احتفاظهن بالذكريات... هي رسالة إصرار للعودة إلى أرضهن

التمسك بمفتاح بابٍ كُسرَ قفله أو خلع وملابس مهترئة، هي رسالة واضحة توجهها نساء مدينة عفرين للاحتلال التركي.

فيدان عبد الله

الشهباء - حملت النساء من مدينة عفرين المحتلة في شمال وشرق سوريا ذكريات من أرضهن ومنازلهن، ولا زلن تحتفظن بها حتى اليوم، تأكيداً منهن على حقهن في العودة إلى مدينتهن.

 مع خروج أهالي مدينة عفرين قسراً على يد الاحتلال التركي بتاريخ 18 آذار/مارس عام 2018، ووصولهم إلى مقاطعة الشهباء في شمال وشرق سوريا واستقرارهم فيها، تحتفظ النساء بكثير من الأشياء التي جلبنها معهن من المدينة، حتى تبقى ذكرى تغذين بها أرواحهن وذاكرتهن عن ديارهن.

 

"أشياء لا فائدة منها لكنها ذات معنى ورسالة قوية للاحتلال"

هاجر حسن البالغة من العمر 51 عاماً من قرية قنطرة في ناحية موباتا بمقاطعة عفرين، تحدثت عن الأيام التي عاشتها في المدينة تزامناً مع هجمات الدولة التركية وعن المقاومة التي قدمها أهلها، ولكن الضغط والاضطهاد الذي تعرضوا له أجبرهم على الخروج من مدينة عفرين والنزوح إلى مدينة الشهباء.

"عرف عن المرأة في عفرين حبها لأرضها وارتباطها بها، كما أنها قدمت الكثير في سبيل الحفاظ على هذا الحب، ويتجلى ذلك من خلال احتفاظ النساء بأشياء جلبنها من عفرين إلى المهجر في الشهباء" بهذه الكلمات بدأت هاجر حسن حديثها.

وأكدت على أن النزوح القسري والبعد عن أرضها لم يقلل من حبها ومدى ارتباطها بها "إن الأشياء التي احتفظ بها وجلبتها من عفرين حتى مخيمات الشهباء والتي تفوح منها رائحة أرض الزيتون، أشياء ربما بسيطة بشكلها وقيمتها المادية، إنما هي بالنسبة لي تحمل الكثير من المعاني".

وعن بعض الأشياء التي لا تزال تحتفظ بها قالت "هذا الفستان الذي أرتديه الآن الذي قمت بخياطته تجهيزاً لاستقبال الأعياد والمناسبات الوطنية التي تصادف في شهر آذار، والتي لم نتمكن من إقامتها بسبب هجمات الدولة التركية على المنطقة، فكان هذا الفستان من الأشياء التي خرجت بها بالإضافة للحجاب الذي ارتديه وهو أيضاً من تراث وثقافة المرأة في عفرين وحقيبتي الشخصية".

أكدت هاجر حسن أنه "مضى 5 سنوات على ارتدائي لهذه الملابس مما جعلها مهترئة وقديمة، ما دفع الكثير ممن حولي على لومي لارتدائها أو الاعتقاد بأني فقيرة فيحاولون أن يقدموا لي بعض الملابس الجديدة، لكن بعدما يسمعون القصة ويعلمون مدى أهميتها ومعناها بالنسبة لي يقدرون ذلك ويتأثرون بها كثيراً".

وأوضحت "أن هذه الأشياء البسيطة لن تحل مكان ما تركناه خلفنا من منازل وممتلكات، إلا أنه يبقى آخر ما تبقى لنا من ذكرياتنا في عفرين"، مؤكدةً على أننا "مقاومون ومحتفظون بهذه الأشياء حتى تحقيق النصر الكبير وتحرير عفرين من الاحتلال التركي وإرهابه".

حياة بريم البالغة من العمر 39 عاماً من أهالي قرية حجيكو في ناحية راجو بمقاطعة عفرين، استذكرت اللحظات والمواقف التي عاشها سكان المدينة تزامناً مع هجمات الاحتلال التركي قائلةً "مع كل ضربة تقوم بها الطائرات الحربية والتي لم تكن تهدأ أو تتوقف عن التحليق في سماء المنطقة طيلة 58 يوماً، كانت الأرض تهتز وكل شيء يدمر من حولنا".

وأكدت أن الهجمات البرية والجوية أجبرتهم على الخروج قسراً من قريتهم نحو مركز المقاطعة، مثقلين بالخوف قائلة "بالرغم من الهلع الذي انتابنا وسط الحرب الدائرة في المنطقة وخشيتي على أرواح أطفالي، أغلقت الباب من خلفي ولم أتخلى عن مفتاح باب منزلي".

وتابعت "عملت الدولة التركية بعد احتلالها لعفرين على توطين فصائلها المسلحة القادمة من خارج المنطقة، في منازلنا بعد أن خلعت الأبواب"، مؤكدة على أن شدة ارتباطهم بأرضهم وعدم تقبلهم لفكرة التخلي عنها، لا يسمح لهم برمي ما أحضروه معهم.

أنهت حياة بريم حديثها بالإشارة إلى أن الاحتلال التركي بممارساته هذه لن يتمكن من النيل من إرادة أهالي مدينة عفرين عموماً ونسائها خصوصاً، وأن إصرارهم على الاحتفاظ بهذه الأشياء هي رسالة واضحة للاحتلال التركي عن حجم العزيمة التي يتحلون بها.