الحرفة أو الشهادة صمام الأمان للمرأة في السلم والحرب
العملية التعليمة تنشط تفكير المرأة بشكل أفضل فمن خلالها تتعمق بما حولها وتتعرف على قدراتها، فالشهادة أو الحرفة تهيئ المرأة للتعامل مع مختلف المواقف والظروف.

رفيف اسليم
غزة ـ تعتبر الحرفة أو التعليم الأكاديمي سند للفتاة أو المرأة خلال حياتها فمن خلالهما تستطيع المرأة تحقيق استقلالها المادي وبالتالي تمنح نفسها القدرة على اختيار الحياة التي تناسبها، دون الحاجة لإلصاق نفسها بشريك تتكل عليه سواء كانت الأم، أو الأب، أو الزوج، أو الأخ، وتزداد تلك الأهمية في أوقات النزاعات والحروب وما ينجم عنها من ضغط على الموارد الاقتصادية للعائلة.
تقول شرين الضاني عضوة هيئة التدريس في قسم علم الاجتماع بجامعة الأزهر، وهي أيضاً أستاذ مساعد في التنمية الاجتماعية، أن الحرفة أو الشهادة كلاهما تعليم الأول يقع ضمن إطار التعليم المهني، والآخر يندرج تحت التعليم الأكاديمي، والاثنان مهمان كون العملية التعليمة تنمي قدرات الإنسان ومهاراته، كونه عاطفي أكثر من عقلاني، فالتعليم يعمل على خلق توازن بين العاطفة والعقل.
وترى أن العملية التعليمة تنشط تفكير المرأة بشكل أفضل من خلال النظر في بيئتها الداخلية ومعرفة قدراتها بغض النظر عن نوع التعليم الذي تلقته بدء من الحرفة وحتى الطب والإعلام، لافتةً أن بيئة التعليم والانخراط بهذا الوسط تجعلها تخرج من البيئة المحدودة أي الأسرة والمدرسة إلى بيئة أوسع مليئة بالعلاقات والمعارف تهيئها للتعامل مع المواقف المختلفة بطرق أكثر ديناميكية.
ولفتت شرين الضاني إلى أنه في مجتمعات الشرق الأوسط حصل تطور محدود في دفع المرأة نحو التعليم أو الحرفة، فيما كانت الدول العربية في الماضي تحرمها من التعليم والعمل خارج المنزل، مشيرةً إلى أنه "لو تم مقارنة وضع المرأة بالسابق بالنسبة للدول النامية ذاتها نجد هناك تطور".
وشددت على أن هناك تحفظ على مفهوم الأسرة المحافظة، فحرمان المرأة من التعليم هذا لا يتماشى مع ذلك المفهوم سواء كان من يقودها رجل أو امرأة "لا يعقل اختصار مفهوم الحفاظ على النساء بجعلها رجعية، ومتخلفة، بالنسبة إلى بقية النساء في العالم اللواتي يحقق إنجازات تجعل التاريخ يحتفظ بأسمائهن حتى اليوم".
وأوضحت أن البيئة العربية ليست غابة فلن تعمل الفتيات والنساء وسط الذئاب والوحوش، فهي دول يحكمها نظام قانوني سواء داخل المؤسسات أو خارجها، بالتالي فإن العاملات محميات بموجب تلك القوانين والمراكز الداعمة لها، مضيفةً أن العادات والتقاليد والثقافة الاجتماعية التي ترفض العملية التعليمية كثقافة سائدة ستبقي الجزء الأعظم من النساء متأخرات.
وتزداد أهمية امتلاك المرأة للحرفة أو الشهادة العلمية بحسب شرين الضاني، في أوقات النزاعات والحروب التي تظهر خلالها النساء المهارات التي اكتسبنها للتعامل مع الأزمة ومواجهتها للتحدي، فإذا ما كانت المرأة الشخص الغير معيل للأسرة ستتحول للمعيل بالفعل، فإنها ستستطيع إيجاد مصدر دخل تستطيع به تدبر أمر نفسها وعائلتها.
ولفتت إلى أن ذلك ظهر جلياً خلال حرب غزة فالكثير من النساء كن يعملن قبل الهجوم على غزة في مؤسسات، ودمرت من قبل القوات الإسرائيلية، فأصبحن كما غيرهن من مئات النساء بلا عمل أو معيل فتحولت المرأة من العمل المؤسساتي للبحث عن حرفة تستطيع من خلالها سد حاجيتها، هنا يبرز دور الإعداد والتدريب والاختبار والتقييم، الذي خاضته للخروج منه باستعداد نفسي ومهارة بالتكرار انعكس على كافة مراحل حياتها.
ويؤثر جميع ما تم الحديث عنه وفقاً لشرين الضاني، على علاقتها بالرجل فتصبح تتعامل معه على قدم المساواة كإنسان مع إنسان وليست تابع للرجل، وأن الكثير من النساء تتحملن عبء العيش مع رجل لا ترغبن به بسبب احتياجها الاقتصادي، بالتالي تصمت المرأة على الإهانة والعنف وتنتج أسرة مشوهة نفسياً سواء ذكور أو إناث.
وأشارت إلى أن "مجتمعات بها نساء منتجات يعني مجتمعات متقدمة، فإحصائيات قبل الهجوم على قطاع غزة تظهر نسبة النساء 49% من السكان فإذا ما تحدثنا على أن النصف معطل لا يشارك بالناتج القومي فإن ذلك ينتج مجتمع بوضع اقتصادي صعب".
وقد سميت المجتمعات النامية بهذا الاسم وفقاً لشرين الضاني، كونها مجتمعات منعت المرأة من النمو والعمل، لافتةً إلى أن رأس مال المرأة اثنان صحتها ودخلها فلا يمكنها التعويل على الأخر، فالآخر له احتياجاته وتطلعاته ولربما يستيقظ في يوم لا يريدها في حياته، فماذا ستفعل بنفسها حين إذن.
وأكدت عضوة هيئة التدريس في قسم علم الاجتماع بجامعة الأزهر، والأستاذة المساعدة في التنمية الاجتماعية شرين الضاني، في ختام حديثها أنه على النساء البدء بتعلم حرفة أو تلقي تعليم يكسبن من خلاله مصدر رزق وعدم التذرع بحجج واهية، وأن عليهن البدء والطريق سيكون ممهد أمامهن على الرغم من كافة الصعوبات والعقبات.