المرأة المنظمة والحرة هي الضمان لبناء مجتمع أخلاقي وسياسي
تعتبر الحماية الذاتية والتنظيم بالنسبة للنساء وسيلة هامة لحماية المرأة لنفسها من النواحي السياسية والفكرية والعسكرية والاجتماعية والجسدية.

نورشان عبدي
كوباني ـ في القرن الـ 21 تتعرض النساء لمختلف الانتهاكات والاعتداءات وهن أكثر من يتم استهدافهن، لذلك تعد الحماية الذاتية بالنسبة لهن من الركائز الأساسية وقضية محورية وجوهرية وأساسية في مسيرة نضال تحرير المرأة.
الحماية الذاتية ليست فقط ضد الهجمات العسكرية أو الجسدية بل هي ضد العنف الأسري والمجتمعي الممارس بحق النساء وضد الاستغلال الجنسي والاقتصادي ولحماية الإرث الثقافي للنساء عبر التاريخ، فالمرأة وفقاً لأفكار القائد عبد الله أوجلان كانت أول مستعمرة في التاريخ، فهي أول من فقد حريته وقراره الذاتي مع نشوء النظام الأبوي والدولة القومية.
وهذا يعني أن الحماية الذاتية للمرأة ليست خياراً ولكن ضرورة لحماية وتحرير النساء لأنفسهن وذاتهن من القمع والعبودية الممارسة عليهن منذ آلاف الأعوام، فالحماية الذاتية التي هي ضمان لاستمرار نضال النساء أيضاً هي ضمان لتحرير المجتمع ككل، وهذا الشيء واضح في دور المرأة الريادي خلال ثورة 19تموز، وإنشاء قوة خاصة لحماية النساء في إقليم شمال وشرق سوريا.
"بتمكين الحماية الذاتية للنساء سيتم القضاء على العبودية"
وعن أهمية الحماية الذاتية بالنسبة للنساء قالت الإدارية في حركة الهلال الذهبي في مدينة كوباني كوردة خبات "موضوع الحماية الذاتية بالنسبة للمرأة هام جداً لذلك علينا ذكره وتطبيقه بشكل جيد لأننا نشهد فترة نستطيع تسميتها بفترة عداء المرأة في كردستان وسوريا والشرق الأوسط عامةً، ونتيجة هذا العداء قتلوا المرأة من كافة النواحي الثقافية واللغوية وسلبوا حقها في إبداء الرأي والكثير من الحقوق، وخطورة هذه المرحلة تؤكد ضرورة تنظيم وتوحيد رأي وفكر كافة النساء لأن الذهنية الأبوية والفكر المجتمعي يعادي المرأة ويهدف للقضاء عليها وعلى فكرها ورأيها وهويتها".
وأوضحت أن "النظام العالمي السائد في القرن الـ 21 والقوى المهيمنة لهذا النظام تعمل على إنكار إرادة وهوية المرأة، ولذلك فالذهنية الأبوية التي أسست عليها هذه الأنظمة هي ذهنية معادية للنساء ولقضية حرية المرأة وللطبيعة بالتالي، إن هذا النظام معادي لأي أمل ببناء حياة حرة. النظام الحالي في العالم هو نظام للحكم والسلطة والعبودية ويتحكم بكل شيء منذ آلاف السنوات، وللأسف يتم تطبيقه بشخصية المرأة، وبعد المجتمع يطبقون نظامهم على الطبيعة أيضاً".
"بعد المرأة سيتم القضاء على الطبيعة والمجتمع"
وترى كوردة خبات أن الهدف التالي للأنظمة الذكورية العالمية تدمير الطبيعة "في وقتنا الراهن الأنظمة المعادية لحرية المرأة تطبق من خلال قتل النساء وتعنيفهن والقضاء على إرادتهن وإمحاء هويتهن من الوجود، لذلك المرأة في هذه المرحلة تتعرض لحرب مخيفة من كافة النواحي هذه الحرب تمارس بحق المرأة والطبيعة بشكل عميق جداً"، مؤكدةً أن "هدفهم من هذه الحرب القضاء على الطبيعة والمرأة وبالتالي سيقضون على المجتمع بأكمله، وذلك لأن الجسر الأساسي الذي يحمي الطبيعة والمجتمع هو فكر وحرية المرأة".
وشددت على ضرورة الاستمرار في النضال من أجل تحرير المرأة "تواجد حركة تحرر المرأة التي تحارب هذه الأنظمة لضمان حقوق المرأة خطوة هامة وإيجابية، ولكن لكي نستطيع خوض هذه الحرب بشكل أفضل علينا نحن النساء تنظيم أنفسنا كخطوة أولى والبداية تكون من الأسرة إلى العمل والمجتمع لأن الذهنية الأبوية تبدأ بالسيطرة من الأسرة، والأنظمة الحاكمة لن تنظر للنساء فقط بنظرة العبودية ولكنها توجعهن وتكسرهن وإن لم تنظم النساء أنفسهن وتحمين منجزاتهن ستعمل هذه الأنظمة بشكل أوسع للقضاء عليهن، وهذا ما يحصل منذ آلاف الأعوام حتى يومنا هذا".
"بالتنظيم والتوعية ستنتصر إرادة النساء"
ولفتت كوردة خبات إلى وضع النساء في سوريا وبشكل خاص في السويداء ومناطق الساحل "تعيش النساء في السويداء وفي الساحل بعد سقوط النظام وضع مأساوي وتتعرضن للعديد من الانتهاكات والظلم والاستعباد على يد السلطات الحالية".
واعتبرت أن ممارسات الحكومة المؤقتة هدفها "القضاء على إرادة النساء تمهيداً للقضاء على المجتمعين العلوي والدرزي، وقد نجحت الخطة لأن النساء في تلك المناطق ليست لديهن القدرة على حماية أنفسهن، ولم تستطعن تنظيم ذواتهن، على عكس مناطقنا التي لم تتعرض فيها النساء لهذا النوع من الممارسات ولن يستطع أحد كسر أو إمحاء هوية النساء هنا لأننا منظمات وصاحبات قوة تتمثل بوحدات عسكرية نسائية تحمينا من أي هجوم يمارس بحقنا، ولدينا القدرة الجوهرية لحماية ذاتنا".
وأوضحت أن الحماية الجوهرية "ليست فقط أن تحمي ذاتك من الجانب العسكري ولكن أن تحمي المرأة نفسها من العبودية والذهنية في الدرجة الأولى، أي تحمي فكرها وثقافتها ونفسها من الأفكار المجتمعية البالية، ويكون ذلك بتنظيم النفس والعمل على تطوير النساء ضمن مجتمعهن، فمعنى الحماية الجوهرية ليس فقط حمل السلاح".
واختتمت الإدارية في حركة الهلال الذهبي في مدينة كوباني كوردة خبات حديثها بالتأكيد على أن "المرأة التي تهدف لحماية نفسها عليها محاربة الفكر والذهنية الذكورية التي تستعبدها في منزلها وأسرتها، ومن ثم تنتقل لمراكز العمل والمجتمع، وذلك من خلال فكر سياسي وحساس لكي تستطيع تدريب الرجل الذي تعيش معه على احترام المرأة، وأن تعمل على توعية أطفالها بالمساواة بين الجنسين".