أفغانستان... مجازر طالبان إلى الواجهة من جديد
مع سقوط العاصمة الأفغانية كابل يوم 15 آب/أغسطس عام 2021 بيد حركة طالبان التي سيطرت على أغلب مناطق البلاد، عادت ذكريات الجرائم التي ارتكبتها الحركة ما بين عامي 1996 و2001.
بهاران لهيب
كابول ـ تسبب طالبان في العديد من المذابح بين عامي 1996 و2001، منها مذبحة مدينة يكاولنك في ولاية باميان التي راح ضحيتها أكثر من 300 شخص بينهم نساء وأطفال.
مع سيطرة حركة طالبان على أفغانستان للمرة الأولى في عام 1996 ولحين سقوطها على إثر أحداث 11 أيلول/سبتمبر عام 2001، لجأت إلى فرض نظام قاسي تمثل بالقتل والتجويع والترهيب بهدف إرضاخ الأهالي لسلطتها.
ففي مدينة باميان التي يقدر عدد سكانها بـ 61 ألف نسمة وهي عاصمة ولاية باميان التي تقع شمال العاصمة كابول، دخلها مقاتلو حركة طالبان عام 1999 وقاموا بتخريب مناطق كثيرة منها فخلال بضعة أشهر قاموا بإعدام المئات من المدنيين منهم الكثير من النساء والأطفال وهجروا آخرين نحو مناطق نائية بلا ماء أو طعام ليموتوا جوعاً، ودمروا منازل الأشخاص الذين شككوا في ولائهم للحركة وجعلوا كثيراً منهم عبيداً استخدموهم للقيام بالأعمال الشاقة.
وخلال ذات الفترة سيطرت طالبان على مدينة يكاولنك المقدر تعداد سكانها بحوالي 65 ألف نسمة، وارتكبت فيها مذبحة أودت بحياة 300 شخص من بينهم نساء وأطفال، قبل أن تفقد السيطرة عليها أواخر العام 2000، ثم عادت مجدداً لإخضاع المدينة لسيطرتها بعد عدة أيام حيث قام عناصر من الحركة بين يومي 5 و8 كانون الثاني/يناير عام 2001 بارتكاب مذابح جديدة أودت بحياة المئات غالبية القتلى من المسلمين الشيعة، وكان الغرض من هذه الجريمة هو خلق انقسام ديني وعرقي بين شعب أفغانستان لكن الناجين من هذه المذبحة يعتبرون أن طالبان هي المسؤولة الوحيدة وراء هذه الجرائم وليس السنة والأقليات.
وفي هذا السياق قالت إحدى النساء الناجيات من مذابح يكاولنك (س. خ) البالغة من العمر 45 عاماً "في ليلة الثامن من كانون الثاني 2001، تساقطت الثلوج بغزارة وتحول كل شيء إلى اللون الأبيض، فجأة دخل إلى منزلنا عدد من عناصر طالبان وقاموا بسرقة العديد من الأشياء التي كانت توجد فيه، حتى الصناديق التي كنا نضع فيها الملابس النسائية سرقوها، وقد سأل أحدهم والدي الذي كان كبيراً في السن ومريض جداً، إن كان لديه ابن؟ أجابه والدي بلا، فقام بلكمه على وجهه لأنه ظن أن والدي لم يخبره بالحقيقة، لم يكن لأبي ابناً حقاً وهذا ما أكده لهم، وعندما أدركوا أنه لا يمكنهم أن يحققوا شيء غادروا منزلنا، في صباح اليوم التالي عرفنا أن جميع الشبان تم قتلهم".
وأضافت "تمكن عدد من الشبان من الفرار، لكن غالبيتهم تجمعوا في أحد المنازل هرباً من الموت، ولسوء الحظ استطاع عناصر من طالبان إيجادهم وقاموا بقتلهم أيضاً، كان يوماً فظيعاً حتى لم يُسمح للعائلات بدفن جثامين أبنائهم لمدة ثلاثة أيام".
وتابعت "كان من بين القتلى فتى يبلغ من العمر 18 عاماً يُدعى مهر علي أصبح رمزاً للبطولة بين أهالي هذه المنطقة، فعندما حشد عناصر طالبان الناس في ساحة أحد الأحياء ووجهوا لهم الإهانات قبل قتلهم، غضب مهر علي وقام بمهاجمتهم، ورداً على شجاعة هذا الفتى قامت طالبان بجلده حتى الموت، نجا أحد الرجال من القتل لكن كان جسده ممزق يمكن رؤية آثار الرصاص في جميع أنحاء جسده لقد بقي يعاني منها لسنوات طويلة، كما كان من بين الذين تم اعتقالهم رجل حالفه الحظ لم تصبه أي رصاصة لكنه الآن يعاني من مشاكل نفسية خطيرة".
قالت (س، خ) "بعد هذه المجزرة أجبرت طالبان النساء والأطفال على مغادرة منازلهم التي تم إحراقها إلى المناطق النائية حيث لا ماء ولا طعام وتوفي الكثير من الأطفال بسبب البرد والجوع، وعندما عادت النساء اللواتي بقين على قيد الحياة إلى منطقتهن لم يكن لدى الكثير منهن أي زوج أو أخ أو ابن على قيد الحياة، لكنهن جميعهن قررن أن تتعلمن بغض النظر عن أعمارهن كما شجعن أطفالهن على ذلك، في مدينة يكاولنك أصبحت نسبة النساء المتعلمات أعلى منها في معظم مدن أفغانستان الأخرى، كما حملت النساء فيها جميع المسؤوليات".