الانتهاكات التركية مستمرة وصمود الأهالي رادعٌ لها
بقائهم في منازلهم يبرهن للاحتلال التركي عدم استسلامهم لعنجهية قصفهم, إذ يفضلون موتاً كريماً على حياةً مذلة تسعى تركيا فرضها على شعوب المنطقة بانتهاكاتها، وسط الصمت الدولي
سيلفا الإبراهيم
منبج- بقائهم في منازلهم يبرهن للاحتلال التركي عدم استسلامهم لعنجهية قصفهم، إذ يفضلون موتاً كريماً على حياةً مذلة تسعى تركيا فرضها على شعوب المنطقة بانتهاكاتها، وسط الصمت الدولي.
على خطوط التماس مع الاحتلال التركي في ريف منبج بشمال وشرق سوريا، شعب متربص بأرضه يقاوم ببقائه في منزله للحفاظ على قريته التي لم يتخلى عنها يوماً في الوقت الذي لم تتوانى فيه تركيا استهداف المدنيين في تلك القرى.
منذ 24آب/أغسطس من عام 2016، أي قبل خمس سنوات أثناء احتلال تركيا لمدينة جرابلس تعيش القرى الممتدة على طول الشريط الحدودي بين المناطق المحتلة من قبل تركيا والمحررة من قبل مجلس منبج العسكري حالة من عدم الأمان والاستقرار نتيجة تمادي الاحتلال التركي بانتهاكاته على أرياف مدينة منبج من الشمال الشرقي حتى الشمال الغربي سعياً منه لتوسيع نفوذه في المنطقة.
وفي الآونة الأخيرة ازداد القصف على القرى شمال غربي مدينة منبج كقرية الصيادة والمحسنلي واليانلي وعرب حسين.
تقول عدلة الصالح من قرية الصيادة الواقعة في شمال غربي مدينة منبج وتبعد عنها مسافة 23 كم، عن القصف المستمر الذي يطال قريتهم "الضرب والقصف يستهدف قرانا بشكل دائم، بشكل يومي يقع حوالي 4 أو 5 قذائف عشوائية كحد أدنى" وتتابع "ريثما نبني منزلاً يأخذ منا الكثير من الوقت والشقاء وفي النهاية بقذيفة يهدم كل شيء، في ظل هذه الظروف الصعبة الذي يعيشها الأهالي كيف سيتم تعويض ما ألحق بنا من ضرر نتيجة القصف العشوائي".
وأضافت "ما يوحيه القصف التركي المستمر على المدنيين أن عدائه مع الشعب، وهذا لا يدل سوى على ضعفها، فلو كان يثق بقوته فليواجه المقاتلين وجهاً لوجه ولا يستعرض عضلاته على المدنيين، بالقصف العشوائي".
وعبرت عدلة الصالح عن موقفها الرافض لهذه الهجمات التي يقف العالم مكتوف الأيدي حيالها "لن نخرج من أراضينا ومنازلنا مهما كلفنا الأمر، وما تسعى إليه تركيا هو إفراغ القرى من المدنيين والأهالي ولتدعي بأن المجلس العسكري أخرجنا من منازلنا، لكن تركيا لن تصل لأهدافها مادام الأهالي متشبثين بأراضيهم، فهذه القرية مر عليها الكثير من الفصائل منذ اندلاع الأزمة السورية قبل 11 عاماً وحتى هذه اللحظة مصممين على البقاء".
وأما عن موقف النظام السوري والضامن الروسي من هذا القصف تقول "النظام السوري والضامن الروسي لم يبدوا أي ردة فعل اتجاه هذه الهجمات، وبالرغم من مقاومة مجلس منبج العسكري وردها على مصادر القصف، إلا أنهم لا يستطيعون منع تركيا من القصف العشوائي"، وأضافت "هذا ما يجعل الوضع مزرياً يرثى له نتيجة القلق الذي يسببه القصف العشوائي في نفوس المدنيين، ورغم ذلك يرفض الأهالي فكرة الخروج من أرضهم".
وكان منزل عدلة الصالح من بين منازل القرية التي تعرضت للقصف، "تعرض منزلنا للقصف ثلاث مرات، في مرتين وقعت القذائف أمام المنزل وألحق الضرر بالأشجار، وفي الأخيرة وقعت القذيفة على المنزل مباشرة، أما كرم الأشجار فيتعرض للقصف بين الحين والآخر".
ونوهت إلى أنه لا يمكن أن يعم السلام في سوريا طالما تركيا موجودة فيها "الأزمة السورية لن تصل للخلاص بتواجد الاحتلال التركي، فتركيا بين الحين والآخر تنبش بالأوراق لإيجاد ذريعة للبقاء في المنطقة وسلب خيراتها، سوريا باتت كرة القدم بين أرجل العالم، الجميع يركلها لينال أهدافه منها".
وأوضحت أن "المجتمع الدولي لا يبادر لإيقاف تركيا عند حدها، فهم جالسين على طاولاتهم والشعب قد أصبح ضحية مؤامراتهم وليسوا بسائلين إذا كانوا بخير أو لا، وفي النهاية الشعب هو من يدفع الثمن".
وأكدت على ضرورة خروج تركيا من الأراضي السورية "بخروج تركيا من الأراضي السورية ستصل البلاد إلى بر الأمان وبالحوار ما بين النظام السوري والإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا ستحل الأزمة".
وفي تقرير أصدره المركز الإعلامي لمجلس منبج العسكري في 15آب/أغسطس الماضي، كشف عن حصيلة الانتهاكات التركية ومرتزقتها، ووثق مسلسل الجرائم المتواصلة على مدى خمس سنوات، جاء في التقرير أن حوالي 2900 قذيفة من مختلف أنواع الأسلحة سقطت على القرى الآهلة بالسكان والأراضي الزراعية.
وبحسب التقرير الذي صدر تزامناً مع الذكرى الخامسة لتحرير منبج، طال القصف 273 مرة القرى الآهلة بالسكان بواقع 115 قذيفة، وتعرض لـ 4 غارات للطائرات الحربية، وقع خلالها 67 جريحاً من المدنيين بينهم نساء وأطفال، فيما فقد 30 مدنياً حياتهم إثر القصف بينهم نساء وأطفال، وأشار التقرير إلى أن القرى تعرضت 835 مرة للقصف من قبل قواعد جيش الاحتلال التركي.
من جانبها قالت خديجة حمود من قرية الفارات التي أيضاً تشهد القصف بين الحين والأخر "وضع الأهالي في القرى الواقعة على خطوط التماس مع الاحتلال التركي مأساوي نتيجة القصف والضرب الذي يطالهم، فالأهالي والأطفال يعيشون حالة من الذعر، عدا الإصابات والضحايا التي تقع في صفوف المدنيين"، وأضافت "القصف يزداد في ساعات المساء ما يجعل حالة الأهالي يرثى لها فالكثير من العائلات تخرج من منزلها في المساء بشكل مؤقت خوفاً على أطفالها لحين انتهاء القصف ويعودون في ساعات الصباح".
وتابعت "الكثير من الأطفال أصابهم الرعب والذعر ومرضوا نتيجة الخوف الذي يتسبب به القصف، لذا اجبرت بعض العائلات لانتقال إلى داخل مدينة منبج حفاظاً على أرواح أطفالهم لكن كبار السن جميعهم بقوا في منازلهم وهم الأن متواجدين في قراهم ولا يودون التخلي عن أرضهم".
وعن المقاومة التي يبديها الأهالي أوضحت خديجة حمود "رغم القصف المستمر إلا أن الأهالي لا يتخلون عن أراضيهم، فأنا بدوري لن اتخلى عن أرضي وقريتي مهما حصل"، وناشدت "جميع الأهالي للتكاتف لمواجهة هذا القصف. على المجتمع الدولي الحد من الانتهاكات التركية".
فيما قالت الرئيسة المشتركة لمجلس خط الفارات حليمة الجمعة "الأهالي يعيشون حالة من الرعب والخوف، لما تشهده المنطقة من قصف مستمر، حيث يبدأ القصف من منتصف الليل حتى الساعة السادسة صباحاً، كافة القرى الممتدة على طول الشريط الحدودي المحاذي للمناطق المحتلة من قبل تركيا تتعرض للقصف، كقرية الفارات، الجاموسية والدندنية، وبلدة العريمة والقرى التي تتبع لها، وعرب حسن ومحسنلي".
وعن سلسلة الجرائم التركية تقول "منذ دخول تركيا لمدينة جرابلس والمناطق المحيطة بأرياف منبج يعيش الأهالي حالة مأسوية، جميعنا نرفض هذه الهجمات والانتهاكات، فالأهالي يودون العيش بأمان في منازلهم، ورغم احتجاج الأهالي ورفضهم لهذه الهجمات إلا أنه ليس هناك أذن صاغية، الأهالي يدركون أن تركيا تسعى من خلال انتهاكاتها لحقوقهم إخراجهم من أراضيهم واحتلالها، الحل الوحيد هو إيقاف تركيا بضغط دولي".
ويذكر أن قرية الصيادة الواقة شمال غربي مدينة منبج قد تعرضت الاثنين 6أيلول/سبتمبر للقصف بالأسلحة الثقيلة من قبل الاحتلال التركي، كما تم استهداف قرية الهوشرية الواقعة في شمال شرق مدينة منبج والآهلة بالسكان بأربع قذائف هاون حسب ما أفاد به المركز الإعلامي لمجلس منبج العسكري.