الانتحار أو الأمراض النفسية مصير فتيات قاصرات ضحايا الابتزاز الإلكتروني
يعتبر الابتزاز الإلكتروني من الجرائم المسكوت عنها اجتماعياً، والتي لا يفضل أصحابها فضح المبتز أو تقديم شكاوى أو اللجوء للقضاء، جراء خوفهن من الأهل ونظرة المجتمع لهن لأن المرأة هي الضحية الأولى.
لينا الخطيب
إدلب ـ تقع فتيات قاصرات في إدلب ضحية الابتزاز الإلكتروني من خلال التهديد بنشر صورهن الخاصة، أو إفشاء أسرارهن، للحصول على منفعة مادية منهن، أو إجبارهن على أفعال غير أخلاقية، ويستغل المبتزون المراهقات بشكل خاص، لصغر أعمارهن، وضعف خبرتهن بالحياة، فيجدونهن لقمة سائغة، جراء خوفهن من الأهل ونظرة المجتمع لهن.
تعرفت حسناء البر (17) عاماً على شاب عبر الأنترنت، ووعدها بالزواج، وطلب منها صوراً لها، ثم هددها بنشر صورها إذا لم توافق على إقامة علاقة غير شرعية معه، وعن ذلك تقول "بدأ يهددني بإرسال الصور لأهلي، ونشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في حال لم أرضخ لطلبه، فبدأ القلق والخوف يتسلل إلى نفسي، وتحولت من شابة مفعمة بالنشاط والحيوية إلى عيش حياة الخوف والعزلة ووصل بي الحال إلى التفكير بالانتحار".
وفضلت حسناء البر أن تبقي الابتزاز الذي تعرضت له طي الكتمان، وعدم البوح به أو طلب المساعدة أو التقدم بشكوى، خوفاً من الفضيحة والاتهام من المجتمع المحيط؛ بسبب خوفها من ردة فعلهم، مشيرة إلى أن شقيقتها الأكبر سناً اكتشفت الأمر، وساعدتها من خلال الاتصال بالمتحرش وتهديده بالتقدم بشكوى قضائية ضده إذا استمر بأفعاله.
لينا الرحال (15) عاماً تعرضت لظلم أهلها حيث وصل الأمر لأشقائها إلى التفكير بقتلها، وكل ذلك بسبب الابتزاز الإلكتروني، وبعدها اضطرت للموافقة على الزواج من رجل مسن يكبرها بأكثر من ثلاثين عاماً، للتخلص من الفضيحة وظلم أهلها، وعن ذلك تقول شقيقتها لميس الرحال (29) عاماً "تعرضت أختي للتهديد من قبل شاب تواصل معها عبر الواتساب، وهدد بنشر صورة لها بملابس كاشفة لجسدها مفبركة عبر برنامج الفوتوشوب، وتفاجأت بأنه يملك بياناتها الشخصية وصورها ومعلومات عنها، وهدد بأنه سيرسلها إلى أخوتها في حال لم تدفع له مبلغ من المال، وحين تجاهلت رسائله قام بإرسال الصورة لأخوتها، وبدورهم لم يصدقوا براءتها، وحاولوا قتلها للتخلص من العار بحسب اعتقادهم، لولا تدخل بعض الأقارب الذين اقترحوا تزويجها للستر عليها والتخلص من مسؤوليتها".
من جهتها أوضحت المحامية حسيبة العمر (35) عاماً من مدينة سرمدا شمالي إدلب "يعتبر الابتزاز الإلكتروني من الجرائم المسكوت عنها اجتماعياً، والتي لا يفضل أصحابها فضح المبتز أو تقديم شكاوى أو اللجوء للقضاء، لأن المرأة هي الضحية الأولى، وينتج عنه أزمات نفسية، وممارسات سلوكية، تختلف بحسب طريقة تعاطي المجتمع مع هذا الابتزاز، لكنه عادة لا ينصف الضحايا".
وبينت أن العنف الإلكتروني يتّخذ أشكالاً متعددة، منها التهديدات المباشرة أو غير المباشرة باستخدام العنف الجسدي أو الجنسي؛ والإساءة التي تستهدف جانباً أو أكثر من جوانب هوية المرأة.
وأشارت إلى أن أسباب انتشار ظاهرة الابتزاز الإلكتروني تعود إلى الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي وتنوعها، وعدم وجود رقابة أبوية، وسهولة اختراق الخصوصية الإلكترونية ووجود تطبيقات ممنهجة لذلك، إلى جانب ضعف برامج الحماية، وسهولة انتحال أسماء مستعارة وشخصيات غير حقيقية لعدم وجود مؤسسة اتصالات حكومية، مؤكدة أن كل ذلك أسباب أساسية وعميقة أدت لانتشار القرصنة الإلكترونية التي تمتهن الاستغلال والابتزاز والمتاجرة بخصوصيات الناس.
وأكدت على ضرورة وجود مراكز متخصصة بمتابعة قضايا الابتزاز وتوفير الحماية لضحاياه، والاهتمام بالجانب التوثيقي والتوعوي والتدريب، وتقديم الاستشارات القانونية والاجتماعية، فضلاً عن الاستجابة العملية والتدخل لمساعدة الضحايا على الوصول إلى المبتز وإيقافه، في حال عدم رغبة الضحايا بتقديم شكاوى قضائية، مشددة على ضرورة عدم استجابة الفتاة خاصة لو كانت قاصر، للرد على أي رسائل إلكترونية عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أشخاص غرباء، وإبلاغ الفتاة لوالديها وأفراد أسرتها، حتى يتمكنوا من تقديم المساعدة اللازمة.