زوهرة صديق: التصدي للعقلية الرجعية يتطلب إشراك الشباب في مجالات الحياة كافة
تعمل فيدرالية رابطة حقوق النساء، على مشروع "باراكا شباب ضد العنف" ( كفى شباب ضد العنف)، الذي يهدف إلى مناهضة العنف ضد النساء
حنان حارت
المغرب ـ تعمل فيدرالية رابطة حقوق النساء، على مشروع "باراكا شباب ضد العنف" ( كفى شباب ضد العنف)، الذي يهدف إلى مناهضة العنف ضد النساء، حيث تسعى الجمعية إلى تطبيق المشروع على أرض الواقع بالاعتماد على مجموعة من الآليات منها التوعية والفن وورشات تكوينية وقوافل، مع العمل على إشراك الشباب وتمكينه من الوسائل التي تساعده على تغيير نظرته وسلوكه تجاه النساء وحقوقهن الذي سيخدم قضية المساواة بين الجنسين.
ترى عضو مكتب فيدرالية رابطة حقوق النساء وعضو مكتب جهة "مراكش - آسفي" زوهرة صديق أن المفتاح الحقيقي للتصدي للعقلية الذكورية هو إشراك الشباب باعتباره جيل المستقبل، عن طريق زيادة الوعي لديه ليمتلك ميكانيزمات تحليل الواقع وفهمه.
وأكدت زوهرة صديق من خلال الحوار الذي أجرته وكالتنا معها؛ أنه يجب تكوين الأجيال بالمدارس على ضرورة احترام المرأة وعدم اعتبارها مخلوقاً ناقصاً لا يرقى إلى مستوى الرجل.
كيف تصفين لنا مشروع "باراكا شباب ضد العنف" وما يميزه؟
مشروع "باراكا شباب ضد العنف" هو مبادرة تقوم بإنجازه فيدرالية رابطة حقوق النساء بجهة "مراكش- آسفي" بالشراكة مع أوكسفام المغرب وجمعية كورارا للفنون والثقافة، وبدعم من الاتحاد الأوروبي.
وتهدف المبادرة للتوعية بمختلف ظواهر العنف الذي تتعرض له النساء المغربيات، كما تروم إلى إعداد الفاعلين المدنيين للترافع عن حقوق النساء، والاستفادة من مختلف الوسائل في ذلك، لا سيما مواقع التواصل الاجتماعي، وتنظم المبادرة على مدى ثلاث سنوات، حيث تم إطلاقها من قبل الفيدرالية في نيسان 2021 وستستمر إلى نهاية آذار 2023.
ويتضمن المشروع عدة مجالات منها التوعية بقضايا النساء؛ بما فيها قضية العنف المبني على النوع، والتي ستتطرق إلى مجموعة من المضامين فيها الجانب التشريعي وجانب التمثلات الفكرية بالإضافة إلى السياسات العمومية، ما سيمكننا كجمعية من إعطاء مجموعة من الاقتراحات والمطالب في نهاية المشروع.
ماهي أشكال العنف التي تسعى الجمعية إلى رصدها؟ وما هي الآليات التي تعتمدون عليها للعمل على أرض الواقع؟
الإحصائيات التي تصدر عن الجهات الرسمية أو الجمعيات المدنية تبين أن ظاهرة العنف تتزايد في المغرب، فآخر دراسة للمندوبية بينت أن أكثر من نصف المغربيات يعانين من العنف، وقد زادت حدة الظاهرة خلال جائحة فيروس كورونا، لهذا نأمل أن يتمكن المشروع الذي يمتد لـ 27 شهراً، من حشد الدعم بغية التصدي لجميع أشكال العنف الذي تتعرض له المغربيات، علماً أن أشكاله لا تقتصر على الاعتداء الجسدي أو الجنسي، بل يتخذ شكل عنف اقتصادي وتشريعي، اقتصادي وقانوني وسياسي، وهو ما يفرض علينا الحديث عنها والترافع من أجل وضع حد لها.
ومشروع "باراكا شباب ضد العنف" الذي تم إطلاقه على مستوى جهة "آسفي ـ مراكش" له عدة جوانب منها التوعية بقضايا النساء بما فيها قضية العنف المبني على النوع، إضافة إلى أن الجمعية بصدد إعداد دراسة حول قضية العنف المبني على النوع في الجهة التي سيتم فيها التطرق لمجموعة من المضامين بما فيها الجانب التشريعي والتمثلات الفكرية والسياسات العمومية، ما سيمكننا من الوقوف على مجموعة من الاقتراحات والمطالب، بالإضافة إلى أنه هناك أنشطة مختلفة، تتنوع بين الفن وندوات ولقاءات وقوافل توعوية.
وفي إطار مشروع "باراكا شباب ضد العنف" نعمل أيضاً على ظاهرة تزويج القاصرات التي تعد أيضاً عنفا يمارس ضدهن، وكذلك مسألة الهدر المدرسي الذي يعد من مسببات التزويج خاصة في القرى، فالإحصائيات أظهرت أنه في جهة "مراكش- آسفي" ترتفع ظاهرة تزويج القاصرات، فعندما تمنع الفتيات من الذهاب إلى المدرسة والتعلم، وتجبر على الزواج فهذا نوع من أنواع العنف.
كما تعرف المنطقة كذلك بتسجيل مجموعة حالات تتعلق بقتل النساء من طرف الأزواج، صحيح أنها حالات معدودة، لكنها موجودة، وهذا يعد كذلك شكلاً من أشكال العنف الممارس ضد النساء، وبالتالي هدف الحملة إبراز هذه الإحصائيات والوقوف على كل أشكال العنف الممارس ضد النساء من أجل وضع حد لكل مظاهر العنف التي تحدث.
برأيكم كيف يمكن إنهاء العنف ضد المرأة؟
بالنسبة لمشروع "باراكا شباب ضد العنف"، الذي نعمل عليه فمن خلاله نقف على مجموعة من المطالب التي نرى أنها ستحد من ظاهرة تعنيف النساء في المجتمع أولها أن تكون هناك منظومة شاملة ومتكاملة لتناول ومناهضة العنف، إذ يجب تغيير العقلية وتغيير الفكر المجتمعي في هذا المجال، وهذا ما نحاول أن نعمل عليه منذ إطلاق المشروع، كما ننادي بتغيير مدونة الأسرة والقانون الجنائي المغربي، فلأن هذه القوانين لم تضمن بعد المساواة للمرأة المغربية، نرى أنه يجب مراجعتها وملاءمتها مع مقتضيات الدستور والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.
كما نرى أن السياسات العمومية لها دور أساسي سواء على المستوى الوطني أو على مستوى الجماعات الترابية، حيث يجب وضع برامج تكون قادرة على الإجابة عن حاجات المغربيات وتأخذ بعين الاعتبار مقاربة النوع في المخططات التنموية.
كيف يمكن توظيف الفن من أجل خدمة قضايا النساء؟
الحملة التي نحن بصددها نحاول فيها الاعتماد على الفن من أجل توعية الشباب بخطورة ظاهرة العنف ضد النساء، ففي إطار المشروع الذي تنفذه الجمعية تم إطلاق أغنية باراكا (كفى) بصوت الفنانة كوثر بودراجة المعروفة بالدفاع عن قضايا النساء، وتحاول من خلال الأغنية تسليط الضوء على الظاهرة؛ وذلك للوصول إلى كل الفئات بما فيها الشباب من أجل إشراكه في مسألة الدفاع عن حقوق النساء والمساواة.
ونعتقد أن الفن قادر على إيصال رسائل من شأنها تغيير نظرة المجتمع عن المرأة، وبالتالي المساهمة في إيقاف ما تتعرض له من عنف وتمييز، فعبر الفن والثقافة، سيضطلع هذا المشروع بتحسيس الساكنة عبر تعبئة الشباب، نساء ورجالاً، والمجتمعات بـ "جهة مراكش- آسفي" حول مواضيع مرتبطة بالمساواة في النوع ومكافحة العنف الممارس ضد النساء والفتيات.
ما هو مفتاح التغيير الحقيقي للتصدي للفكر الرجعي التي باتت أكبر عراقيل تقدم النساء وبروزهن؟
برأيي أن المفتاح الحقيقي للتصدي للفكر الرجعي هو إشراك الشباب باعتباره جيل المستقبل، وهو ما يركز عليه المشروع الذي نعمل عليه، إذ نسعى إلى زيادة الوعي لدى الشباب وجعلهم يمتلكون مجموعة من الوسائل والميكانيزمات التي تساعده على تحليل الواقع وفهمه فهما جيداً؛ ما سيساهم في تغيير نظرتهم وسلوكهم تجاه النساء وحقوقهن، وهذا حتماً سيخدم قضية المساواة بين الجنسين، كما يجب توعية الأجيال في المدارس على ضرورة احترام النساء وعدم اعتبارهن مخلوقات ناقصات لا يرقين لمستوى الرجال، كما يجب أن يكون العمل على كافة المستويات وأن تنخرط فيه كافة مكونات المجتمع، من أجل خلق جيل يؤمن بحقوق ومسألة الدفاع عن قضايا النساء ويناهض كافة أشكال العنف الممارس ضد المرأة.