الحرائق تلتهم خيام النازحين في إدلب والمتضررين أطفال ونساء

تعددت حوادث احتراق الخيام في مناطق الشمال السوري؛ بسبب استخدام النازحين لمواد التدفئة البديلة مع قدوم فصل الشتاء والتي أدت لحوادث ذهب ضحيتها أطفالاً ونساء

سهير الإدلبي
إدلب ـ .
تنتج الحرائق غالباً بسبب تهريب في اسطوانات الغاز المنزلي أو اشتعال المدافئ بمواد تدفئة خطرة كالفيول والبلاستيك والنفايات ما يؤدي إلى انفجار المدافئ واشتعال الحرائق في الخيام ذات البنية البلاستيكية القابلة للاحتراق في أي لحظة.
فقدت علياء القدري (٣٨) عاماً وهي نازحة من قرية حزارين بريف إدلب الجنوبي اثنين من أطفالها في إحدى حوادث احتراق الخيام المؤلمة في مخيمات سرمدا الحدودية، وعن الحادثة تقول متأثرة "ماهي إلا دقائق معدودة حين غادرت الخيمة لاصطحاب ولدي الصغير للمستوصف المجاور من أجل عرضه على الطبيب بعد إصابته بالتهاب قصبات حاد، ولكنني عدت لأرى أطفالي قد تعرضوا لحادثة احتراق الخيمة وفارقوا الحياة بعد ساعات قليلة من الكارثة".
علياء القدري لا تعلم السبب الذي أدى للحريق، ماعدا أنها تركت المدفأة مشتعلة ليشعر أطفالها بالدفء إلى حين عودتها، ولكن مالم يكن بحسبانها أن تكون المدفأة أداة قتل أطفالها بدل تدفئتهم.
حادثة مشابهة تعرضت لها صباح حاج حميدو (٣٠) عاماً من بلدة حيش ومقيمة في مخيمات قاح حين اشتعلت الخيمة، نتيجة الحرارة التي تعرضت لها الخيمة من مدخنة المدفأة التي تلامس جدار الخيمة بشكل مباشر لعدم وجود جدران تسندها.
تقول صباح حميدو أنها بصعوبة تمكنت من إخراج أطفالها الثلاثة من الخيمة التي سرعان ما تحولت إلى رماد لتنتقل النيران بشكل سريع للخيام المجاورة "لم يعد لنا مكان يؤوينا، احترقت كل أمتعتنا وانتقلت النيران للخيام المجاورة وكادت تحصد أرواح الكثيرين، لولا تدخل فرق الدفاع المدني الخاصة بإطفاء الحرائق والتي سارعت للمكان وعملت على السيطرة على الحريق الضخم الذي راح يأكل الأخضر واليابس".
وتسببت الحرائق في المخيمات بمعاناة جديدة للنازحين وجعلتهم يواجهون مصيراً مؤلماً بعد هربهم من منازلهم وقراهم نتيجة القصف، ليواجهوا خطراً جديداً لم يسلم منه الكثيرين.
عانت الطفلة رهام الكرمو البالغة من العمر ٨ سنوات من تشوهات في وجهها ويديها نتيجة حادثة احتراق خيمتها الواقعة في مخيمات أطمة الحدودية وجعلتها تعاني الألم طوال حياتها.
والدتها سهير الجدوع (٤٠) عاماً وهي من قرية حنتوتين تأسف لحال ابنتها التي نجت بأعجوبة من موت محتم بعد احتراق الخيمة وهي داخلها، ولكنها لم تسلم من تبعات الحادث الذي ترك لها تشوهات سترافقها مدى الحياة.
حاولت الأم عرض ابنتها على أطباء، وهم أكدوا لها إمكانية إجراء عمل جراحي تجميلي لرهام، لكنها عمليات مكلفة ولا قدرة لهم على تغطيتها في ظل فقرهم الشديد على حد تعبيرها.
وترجع سهير الجدوع أسباب الحريق أيضاً لمدفأة الحطب المشتعلة داخل الخيمة والتي أدت لاحتراقها مباشرة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة داخل الخيمة الصغيرة، وعدا عن تعرض ابنتها لتشوهات فقد احترق كل ما تحويه الخيمة من أغذية وملابس وأدوات منزلية ولم يبقى منها أي شيء.
وتطالب سهير الجدوع بوضع حد لمعاناتهم المستمرة وأن يتم استبدال الخيام البلاستيكية بأبنية سكنية، وخاصة أن حياة النزوح لا يتراءى لها نهاية على المدى القريب.
ثمة عوامل عديدة تساعد في اشتعال الخيم وتجعل من الصعب السيطرة على الحرائق فيها، أهمها نوعية المواد التي تصنع منها الخيم بعد اعتماد الأهالي على الأقمشة والشوادر التي تتأثر بالحرارة سريعاً.
بينما تتركز عوامل صعوبة السيطرة السريعة على الحرائق في المخيمات في بعدها عن مراكز الإطفاء وصعوبة وصول سيارات الإطفاء إليها لا سيما داخل المخيمات العشوائية التي تقع في مناطق جبلية وعرة غير مزودة بالطرقات، لتستمر معاناة النازحات مع الحرائق التي راحت تحاصر أحلامهم بحياة آمنة وأكثر استقراراً.
ووفق آخر إحصائية صادرة عن فرق الإطفاء في الدفاع المدني، فإن فرقه أخمدت ١٤٧٥ حريقاً في مناطق الشمال السوري منذ مطلع عام ٢٠٢١ حتى الآن، منها ١١٠ حرائق في مخيمات النازحين، و٤٥٠ حريقاً في الحقول الزراعية، إضافة إلى ٧٥ حريقاً في الأحراش والغابات، وتسببت الحرائق بوفاة ١٦ شخص وإصابة ١٦١ آخرين.