بالنسبة لنا لدرجة أننا نكاد نتقبل عدم وجوده، وباستثناء الاحتجاجات العرضية، لم نتمكن أبداً من تحويل طلب تغيير هذا التمييز المخزي إلى مطلب عام، وللأسف العديد من النساء، تحت تأثير التقاليد والتعاليم التي تلقينها من حكومة أيديولوجية في العقود الأربعة الماضية، ولا تظهرن رغبة في تغيير هذه القوانين وأصبحن أنفسهن متواطئات مع النظام، وما زالت المعاناة من هذا التمييز تلقي بظلالها على حياتهن ربما لن يفهموا أبداً السبب الذي جعلنا نقول لسنوات عديدة أنه يجب تغيير القواعد، ولا يزال أغلب الرجال يعتقدون أن هذه الكلمات مبالغ فيها وتضخيم لحال المرأة".

وبينت أنه "لقد تعلموا الحديث عن حقوق المرأة فقط، لكنهم يشتكوا من ذهاب الرجال إلى الجيش ويشيرون إلى سجناء المهر ويقولون إن معظم عائلاتنا تهيمن عليها النساء، والرجال ليس لديهم أي سلطة! إن الجدال مع هؤلاء الأشخاص، لن يؤدي إلى أي شيء، فهم لا يعرفون ما هو شكل المعاناة اليومية التي نعانيها عندما نتحدث عن التمييز. إن المعتقدات والموروث المجتمعي يحرمان المرأة من حقوقها كإنسان، وكأنها هي التي تتحمل خطيئة انهيار المركز المقدس للأسرة، وعادة ما ينظر إلى الطلاق على أنه فشل في الحياة الشخصية، وخاصةً بالنسبة لبعض النساء، يعتبر الطلاق كارثة، لكن نساء اليوم تفضلنه على تحمل قيود وضغوط الحياة الزوجية التي تدوس على كرامتهن".

واختتمت سامية رنجبر حديثها بالتأكيد على ضرورة إلغاء الطلاق بالإرادة المنفردة للرجل قائلةً إنه "ما يزال يمكن للرجال بسهولة تطليق المرأة بكلمة واحدة، لكن يجب على المرأة أن تثبت لمختلف السلطات أنها وصلت إلى طريق مسدود في الحياة. القانون، الذي لم يتغير منذ قرون، لم يضع سوى طرق قليلة أمام المرأة ويجب عليها أن تثبت أن الزوج مريض أو غير مؤهل جنسياً، ويسيء معاملتها ويعنفها وغير قادر على إعالة الأسرة، إضافةً لوجود شهود على ذلك أمام المحكمة العقلية التقليدية للمجتمع لا تريد أن تفهم أن المرأة التي تمر بكل مصاعب الطلاق لا بد أن تموت في بيت زوجها، وبدلاً من مساعدتها تعاني تحت كل أشكال الضغوط والإهانات".