'الهجمات على النساء توضح الخوف من انهيار منظومة السلطة'
قالت مهدية هلال إنها حققت حلمها في أن تكون مقاتلة بانضمامها إلى قوات الأمن الداخلي النسائية "مسيرتي كانت أهم من أقاويل المجتمع، ويقع عبء كبير على عاتقنا من أجل الحماية، وواجبنا الرئيسي هو مكافحة الهجمات".
سوركل شيخو
قامشلو ـ أنقذت مهدية هلال التي تعيش في قرية ميدلية بجبل كزوان على بعد 50 كيلومتر غرب مقاطعة الحسكة بشمال وشرق سوريا، من مرتزقة داعش على يد مقاتلي وحدات حماية المرأة ووحدات حماية الشعب، وانضمت إلى قوات الأمن الداخلي النسائية عام 2016.
قالت مهدية هلال لوكالتنا إنها نشأت في قبيلة تعتبر النساء على أنهن "ربات منزل"، وكان تعدد الزوجات يعتبر أمراً طبيعياً، مضيفةً "كان تأثير القبيلة على الأسرة كبيراً جداً، نحن كفتيات لم نكن نشارك في أي شيء آخر غير الزراعة وأعمال المنزل، تزوجت شقيقاتي لكنني لم أفكر بالزواج لأن كان لدي هدف وحلم كان علي أن أحققه، بأن أصبح مقاتلة".
وعن انضمامها تقول "واجهت الكثير من العقبات عند انضمامي كون المركز بعيد عن قريتنا وخاصة بعد تحرير منطقتنا من داعش، أصبحت الرغبة في الانضمام أكبر، وبعد جهود ومحاولات كثيرة تمكنت من الوصول إلى مركز قوى الأمن الداخلي، كان لدي مخاوف من أني كيف سأصبح مقاتلة، وكيف ستكون نظرة عائلتي والمجتمع المحيط بي، ثم أخذت كل شيء في الحسبان وانضممت، جهزت كافة الأوراق اللازمة للالتحاق وبعد أن أصبحت عضو رسمي في قوات الأمن الداخلي النسائية وباشرت بالدوام، أبلغت العائلة. لقد غضب أعمامي مني وطلبوا أن أترك الطريق الذي سلكته، لكن رغبتي ومسيرتي كانت أهم من كل أقاويل المجتمع".
الضغط على عائلتها
وأشارت مهدية هلال إلى أنه "وسط العديد من حواجز العادات الاجتماعية، انضمت امرأة عربية إلى قوات الأمن الداخلي النسائية وتقف على نقاط التفتيش وتقوم بالدوريات، وهذا الشيء كان جديد بالنسبة للمجتمع الذي كان يضغط على عائلتي، لكنهم وافقوا على قراري. الفرص التي أتيحت لنا كنساء وشغفنا، قوة بناءة. بعد التدريب، أصبحت أفهم من هم قوى الأمن الداخلي وما هو عملهم بكل تفاصيله، وهكذا من قائدة مجموعة أصبحت مديرة قوات الأمن الداخلي في المنطقة".
وأفادت أنهم نظموا المزيد من النساء العربيات في المناطق المحررة، لافتةً إلى أن "منطقة الشدادي ودير الزور كان قد تم تحريرها للتو، وكانت تلك المناطق صارمة للغاية من حيث العادات الاجتماعية وكانت النساء تعشن تحت ضغط كبير، ولكن على الرغم من العقلية القبلية والتأثير الذي خلفه داعش، استطعنا أن نظهر الطريق للنساء وتغيير مصيرهن، كما تمكنا من زيادة عدد النساء المنضمات إلى القوات، وبهدف خلق الخوف والتخلي عن المسار، تعرضت المرأة لحروب خاصة وتهديدات بالقتل، ولكن من خلال إيماننا بقضيتنا، تمكنا من التغلب على الخوف واتخاذ خطوات نحو النجاح بإصرار أكبر في مسيرتنا، وعلى وجه الخصوص، تجاوزنا حقيقة أننا لن نقبل الضرب والإهانة الممارسة ضد المرأة منذ آلاف السنين، وأن نظهر أن هذا العالم ليس عالم الرجل، فالمرأة أيضاً لها حقوق ودور".
التغييرات والتحولات
وأوضحت مهدية هلال أنهم يمرون بتغيرات وتحولات "في بداية انضمامي تمكنت من التغلب على خجلي والشعور بالحرج والتردد وكل المشاعر التي غرسها فينا النظام الأبوي. نمر بتغيرات وتحولات يومية وشهرية وسنوية، فكلما مرت الأشهر والسنوات تتعمق روابطنا ومعرفتنا. على سبيل المثال، لا أقبل أن أعامل على أنني امرأة أقل شأناً أو امرأة عادية وأن أتعرض للضرب والإذلال. لولا فلسفة القائد عبد الله أوجلان وثورة 19 تموز، ربما كانت حالتي مثل حالة جميع النساء في المجتمع ربة منزل".
"نؤمن بقضية تحرير المرأة وفلسفة الحياة الحرة"
وأشارت مهدية هلال إلى النضال ضد منظور الرجال، وأكملت حديثها بالقول: "الرجال ينظرون إلينا دائما على أن النساء خلقن من ضلع آدم. ولكن عندما نخوض معهم نقاشات حول مواضيع العمل والعلم، فإنهم يصمتون. نحن والرجال في جدال دائم، لأننا نؤمن بقضية تحرير المرأة وفلسفة الحياة الحرة. على سبيل المثال، يقول بعض أصدقائنا الذكور أنهم لا يسمحون لأخواتهم وأمهاتهم بالمشاركة في أي أنشطة، والبعض الآخر منضم مع أخواتهم وأمهاتهم إلى قواتنا. تغيير العقلية مهم جداً. لذلك يجب أن يكون بحثنا وتحليلنا عميقاً في كل شيء، وخاصة قضايا العنف وقتل النساء. وخاصة أن نتمكن من إحداث تغيير في العقلية القبلية."
"يجب أن نعتبر أنفسنا مسؤولين عن حل مشاكل المجتمع"
وأشارت مهدية هلال إلى تضامن الشعب "ما تعلمناه هو أخوة الشعوب، لأن قضيتنا واحدة. علينا أن نتعامل مع النساء بروح المسؤولية ونعتبر الاعتداء عليهن اعتداءً علينا وأن نكون الداعم لهن، لكي تتمتعن بالحرية والأهم هو تطبيق ما يقوله القائد عبد الله أوجلان وتحمل مسؤولية حل جميع القضايا المجتمعية المذكورة في كتاب سوسيولوجيا الحرية".
وعن الهجمات التي تشن على النساء، تقول "تعرضت المنطقة إلى العديد من الهجمات، من قتل النساء وبيعهن من قبل داعش ولا تزال هذه الهجمات مستمرة من قبل الاحتلال التركي. تواجد داعش كان مخيفاً بالنسبة للمرأة وحتى الآن هناك خوف من داعش، لذلك يجب أن تكون المرأة نشطة في مجال الدفاع، ومن خلال التعليم والتنظيم، سنكون قادرين على تعزيز أساس دفاعنا والمجتمع. الهجمات التي يشنها الاحتلال التركي الآن ضد القيادات النسائية، يظهر الخوف من انهيار قوتها وسلطتها على أيدي النساء".
وفي ختام حديثها قالت مهدية هلال "نحن محظوظون اليوم بالمستوى الذي وصلنا إليه، ولكي نتمكن من حماية الإنجازات الحالية، يجب تعزيز مكافحة هذه الهجمات. علينا أن نمد يد العون للنساء اللواتي لم تعرفنا بعد، وبناء على ذلك فإن مرحلتنا الجديدة ستواجه بعض التحديات والصعوبات، ولكن إيماننا بقضيتنا سيقودنا إلى النجاح".