إعلاميات لبنانيات تكشفن حقيقية قضايا لفها الغموض
بجرأتهن وصلن إلى قضايا لفها الغموض وابتعدت عنها أضواء الحقيقة، إعلاميات لبنانيات كنّ قريبات من قضايا مجتمعهن، وأكدن على ضرورة نيل المرأة حقوقها وسجلن نضالاً دؤوباً في مجالهن.
فاديا جمعة
بيروت ـ أكدت الإعلامية اللبنانية ندى أيوب من خلال مسيرتها أن مهنة الصحافة غير منفصلة عن ميادين النضال، في سياق تجربة جعلت منها ناشطة اجتماعية وسياسية.
مثلت رأس الحربة في مواجهة الفساد وتغول السلطة السياسية في لبنان، فبجرأتها فتحت ملفات وواكبت قضايا ورصدت قضايا الناس وكانت صوتهم وما تزال، أنها الإعلامية اللبنانية ندى أيوب التي أثبتت أن النضال لصيق الصحافة، حيث تحدثت عن تجربتها المشبعة بالمثابرة والجهد انطلاقاً من مقاعد الدراسة إلى رحاب العمل والنضال معتبرةً أنهما شيئين لا ينفصلان بل يتكاملان في سيرورة الحياة وتطورها.
وعن بداياتها قالت ندى أيوب "درست العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية، كان هدفي العمل في مجال الصحافة، كون هاجسي دائماً البحث عن الحقيقة أو المساهمة في تسليط الضوء على الحقيقة في ملفات وقضايا تهم الناس، ولو أن الأمر سيظهر وكأنه "كليشة"، لكن كان لدي هاجس أن أوصل صوت الناس، وأُسمع صرخاتهم وأعمل من أجل أن ينالوا حقوقهم، فإيماني كان وما يزال بأن السلطة الرابعة أي الصحافة، يجب أن تكون شريكة في المراقبة والمساءلة".
وأوضحت "بهذا الشغف بدأت مهنة المتاعب وعملت بشغف فيها، لكن الواقع بعيد عن التخيلات والأحلام في عالم الصحافة، فقد اصطدمت بواقع مؤلم، والأشد إيلاماً هو مدى ارتهان وسائل الإعلام والإعلاميين بنسبة كبيرة، كي لا نعمم، ولكن الأغلبية بات تحت عباءة السلطة، ومن أراد أن يكون حراً وبعيداً عن الترويض والتدجين سيكون نداً أو عدواً وعليه أن يقاتل، والفوز لن يكون حليفه على الدوام، لأنه بمعايير القوة "الطبالين" أقوى منه وإن كان أكثر صدقاً، لكن ذلك لا يعني أن يصبح هو الخطأ وسط الشواذ والنماذج التي تباع وتشترى".
وأضافت ندى أيوب "قررت انطلاقاً من قناعاتي مواجهة السلطة وأتباعها والكارتلات والمصارف عبر النموذج الذي كان قائماً، وتلقائياً وجدت أن مكاني الطبيعي في الشارع، أي مع نبض الشارع ومع آلام الناس، تزامن ذلك مع حراك عام 2015 وكان سببه غرق البلاد بالنفايات، وفي عام 2019 تطوّر هذا الحراك من المشاركة بالتظاهرات إلى مشاركة مجموعة "وعي" التي تشكل عام 2018 بانتفاضة 17 تشرين الأول".
ولفتت "سلطنا الضوء على ملفات عديدة منها بيئية مثل إنقاذ نهر الليطاني من التلوث، وملف مرج بسري الذي كان يواجه خطر التدمير من أجل إنشاء سد، بالإضافة لملف الاتصالات كونه قطاع استنزف بشكل كبير ولا يزال من أجل خصخصته، وكذلك ملفات المرأة لم تسلم من الأجندة على رأسها حق اللبنانية بمنح جنسيتها لأطفالها ومعاناتها لنيل حقها بحضانتهم، وبحكم عملي الصحفي أتيح لي مجال الاطلاع على تفاصيل بعض الملفات وتقدير أهميتها، ووجدت أن الكتابة الصحافية كما أفهمها والنضال في الشارع لا يتناقضان طالما أنهما للصالح العام".
وحيال ما إذا كانت المرأة اللبنانية قد تمكنت من تأكيد حضورها في المشهد السياسي في بلد محكوم بتقاليد وأعراف دينية ومذهبية ومجتمعية، قالت ندى أيوب "لا تزال الحياة السياسية في لبنان حكراً إلى حد بعيد على الرجال، ليس لعيبٍ في المرأة اللبنانية، إنما بفعل الثقافة المتحكمة في المشرق العربي، ولذلك نرى تمثيل اللبنانيات خجول في الندوة البرلمانية وفي الحكومات، وهنا أود أن أشير إلى أن الأحزاب السياسية تلعب دوراً سلبياً عندما تضع الرجال في مراكز متقدمة داخلها تمهيداً لانخراطهم في العمل السياسي، ولا تفعل الأمر الخطوات ذاتها للمنتسبات لديها".
وأردفت أن "الأمر عينه بالنسبة لكسر الحواجز الاجتماعية، وقد يكون حال اللبنانية أفضل من حال النساء في الدول المجاورة، نظراً لكونها تناضل لجعل مجتمعها أكثر انفتاحاً، لكن لا تزال هناك الكثير من القيود التي مر عليها الزمن ولم تتمكن من كسرها، منها العنف والتمييز القائم على النوع الاجتماعي".
وبينت دور المرأة اللبنانية في الإعلام "ما زلت أطمح بإعلام أكثر تحرراً وإعلاميين أكثر صدقاً، إعلاميون ليسوا "بائعون" ولا "طبالون"، من أجل المساهمة في إعادة تعديل المسار في ظل انحطاط سياسي وفكري وأخلاقي وثقافي وصل لمستويات غير مسبوقة، وكذلك أطمح ببلد أكثر عدالة".
وأشارت إلى أنه "على الصعيد الشخصي، مستمرة بعملي الصحفي والكتابة، ومسيرتي المهنية لا زالت في طور التشكّل، ولا رغبة لدي في خوض المعترك السياسي، أقله في الوقت الحاضر".
وعن واقع المرأة اللبنانية قالت "لم يشهد تطوراً نوعياً ملحوظاً مقارنة مع ما كان عليه الأمر في السنوات الأخيرة، بمعنى أننا لم نشهد أي تطور يذكر على مستوى التشريع خصوصاً، لتصبح القوانين أكثر انصافاً بحق المرأة في لبنان"، مضيفةً أنه "في المقابل، لم يطور المجتمع أو يساعد في الناحية الثقافية خصوصاً وفي مختلف نواحي الحياة عموماً، وهذه عملية تحتاج لنضال سنوات طويلة، وعلى العكس تماماً، ففي الأزمات والحروب تتعرض المرأة كما الرجل لضغوطات، وكونها الحلقة الأضعف تكون هذه الضغوط أشد قسوة، وكذلك تتحمل المرأة أعباء الأزمة الاقتصادية التي تعانيها البلاد، وتتحمل أيضاً صعوبات النزوح والحرب".
وأكدت أن "المرأة اللبنانية تناضل لإثبات جدارتها وحضورها في العديد من المجالات، وكل ذلك بجهودها لتتخطى العوائق، وهناك نساء أجبرتهن الظروف على العمل في مهن لا ترغبن بها أو السكوت عن ابتزاز تعرضن له، فقط لأن الأزمة تحتم عليهن عدم الاستغناء عن العمل".
ولفتت إلى أن "هناك نساء تسكنَّ في مراكز إيواء وتتشاركن مع عائلتهن منزلاً واحداً مع عائلات أخرى بسبب تردي ظروف النزوح، ما أفقدهن خصوصيتهن كما تعرضن للتحرش فيها، وعلى خلفية مشاركتهن في الثورة تعرضت النساء لهجوم شرس على خلفية موقفهن السياسي، لكن المشكلة أن الهجوم لم يكن بمضمونه سياسياً ولم يكن نقاشاً بالفكرة، إنما بالشخصي كالتشهير بهن والتشكيك بسلوكياتهن ونعتهن بأوصاف معيبة والمساس بشرفهن، وهي أسهل طريقة لمهاجمة النساء في مجتمع ذكوري".
وختمت ندى أيوب حديثها بالتطرق للإنجازات التي حققتها المرأة اللبنانية قائلة "سأتحدث على صعيد حالات فردية، وليس عن إنجازات جماعية، بمعنى أن هناك نساء نجحن في مشاريعهن، وهناك من أثبتن حضورهن في ملفات معينة، فضلاً عن نساء برزن في مجالات معينة، لكن ليس هناك إنجاز جماعي يمكن القول إن جميع اللبنانيات يستفدن منه كإقرار قانون موحد للأحوال الشخصية ورفع سن الحضانة وخلاف ذلك من قضايا تهم المرأة".