'المجتمع ينظر إلى قيادة المرأة للسيارة نظرة جنسية'

يتلقى النساء والرجال أدواراً مختلفة في عملية التنشئة الاجتماعية، حتى سلوك الوالدين الذين لديهم أطفال يتأثر بالقوالب النمطية الجنسانية، ويعتقد العديد من علماء الاجتماع أن القوالب النمطية بين الجنسين هي مصدر عدم المساواة.

هوجين شيخي

سنة ـ تعتبر الأسرة العامل الأكثر أهمية في مأسسة الصور النمطية بين الجنسين، وهذه القوالب تسبب تقسيم العمل على أساس الجنس، حيث لا تزال قيادة السيارة تعتبر وظيفة الرجل في المجتمع الإيراني، ولطالما كانت وجهات النظر المتعلقة بالنوع الاجتماعي أقوى من قيادة المرأة للسيارة، إلى حد أن تجربة بعض النساء تتحدث عن انعدام الأمان النفسي أثناء القيادة.

 

"المجتمع يجعل الجنسين يجدان ميولاً مختلفاً"

تقول الناشطة في مجال حقوق المرأة رويا رجبي إن "القيادة مهارة مكتسبة، لا يختلف الجنسين في الأساس، لكن المجتمع يجعلهم يجدون ميولاً مختلفاً ويقودهم إلى مجالات مختلفة. يبدأ التحيز الجنسي قبل ولادة الطفل، أي أنه بمجرد تحديد جنس الطفل يبدأ التقسيم ما بين الأنثى والذكر، الألوان والملابس والتهويدات وقصص ما قبل النوم والألعاب. يجهزون الطفل للأدوار المتوقعة منه، إذا كنت تعتقد أن الرجال سائقون أفضل، فذلك لأنهم حلموا بأن يكونوا سائقين منذ الصغر. تعد الصور النمطية المتعلقة بالجنسين من أكثر العوامل المؤثرة في إعداد الأطفال لأدوار الذكور والإناث. لذا، فإن النظرة الجنسانية لقيادة المرأة هي أيضاً من نفس النوع، على الرغم من أن القيادة في الوقت الحاضر شائعة جداً بين النساء وقد تمكنّ من القضاء على هذه الصور النمطية، إلا أن لا يزال هناك شعور بعدم الأمان لدى النساء أثناء القيادة بسبب سلوك السائقين الذكور ومضايقتهن".

 

"الرجال أكثر عرضة لحوادث المرور من النساء"

وأضافت "أصل السلوك العدواني هو خلفية ذهنية الرجال الذين يعتقدون أن القيادة هي حقهم الجنسي وعمل ذكوري، ويُنظر إلى السائقات على أنهن معتديات دخلن أراضيهم".

وتشير الدراسات الاستقصائية إلى أن المرأة تلتزم ببعض قواعد وأنظمة المرور أكثر من الرجال، مثل الوقوف خلف الإشارة الحمراء، وتجنب أبواق السيارات غير الضرورية، واحترام حق المرور للمشاة، لكن بعض الرجال يعتبرون التزام المرأة بهذه القواعد نتيجة لخوفهن وضعفهن ومن ناحية أخرى، إذا اتبع السائق الرجل نفس القواعد، فإن ذلك يعتبر علامة على رجولته وحكمته في نظر نفس جنسه.

وقالت رويا رجبي إن دراسة إحصاءات الحوادث المرورية في العديد من دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا وأفريقيا، تظهر أن الرجال أكثر عرضة للحوادث المرورية من النساء، وعلى الرغم من أن حوادث الطرق تحدث في جميع الأعمار، إلا أن السائقين الرجال يمثلون نسبة أعلى من الحوادث في جميع البلدان، مبينة أن الحديث عن قيادة المرأة للسيارة كان ساخناً منذ سنوات، وأصبح أكثر بروزاً منذ أن وضعت النساء مخاوفهن جانباً وانضممن إلى مجموعة السائقين الرجال الذين يجوبون الشوارع منذ سنوات.

ولا يزال الرجال يصرون على أن القيادة هي مهارة "ذكورية" وأن النساء لم تخلقن لركن سياراتهن في شارع مزدحم على الرغم من أن عدد السائقات يتزايد يوماً بعد يوم منذ سنوات، بحسب ما لفتت إليه رويا رجبي.

فالقيادة هي سلوك اجتماعي والامتثال للقانون والنظام هو جزء من مهارات القيادة، ويؤثر سلوك القيادة لدى شخص ما على سلوك القيادة لدى الآخرين بالإضافة إلى ذلك، فهو يهدف إلى النظام والقواعد الاجتماعية. في إيران، يقع حوالي 800 ألف حادث كل عام، مما يؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، ووفقاً لتقارير الشرطة، كان الرجال يقودون السيارات في جميع الحالات تقريباً.

وعن تجاربها تقول إحدى السائقات سروة. م، إن "الشعور بعدم الأمان لدى العاملات، وخاصة النساء اللواتي تقدن السيارة، موجود دائماً. على الرغم من أن نظرة المرأة تغيرت كثيراً وأصبحت تقود السيارة بثقة ومهارة، وحتى نظرة الرجال لقيادة المرأة تغيرت، إلا أن الأمر في رأيي يعتمد على مستوى ثقافة وشخصية كل شخص، لكن في كثير من الأحيان الرجال قد تغيروا".

وأضافت "إن ثقافة عدم حصول المرأة المتزوجة على مثل هذه الوظائف مزعجة للغاية. ما زلنا نتعامل مع حقيقة أنه عندما نقود بسرعة آمنة، فإن السائقين الآخرين يطلقون علينا كلمات بذيئة ويقولون أنه من الأفضل أن تعود إلى المطبخ. ولم تعد قيادة المرأة للسيارة ظاهرة خاصة، بل أصبحت روتيناً يومياً. عندما أتحرك في حارتي، يستمرون في إطلاق البوق من خلفي للإسراع وتغيير المسارات، وإذا لم أتبع لعبتهم، فسوف أتعرض للإهانة، وإذا رافقتهم، فسيتعين عليّ التعامل مع خطر حادث".

ولفتت إلى أنه "تعرضت للإهانة والإذلال ذات مرة أثناء ركن السيارة، وهو أمر لا يستغرق سوى ثواني معدودة، لكن هذا القدر من الوقت يجعل الوضع مختلفاً مع السائق الذكر".

ونظراً لهذه الأسباب والآراء التي يطبقها الرجال على المرأة في المجتمع، ينبغي على النساء أن تبذلن المزيد من الجهود لتغيير هذه المواقف والوظائف السلوكية واللغوية في المجتمع، وخاصة الرجال.