المرأة والتراث في لوحات وأشعار الفنانة حياة القاسمي
تعتبر الفنانة التشكيلية والشاعرة حياة القاسمي التي تسعى من خلال كتابة الشعر إخراج المشاعر التي تخالجها، أن الإبداع هو تحقيق لذات المرأة.
نزيهة بوسعيدي
تونس ـ أكدت الفنانة التشكيلية والشاعرة حياة القاسمي، التي استحوذت المرأة وقضاياها والتراث والعادات والمواقع والحرف والمعالم على حيز من لوحاتها ومجموعاتها الشعرية، على أن الإبداع هو تحقيق لذات المرأة، ويترجم المشاعر التي تخالجها.
كان للأرض أثر كبير في صناعة شخصية الفنانة التشكيلية والشاعرة حياة القاسمي، فوالدها كان من كبار الفلاحين بمحافظة باجة الموجودة بالشمال الغربي التونسي، فرض عليها منذ الصغر القيام بالأعمال الفلاحية شأنها شان بقية العمال فكانت تعمل في الحقل وترعى الأغنام وتدرس في آن واحد، وسرعان ما يلاحظ المتأمل في لوحاتها يرى انعكاس الطبيعة والمكان والآثار والتراث على رسوماتها وكذلك في كتابة قصائدها.
وعن اللحظات التي عبرت عنها في ديوانها "عشق تحت المطر" تقول "لشدة ارتباطي بالأرض التي لم يبقى أحد سواي يعتني بها من أفراد عائلتي الذين فقدتهم الواحد تلو الآخر، اشتريت منزلاً بالقرب من تلك الأرض وجعلته مقراً لجمعيتي "جسور الإبداع"، حتى أنه من شدتي تعلقي بتلك الأرض كتبت ديواناً تحت عنوان "عشق تحت المطر" فعندما كانت تمطر كنت أشعر بسعادة كبيرة، حيث كانت تفوح رائحة التراب العطر".
وأوضحت أنها استطاعت التوفيق بين عملها في مجال الفن وإدارة عائلتها، من خلال تنظيم الوقت الذي تعلمته منذ الصغير، مشيرةً إلى أنه بفضل ذلك استطاعت أن تنجز العديد من الرسومات واللوحات، كما أنها تملك 5 مجموعات شعرية كتبتها خلال مسيرتها التي دامت 40 عاماً منها "مسيرتي" و"سيمفونية الحياة" و"حنين".
واهتمت في رسوماتها بالتراث والعادات والمواقع والحرف والمعالم، مشيرةً إلى أن معظم لوحاتها تظهر معالم مدينتها باجة على غرار القصبة وسيدي بن عيسى، ورسمت التقاليد الباجية من "العولة" و"الحنة" وعرضت الكثير من اللوحات بأروقة قاعة الأخبار بالعاصمة "أول معرض قمت به في مسيرتي كان في معهد باجة، لقد قدمت خلالها 30 لوحة تحت عنوان "باسمك يا فلسطين"، وقد تبرعت بإحدى اللوحات، كما أنني رسمت حوالي 30 لوحة تسلط الضوء على الألعاب التراثية".
وكانت قد شاركت الفنانة التشكيلية بأربعين لوحة فنية مختلفة الأحجام في معرض "أنين أفريقيات" مسلطة الضوء فيه على المرأة وقضاياها.
وقد حولت منزلها الذي يضم حوالي 20 غرفة ويحمل تاريخاً طويلاً من تعاقب الحضارات إلى مكان لتمكين العاطلات عن العمل، وتعليمهن مهارات تساعدهن في الترويج لمنتوجاتهن الحرفية.
وحول الكتابة النسوية في ظل تعدد الاسماء توضح "لا فرق بين الكتابة النسوية وغيرها من الكتابات أي لا فرق بين الجنسين في تناول الأدب، فالكتابة فرض للذات والإبداع لتحقيق ذات المرأة، لا أستطيع التقييم لأني لست ناقدة" مشيرةً إلى أن الدور الـ 37 من معرض تونس الدولي للكتاب الذي نظم في نيسان/ابريل الفائت، كان مميزاً حيث كانت هناك مشاركة كبيرة وحضوراً للنساء على اختلاف الأعوام السابقة.
وعن الفرق بين الكتاب الورقي عن الإلكتروني تقول "لقد واكبت محاضرة حول الكتاب الرقمي والكتاب الورقي، وتبين لي أن الناس يميلون في الآونة الأخيرة للكتب الرقمية إثر ارتفاع أسعار الكتب الورقية، فنحن نعيش أزمة مطالعة"، لافتةً إلى أنه "عندما كنا صغاراً كنا نهتم بالكتب كثيراً وأنا شخصياً لم أكن أشعر بالارتياح عندما كان يمر علي يوم دون قراءة كتاباً، لا أحب الكتب الرقمية فلا يمكن أن تعوض عن الكتب الورقية أبداً".