المدارس الإيرانية... التحديات الطبقية والتعليم والحجاب الإجباري والعنف الممنهج

النظام البرجوازي في إيران يقتل الطلاب من أجل مصالحه وأرباحه، ويمارس من خلال المدارس الخاصة، المزيد من الضغوط المالية والنفسية على الطلبة، كما أنه يدفن بصمت الوفيات التي كانت علامة احتجاج على الوضع القائم.

فروزان احمدنیا

في إيران، يرتبط وضع المدارس بتحديات وظروف خاصة، وتنقسم المدارس إلى بنين وبنات، ويتم تطبيق هذا الفصل من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة الثانوية، والحجاب إلزامي في مدارس البنات، ويجب على الطالبات ارتداء الجلباب، وقد تم تعزيز هذه القوانين مؤخراً من خلال إقرار قانون جديد ينص على عقوبات أشد على عدم ارتداء الحجاب.

يواجه التعليم في إيران العديد من التحديات، وأهمها جودة التعليم والعدالة في توزيع المرافق، حيث تواجه العديد من المدارس الحكومية نقصاً في المعلمين والمرافق التعليمية، مما يؤثر على جودة التعليم، وتظهر أوجه القصور هذه بشكل خاص في المناطق المحرومة والريفية، حيث أدى انتشار الفقر في بعض المناطق إلى تسرب العديد من الأطفال.

وتتأثر جودة التعليم في المدارس العامة أيضاً بأوجه القصور هذه، وتظهر نتائج الاختبارات الدولية مثل اختبار TEAMS وPearls أن أداء الطلاب الإيرانيين أقل مقارنة بالمعدل العالمي، وترجع هذه المشكلة إلى نقص موارد التعلم وعدم إمكانية الوصول إلى المرافق التعليمية المناسبة، وبالإضافة إلى ذلك، فإن الوضع الصحي في المدارس العامة مثير للقلق أيضاً، ويعد نقص التثقيف الصحي ونقص المرافق الصحية المناسبة من بين المشكلات التي تواجهها المدارس العامة، ويمكن أن يكون لهذه المشاكل تأثير سلبي على صحة ورفاهية الطلاب.

ومع التسارع نحو الليبرالية في إيران والخصخصة وظهور المدارس الخاصة، أصبح وضع المدارس العامة في إيران أكثر أهمية وتحولت سياسات الحكومة لصالح الخصخصة، وبدأت خصخصة المدارس في إيران في 1981 وتوسعت تدريجياً، وبدأت هذه العملية رسمياً مع إقرار قانون المدارس غير الربحية عام 1988، وكان الغرض من هذا القانون هو تخفيف العبء المالي على الحكومة وزيادة جودة التعليم من خلال مشاركة القطاع الخاص.

وعُرفت المدارس الخاصة الأولى في إيران بعد ثورة 1978 بالمدارس غير الربحية، ومن خلال تلقي الرسوم الدراسية من أولياء الأمور، توفر هذه المدارس مرافق وخدمات تعليمية أفضل من المدارس العامة، ومع ذلك، أدى هذا الاتجاه إلى زيادة عدم المساواة في التعليم، حيث يحصل الطلاب الذين يستطيعون الالتحاق بهذه المدارس على تعليم أفضل، بينما يواجه طلاب المدارس العامة نقصاً في المرافق والموارد، وقد أدت هذه السياسات إلى خلق فجوات طبقية وعدم مساواة تعليمية، وهو ما يمكن رؤيته بسهولة الآن.

كما أدى نمو المدارس الخاصة إلى انخفاض جودة التعليم في المدارس العامة، إذ ينجذب العديد من المعلمين والموارد التعليمية إلى المدارس الخاصة، مما يسبب نقصاً في المدارس العامة، ويتجلى هذا الوضع بشكل خاص في المناطق المحرومة والمهمشة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن التركيز على امتحانات القبول والاختبار في المدارس الخاصة جعل الطلاب يركزون أكثر على حفظ المواد والحصول على درجات عالية، بدلاً من التعلم العميق والمفاهيمي، ويمكن أن يكون لهذه المشكلة تأثير سلبي على قدرات الطلاب التحليلية والإبداعية.

ولقد عمقت البرجوازية الإيرانية الفجوة الطبقية في المجتمع، وفي المدارس وقطاع التعليم، لا تستطيع الطبقات الدنيا من المجتمع إلحاق أبنائها بالمدارس الخاصة التي تتمتع بالكثير من المرافق والمزايا مقارنة بالمدارس الحكومية، لأن الرسوم الدراسية للفصل الدراسي الواحد في هذه المدارس تعادل عدة أضعاف قانون العمل الذي حددته الحكومة للعامل.

وعلى الرغم من أن البرجوازية الإيرانية تنخرط أكثر فأكثر في النهب كل يوم وتتهرب تدريجياً من عبء المسؤولية مثل المدارس العامة التي حولتها إلى منفى لأطفال الطبقة المحرومة في المجتمع وعمال سلطتها المستقبلية وتضيف المزيد من القمع على أكتاف فتيات هذه الطبقة، فرغم أنه في معظم المدارس الخاصة للبنات يكون الحجاب إلزامياً، إلا أن الضغط على المدارس العامة أكبر بكثير مما نتصور.

في المدارس العامة، وبما أن معظم الأطفال والمراهقين هم من الطبقات الدنيا في المجتمع، فإن المشاكل المالية لها تأثير سيء على معنوياتهم، ومن ناحية أخرى، فإن الجمهورية الإسلامية، بإصرارها على أسسها الأبوية، التي تصب في صالح البرجوازية الإيرانية، وبدلاً من حل المشاكل المالية والفجوة الطبقية تضع على رؤوس الفتيات الحجاب لتعلمهن التعايش مع العبودية منذ الصغر، فماذا عن الحجاب أو الانقسام الطبقي أو محتوى التربية الأيديولوجية الفارغة التي هي فقط لصالح البرجوازية والذكورة؟

يعد العنف في المدارس الإيرانية قضية خطيرة لها العديد من الآثار السلبية على الصحة العقلية والجسدية للطلاب، ورغم أن القوانين الإيرانية تحظر أي شكل من أشكال العقوبة البدنية في المدارس، إلا أن التقارير تشير إلى أن هذا النوع من السلوك لا يزال شائعاً، ومع ذلك، فإن هذه القوانين تدعم أيضاً العنف، وخاصة العنف القائم على النوع الاجتماعي، مثل الفصل بين الجنسين في المدارس أو الحجاب الإلزامي.

عوامل مختلفة مثل الفصول المكتظة وطرق التدريس القديمة وعدم وجود مساحة كافية لممارسة الرياضة والترفيه تغذي هذه المشكلة، كما انتشرت ثقافة العنف في المجتمع أيضاً إلى المدارس وتسببت في الاعتراف بالطلاب باعتبارهم الضحايا الرئيسيين لهذا العنف، ويمكن اعتبار الحجاب الإلزامي في مدارس البنات في إيران أحد أسباب العنف النفسي والاجتماعي، قد يشعر بعض الطلاب أن هذا الإكراه تعدي على خصوصياتهم وحرياتهم الفردية، مما قد يؤدي إلى التوتر والقلق وانخفاض الثقة بالنفس.

كما أن الطريقة التي يتم بها تطبيق قواعد الحجاب في المدارس يمكن أن تؤدي إلى العنف اللفظي وحتى الجسدي، وعلى سبيل المثال، قد يتم توبيخ الطالبات اللاتي لا يرتدين الحجاب بشكل صحيح، أو طردهن، أو معاقبتهن، ويمكن أن يكون لهذه الأنواع من العقوبات آثار سلبية طويلة المدى على الصحة العقلية والاجتماعية للطلاب أو قد تؤدي إلى الانتحار، وفي الأيام الأخيرة، وخلال أسبوع، انتحر تلميذان وفقدا حياتهما بسبب العنف اللفظي والجسدي من قبل نائب ومدير المدرسة، الذي عاقبهما وطردهما من المدرسة.

ولم يتم نشر الإحصائيات الدقيقة لحالات انتحار الطلاب في إيران رسمياً، لكن التقارير تشير إلى أن هذه المشكلة آخذة في التزايد، على سبيل المثال، في عام 2014، انتحر 12 طالباً تحت سن 18 عاماً، أيضاً، في السنوات الأخيرة، تم الإبلاغ عن العديد من حالات انتحار الطلاب بسبب القلق الناجم عن المدرسة، والفشل الأكاديمي، والمشاكل العائلية.

وبشكل عام، يعد الانتحار السبب الثالث للوفاة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً في إيران.

ولسوء الحظ، مع انتحار أرزو خاوري وآيناز كريمي بسبب الضغوط التي سببها الحجاب الإلزامي في المدارس، زادت المخاوف بشأن المدارس وحالة الطلاب، تشير هذه الحالات إلى مشاكل أعمق في النظام التعليمي والثقافي في البلاد.

ويمكن أن تؤدي الضغوط الناجمة عن الحجاب الإجباري إلى التوتر والقلق والشعور بالعجز لدى الطالبات، وهذه الضغوط، وخاصة في البيئات التعليمية التي ينبغي أن تكون مكاناً للنمو والتعلم، يمكن أن يكون لها آثار سلبية طويلة المدى على الصحة العقلية والجسدية للطلاب، لكن وسائل الإعلام تحت غطاء إيران الرأسمالية صمتت عن وفاة هاتين الفتاتين دون أي تفسير وتركتهما في غياهب النسيان، لأنه إذا كان الأمر مرضاً، فإنه سيتم الإشارة إلى الرأسمالية والأيديولوجية الأبوية للجمهورية الإسلامية.

في عام 2022، اندلعت احتجاجات واسعة النطاق في إيران، والتي بدأت بمقتل جينا أميني على يد السلطات وسرعان ما انتشرت إلى المدارس والطلاب، وفي هذه الاحتجاجات، نُشرت أنباء عن مقتل 23 طفلاً وطالباً، كما تزايدت أعمال العنف في المدارس، وتم الإبلاغ عن حالات العقاب البدني والمعاملة القاسية للطلاب.

ورافقت هذه الاحتجاجات شعارات مثل " Jin Jiyan Azadî" و"الموت للديكتاتور" وانضم الطلاب أيضاً إلى هذه الحركات، كما أعربت منظمات حقوقية ومؤسسات دولية عن قلقها بشأن أوضاع الأطفال والمراهقين في هذه الاحتجاجات.

ولعب الطلاب دوراً نشطاً في الاحتجاجات وخرجوا إلى الشوارع في العديد من المدن ونظموا احتجاجات في مدارسهم، وكان للطلاب، وخاصة الفتيات، حضور ملحوظ في هذه الحركات، وفي بعض الحالات، هاجمت قوات الجيش والأمن المدارس واعتقلت الطلاب، ووردت أنباء عن هجوم قوات الشرطة بملابس مدنية والباسيج على المدارس واعتقال عدد غير معروف من الطلاب، كما أدت الهجمات الكيميائية ضد مدارس البنات، إلى تعريض الصحة الجسدية والعقلية للطلاب للخطر، وحتى الآن ظلت آثار الهجمات الكيميائية على أجسادهم ويواجهون على المدى الطويل مشاكل أكثر خطورة وحادة، وأظهرت هذه الهجمات ذروة العنف والانتقام الذي تمارسه السلطات ضد الطالبات اللاتي وقفن في وجهه ولم تخجلن أو تخشين منه، لقد كانت الهجمات الكيميائية دائماً بين قوتين مهيمنة لهزيمة القوة المتنافسة من خلال الهجمات الكيميائية ضد الناس، لكن الجمهورية الإسلامية استخدمت الهجمات الكيماوية ضد جماعة لا تملك معدات عسكرية ولا منافسة لسلطتها...!

وهكذا تتعامل الرأسمالية مع الناس عندما تلحق بهم الأذى، ولا فرق بينهم سواء كنت امرأة أو رجلاً، طفلاً أو كبيراً، النظام البرجوازي في إيران يقتل الطلاب من أجل مصالحه وأرباحه، والمزيد من المدارس الخاصة، والمزيد من الضغوط المالية والنفسية، والوفيات التي كانت علامة احتجاج على الوضع القائم تُدفن بصمت.

وعلى الأمهات والعائلات توعية أطفالهن بالإيديولوجية الأبوية وتربيتهم ضد الرأسمالية بعقل قوي ومقاتل، لأن هدف البرجوازية الوحيد هو الحصول على المزيد من الربح ولهذا لن يمرر أي شيء حتى حياة أطفالنا، ومن الضروري أن نتعلم ضده، مثلما يريد أن يجعل أطفالنا يطيعونه منذ الصغر، بتوعية أطفالنا، يجب أن نقطع جذوره بفأس النضال من أجل تحرير المجتمع والمرأة، من خلال تعليم أطفالنا، وهي اللغة التي لا يمكن لأحد أن يأخذها. أطفالنا أكثر قدرة من أي وقت مضى على محاربة الرأسمالية.