المبادرات النسوية الشابة ودورها في تغيير الواقع
تعد المبادرات النسوية الشابة واحدة من الأدوات الفاعلة في مسار الزخم المجتمعي مؤخراً والتي كان لها دوراً بارزاً خلال الأحداث الأخيرة بجانب المؤسسات الكبرى في الضغط بعدد من القضايا التي تمس الفتيات.
أسماء فتحي
القاهرة ـ انتشرت في الفترة الأخيرة عدد من المبادرات الشابة متخذين من مواقع التواصل الاجتماعي منابر لهم باحثين في أعماق المجتمع عمن يجيب على تساؤلات النساء ويمتص حالة الغضب الأخيرة التي فاقمت منها وقائع الاعتداءات المتكررة الأمر الذي جعل الكثيرات ترفضن الواقع وتجتمعن حول مجموعة من الأفكار للتعبير عن رأيهن والضغط لمزيد من المكتسبات للمرأة المصرية.
روجت المبادرات النسوية الشابة لنفسها بكونها خرجت من رحم الأزمات وأنهم يعبرون عن قطاع ليس بالقليل من النساء خاصةً الصغيرات منهن واشتبكوا على الأحداث بقوة واضعين أمام أعينهم مستقبل المرأة ورفض تهميشها وانتهاك خصوصيتها، وبعضها جاء للتعاطي مع أزمات اللاجئات وأخرى وضعن من العنف المبني على أساس النوع الاجتماعي هدفها ومنهم أيضاً من ركزوا على الانتهاكات الجنسية على وجه التحديد وأيضاً من سعوا لإيجاد فرص تمكين اقتصادي للنساء بالعمل التنموي المجتمعي.
وفي ذلك التقرير حاولنا استعراض تلك المبادرات بمحافظة الإسماعيلية وأهم العوائق التي تحول دون قدرتها على العمل طارحين فرصها القوية في الظهور، وكذلك التحديات التي تعمل الفتيات على تجاوزها من واقع المحافظة هي نسبياً صغيرة وفيها عدد من الأزمات المتعلقة بثقافة الوافدين إليها وتنوع انتماءاتهم الفكرية والثقافية كما سنرى لاحقاً.
واقع المبادرات الشابة في محافظة الإسماعيلية
مبادرة "أثر" واحدة من المبادرات الشابة في محافظة الإسماعيلية، والتي تحدثت لوكالتنا مؤسستها غرام وائل عن أسباب سعيها لتكوين مبادرة جديدة وواقع القائم منها، لافتةً إلى أن كثرة المبادرات لها آثار إيجابية على الواقع حيث تفتح الآفاق للشابات بأن تتبنين أفكاراً أكثر مواكبة للواقع وتساعدهن على التأهل لسوق العمل.
واعتبرت مؤسسة مبادرة "أثر" غرام وائل، أن هناك عدد من المبادرات النسوية الشابة بمحافظة الإسماعيلية يأتي في مقدمتها جمعية "صبية" والتي تحتوي على مجموعة عمل من المتطوعين في لجان جزء منها القانوني كما أنها تقدم مجموعة من التدريبات للشابات لرفع الوعي بينهن في قضايا متعددة وغير ذلك من الأمور التي تطور أدواتهم في التعامل مع قضاياهن، بالإضافة إلى وجود نادي الفتاة بمركز شباب الإسماعيلية وهو أيضاً يقوم بتقديم التدريبات، وبالإضافة لمبادرة "بنات أونلاين"، ومشروع "قيم وحياة"، وغيرها من الحراك الهادف لتعزيز حقوق النساء.
ولفتت إلى أن قلة التدريبات وبحثها المطول عن أماكن توافرها جعلها تفكر في إنشاء مبادرة حملت اسم "أثر" تعمل على سد الفجوة بين الفئة الشابة وسوق العمل لإتاحة الفرص للفئة الشابة وفيها أكثر من 20 لجنة لتقديم الدعم في مجالات متنوعة.
تأثير المبادرات الشابة على قضايا النساء
للمبادرات الشابة أثر مباشر في الواقع المحيط لها وذلك لأنها بالأساس تخرج منه وعنه وأفرادها معروفين للمحيطين بهم خاصةً إن كان الحديث هنا عن تلك العملية التي تنتمي وتستقر داخل محافظة خارج نطاق العاصمة وضواحيها.
وأكدت غرام وائل على أن للمبادرات الشابة دور كبير في قضايا النساء وتأثير لا يمكن إغفاله سواء بتقديم الدعم أو المساعدة بالتوعية في بعض الأوقات وتقديم الخدمات المباشرة في فترات أخرى خاصةً إن كان الأمر يتعلق بمصير المرأة التي لجأت إليها وتعرضها لأي انتهاك جنسي كان أو معنوي أو حتى مجرد عنف أسري.
وروت تجربتها في قضيتها وأزمتها مع النيابة العامة قائلةً "كنت بحاجة للدعم حتى تتم الموافقة على تعييني الذي حرمت منه دون مبرر يمكن قبوله، وقدمت لي جمعية "صبية" الدعم القانوني وغيره من المساندة، وانتهت الحملة التي خضتها مدعومة بالمبادرة من إلى صدور قرار بإتاحة دخول النيابة للفتيات ورغم أن القرار تم تنفيذه للدفعة التي تلتني وحرمت من عوائده، إلا أني سعدت أن جهدي لم يهدر وأني تمكنت من إتاحة الفرصة لغيري للاستفادة من الأمر".
دور خافت للجمعيات النسوية
وكشفت غرام وائل أن المشهد من بعيد يكاد يكون خالياً من الجمعيات النسوية ولكنها من واقع تجربتها عندما احتاجت للدعم قررت البحث أكثر حتى وجدت داعمات لها في قضيتها، لذا فهي ترى أن الأمر مازال يحتاج لمزيد من الجهد سواء من قبل الفتيات بالبحث عن أماكن اللجوء إليها أو من المؤسسات والمبادرات كي تكون أقرب لهن أكثر من ذلك.
وترى أن الواقع المحلي مازال في حاجة لإنشاء مزيد من المبادرات والمؤسسات التي تعمل على قضايا النساء لأن القائم منها حتى الآن غير كاف، كما أن الوصول لأهالي الفتيات أصبح ضرورة.
واعتبرت أن التغيير الحقيقي يكمن في التعامل مع الجناة أنفسهم والسعي لضبط سلوكهم بدلاً من قصر الحديث على الضحايا المحتملين أو الفعليين فليس بيدهم من الأمر شيء فقط يحتاجون للدعم، إنما العمل التوعوي بحاجة للتوجيه صوب الذين يحتاجونه أو يستهدف تغييرهم نحو الأفضل.
معوقات وتحديات عمل المبادرات النسوية الشابة
يمكن بمنتهى الأريحية أن يجاب على حجم التحديات التي تواجه الشابات عند سعيهن لعمل مبادرات خاصة بهن بكونها لا نهائية بدايةً من حملات التشويه وصولاً لحرمان الفتيات من التعاطي معها مروراً بالجانب المادي المهيمن على استمرار الأمر أو توقفه.
وأشارت إلى أن أكبر المعوقات التي تقابل المبادرات الناشئة تتعلق بعدم توافر الدعم المالي الكافي لعمل الأنشطة والخدمات التطوعية وتحقيق المستهدف، مضيفةً أن واحدة من المعوقات تتمثل في السن الصغير للفئة الشابة المؤسسة للمبادرات من جهة والمقدمة على التعامل معها من جهة أخرى، وأغلب الشابات خريجات جدد أول ما زلن جامعيات أو حتى تعانين من أزمات حقيقية، وكذلك هناك معوق يكمن في الأهالي أنفسهم لأنهم يخافون على بناتهم من الأفكار الجديدة بشكل عام.