الفقر والعنف يفاقمان معاناة الأطفال العاملين في إيران

وصلت أزمة عمالة الأطفال في كرماشان بشرق كردستان إلى ذروتها، بدءاً من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الصعبة إلى الظروف الصحية والسلامة الحرجة، فآلاف الأطفال يواجهون مصاعب يومية إضافة إلى العنف في أماكن العمل.

هدية مهدوي

كرماشان ـ أصبحت ظاهرة عمالة الأطفال في إيران خاصةً في مدينة كرماشان بشرق كردستان، إحدى القضايا الاجتماعية والاقتصادية، فقد أدى الفقر والبطالة ونقص المرافق التعليمية إلى إجبار العديد من الأطفال على العمل وحرمانهم من حقوقهم الأساسية.

وفقاً لتقرير وزارة التعاون والعمل والرعاية الاجتماعية، هناك 200 ألف طفل عامل في إيران، وينخرط هؤلاء الأطفال بشكل رئيسي في الأنشطة غير الرسمية والأعمال الشاقة، وتتجلى هذه الظاهرة بشكل خاص في المناطق المحرومة وغير المستقرة اقتصادياً.

وفي مدينة كرماشان يصل عدد الأطفال العاملين إلى نحو 500 طفل معظمهم يعيشون في الأحياء المهمشة والفقيرة، ويعملون في مناطق مختلفة من المدينة، وتشير التقارير إلى أن معدل البطالة في هذه الأحياء مرتفع للغاية وأن العديد من الأسر تضطر إلى تشغيل أطفالها لتلبية احتياجاتها الأساسية بسبب الفقر المدقع، ففي حي كيرناتشي، وهو أحد المناطق المحرومة والفقيرة في كرماشان، اشتد الفقر والمشاكل الاقتصادية لدرجة أن العديد من الأطفال لجأوا إلى أعمال شاقة وغير رسمية بدلاً من الدراسة.

ويتعرض الأطفال العاملون في كرماشان لمخاطر جسيمة على الصحة والسلامة، حيث يعمل الكثير منهم في بيئات عمل غير آمنة وصحية وتفتقر إلى معايير السلامة اللازمة كالعمل في ورش المخارط وغيرها، كما أنهم يتعرضون باستمرار للمواد الكيميائية والآلات الخطرة والغبار، مما قد يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة مثل مشاكل الجهاز التنفسي والإصابات الجسدية واضطرابات النمو.

ويظهر تقرير حديث لمنظمة العمل الدولية، أن حوالي 40% من الأطفال العاملين في إيران، وخاصة في الأعمال غير الرسمية وورش العمل، يعانون من إصابات جسدية وأمراض مختلفة بسبب عدم وجود إشراف كاف، بالإضافة إلى ذلك، لا يحصل هؤلاء الأطفال عادةً على الرعاية الصحية الكافية، مما يؤثر سلباً على صحتهم بشكل عام.

 

العنف ضد الأطفال العاملين

ويعد العنف ضد الأطفال أحد الجوانب الأخرى المثيرة للقلق ففي كثير من الحالات، يتعرض هؤلاء الأطفال للضغط والإساءة بسبب صغر سنهم وضعفهم، بالإضافة إلى العنف الجسدي والعقلي مثل العقوبات القاسية والتهديدات والشتائم وهو يعد أمراً شائعاً، ولكن بسبب عدم الكشف عن حالات الاعتداء من قبل الضحايا، لا توجد إحصائيات دقيقة حول عدد الأطفال العاملين المتعرضين للعنف بكافة أشكاله.

ويقول "بوريا" وهو طفل يبلغ من العمر تسعة أعوام ويعيش في حي كرناجي، أنه يعمل في ورشة مخرطة في حي كولريزان بكرماشان، الذي يبعد حوالي 15 دقيقة عن منزله إذا ما استقل سيارة.

وأوضح أنه اضطر للعمل في هذا السن بسبب المشاكل الاقتصادية التي تواجهها عائلته "أعمل يومياً من الصباح حتى المساء في المخرطة، وأعمل جنباً إلى جنب مع صاحب الورشة والعمال الأكبر سناً وأساعدهم، عائلتي تواجه مشاكل مادية لذلك أقوم بمساعدتهم في تأمين قوت أسرتنا".

وأضاف "في بعض الأحيان يكون الأمر صعباً جداً بالنسبة لي، لكن عندما أرى أن عائلتي سعيدة وأنا بنفسي أتعلم أشياء جديدة، أحب الاستمرار"، مشيراً إلى أنه "أعمل في الصيف منذ ثلاث سنوات، في العام الماضي كنت أبيع المناديل الورقية عند مفترق الطرق أو أنظف زجاج السيارات المارة، لكن هذا العام أحضرتني والدتي إلى الورشة للعمل وتعلم الخراطة".

وحول صعوبة العمل يقول "العمل الأثقل والأصعب يقوم به عامل آخر وهو في التاسعة عشرة من عمره، ولكن في بعض الأحيان أضطر أيضاً إلى رفع أشياء ثقيلة جداً"، لافتاً إلى أنه سيرتاد المدرسة بعد عدة أيام، ولكنه سيواصل عمله بعد انتهاء ساعات المدرسة "أود أن أصبح معلماً ماهراً يوماً ما وأحصل على دخل جيد".

إن وضع الأطفال العاملين في مدينة كرماشان، وخاصة في الأحياء ذات الدخل المنخفض، يتطلب اهتماماً عاجلاً وإجراءات أساسية، وقد أدى الفقر والبطالة ونقص المرافق التعليمية إلى إجبار العديد من الأطفال للعمل وحرمانهم من حقوقهم الأساسية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن مشاكل الصحة والسلامة والعنف في مكان العمل تزيد من حدة الأزمة، وهو ما يحتاج إلى تعزيز الدعم الاجتماعي والحد من الفقر وتوفير المرافق التعليمية؛ لكن المؤسسات الحكومية المعنية غير قادرة على التحقيق الجدي في هذه الظاهرة وحلها وتوفير ظروف أفضل لمستقبل الأطفال.