المأوى... أقصى ما تحلم به نازحات إدلب في يوم المرأة العالمي

يمر يوم المرأة العالمي على النساء في إدلب كل عام حاملاً معه حسرات وأحزان لحالهن الذي لم يطرأ عليه أي تحسن حتى اللحظة رغم نضالهن الطويل لتحصيل ولو جزء ضئيل من حقوقهن والعيش حياة طبيعية

سهير الإدلبي

إدلب ـ يمر يوم المرأة العالمي على النساء في إدلب كل عام حاملاً معه حسرات وأحزان لحالهن الذي لم يطرأ عليه أي تحسن حتى اللحظة رغم نضالهن الطويل لتحصيل ولو جزء ضئيل من حقوقهن والعيش حياة طبيعية.

بابتسامة ساخرة قالت ريم جواد (٣٠) عاماً أن يوم المرأة العالمي لا يعني لها شيئاً وخاصةً في ظل الأوضاع الصعبة التي ما زالت تعيشها منذ أكثر من عشر سنوات من الحرب.

وأوضحت ريم جواد وهي نازحة من ريف إدلب الجنوبي وتقطن في مخيمات قاح الحدودية مع أطفالها الأربعة أن أقصى أحلامها ما زالت تنحصر بمجرد مأوى ملائم لا تضطر معه إلى التشرد في فصل الشتاء حين تجرف خيمتها العواصف والسيول، ولا الشمس الحارقة في الصيف حين تحول خيمتها إلى جحيم لا يطاق "حياتنا باتت كابوس يرعبنا مع تقلب الفصول والظروف، نخاف على أنفسنا من التشرد في أي لحظة، ونخاف على أطفالنا من هذه الحياة التي تسلبهم كل حقوقهم في الاستقرار والتعليم واللعب بأمان".

من جهتها عمدت صفية القدور (٣٥ ) عاماً لاستبدال خيمتها بمنزل جدرانه من البلوك وسقفه من البلاستيك بعد أن أزالت الخيمة وشيدت هذا البناء مكانها ظناً منها أنها حققت إنجازاً كبيراً عن نظيراتها في المخيم.

تقول صفية القدور "دفعني يأسي من تحسين واقع حياتنا إلى اختيار هذا الشكل بأقل تكلفة للعيش بشكل أفضل ربما من حياة الخيمة التي سرعان ما تهدم دون سابق إنذار مع أول عاصفة مطرية وإن كان هذا البناء ليس بأحسن حالاً".

وأوضحت "يتوجب علينا تغيير سقفه الذي سرعان ما يهترأ كل عام، وحين تسقط مياه الأمطار تحدث صوتاً عالياً فوق السقف المصنوع من جادر بلاستيكي تجعل ساكني المنزل لا ينامون طوال الليل، عدا عن أن هذا البناء ليس قوياً كما كنت أعتقد وتعرض للهدم أكثر من مرة جراء العواصف لعدم وجود قواعد وأساسات متينة".

عبثاً تحاول نازحات إدلب تحسين أوضاعهن الصعبة في مخيمات النزوح، فالحياة البدائية سيدة الموقف، ووضعتهن الحرب موضع المعيل بعد غياب الزوج الذي قتل أو هجر أو غيبته السجون.

وترى المرشدة الاجتماعية علياء الجلوم (٤٠) عاماً أن المرأة السورية ما تزال تقاوم اليأس رغم كل الظروف الصعبة وتحاول الاستمرار والنضال ضمن إمكانيات شبه معدومة دون إيجاد حل لمعاناتها التي طالت.

وتقترح أن تعمد المنظمات الدولية بهذا اليوم الذي يخص المرأة أن يتذكروا تضحيات المرأة السورية التي ما زالت عرضة لكل أنواع القهر والظلم والتشرد والفقر، "عليهم أن يتجهوا لمساعدتها بإيجاد مأوى ملائم على الأقل لا يضطرها للتفكير ملياً أين تذهب مع أطفالها حين تهدم خيمتها فوق رؤوسهم".

وبحسب المرشدة علياء الجلوم يجب أن يكون هنالك دعماً مادياً ومعنوياً للنساء السوريات اللواتي عانين الأمرين عبر سنوات وأن يكون هنالك تحسين لواقعهن المعيشي الذي ما زال ينتقل من سيء إلى أسوأ وسط ضعف الدعم والامكانيات والفرص، "النزوح فاقم معاناة النساء ولم تتمكن الكثيرات منهن حتى اللحظة من التأقلم مع واقع الخيام المؤلم، والانتقال الفجائي من حياة المنازل والاستقرار إلى حياة الخيام وانعدام الأمان والخصوصية وضنك العيش" وفق تعبيرها.

وتشير العديد من التقارير إلى أن أزمة النازحين في إدلب حالياً، تمثل الحلقة الأكثر مأساوية في الحرب، التي تشهدها سوريا منذ سنوات، وتقول الأمم المتحدة أن أكثر من 832 ألف مدني هجروا مساكنهم وأغلبهم من الأطفال والنساء.