يمنيون على هامش الحياة مجهولي الهوية
أكدت الإعلامية غدير العدني، أن عدم وجود الوعي الكافي هو السبب في عدم حرص الأشخاص الذين لا يملكون بطاقة الهوية على استخراجها، الأمر الذي قد يعرضهم للعديد من المخاصر كالبقاء مجهولي الهوية.
رانيا عبد الله
اليمن ـ يفتقر العديد من ذوي البشرة السمراء في اليمن الذين يعرفون بالمهمشين وخاصة النساء، للأوراق الثبوتية التي تثبت فيها معلوماتهم الشخصية وبيانات حياتهم التي تخولهم الحصول على جواز السفر أو حتى تسجيل أبنائهم في المدراس، نتيجة الوضع الاقتصادي المتردي وقلة الوعي والتهميش.
سحر أحمد واحدة من ذوات البشرة السمراء في اليمن الذين يعرفون بـ "المهمشين"، على الرغم من بلغوها 25 عاماً إلا أنها لا تملك بطاقة إثبات هوية، فهي على حد قولها لم تذهب إلى مصلحة الأحوال المدنية والسجل المدني لاستخراج بطاقة شخصية بسبب الصعوبات التي تواجهها "يطلبون منا مبلغاً من المال حتى إن كان بنظر الكثير مبلغ بسيط فهو بالنسبة لنا مبلغ لا نستطيع توفيره، كما أنهم يطلبون معرفين عنا وهذا يزيد الأمر تعقيداً ويجعلنا نتراجع عن استخراج البطاقة، فمن الصعب إيجاد شخص خارج العائلة ليقوم بالتعريف بنا".
قانون وصعوبات
قانون الأحوال المدنية اليمني لم ينص على حرمان أي فئة من فئات المجتمع اليمني من الحق في استخراج بطاقة هوية أو شهادة الميلاد، فقد نصت المادة 49 من قانون الأحوال المدنية أن على كل شخص من مواطني اليمن بلغ سن السادسة عشر عاماً استخراج بطاقة هوية من الأحوال المدنية والسجل المدني المقام في دائرته، وإذا أصبح رب أسرة وجب عليه أن يتقدم بطلب لمنحه بطاقة عائلية، إلا أن أغلب ذوي البشرة السمراء أو من يطلق عليهم بالمهمشين محرمون من وثيقة إثبات الهوية.
وتتمثل الصعوبات في استخراج هوية شخصية بالنسبة لفئة المهمشين، في متطلبات مصلحة الأحوال المدنية والسجل المدني، من إحضار إثبات إقامة داخل إحدى المديريات، أو تعريف ممثلي الأحياء (عقال الحارات)، وهذا يعد تحدياً بالنسبة لهم فأغلب المهمشين يسكنون تجمعات الصفيح (المحاوي)، وكثير منهم متنقلون بالسكن ويعملون في قطاعات غير رسمية، كما يتمثل التحدي الآخر بتكلفة إصدار الهوية الشخصية والتي تبلغ في المتوسط نحو 10 ألف ريال يمني ما يعادل 6 دولار أمريكي.
أما الخمسينية مريم سعيد فهي ترى بأن لا حاجة لها ببطاقة الهوية أو أوراق ثبوتية وكل ما تحتاجه حسب قولها توفير الطعام لأسرتها وهذا كل ما يهمهم، لذا فهي لم تذهب لاستخراج وثائق ثبوتية لها ولا حتى شهادة ميلاد لأبنائها، "نعيش في محاوينا (مباني من الصفيح)، ولا أحد يعترف بنا حتى أننا لم نندمج مع بقية فئات المجتمع".
ويسرت منظمة اليونيسيف وأوكسفام واتحاد نساء اليمن إصدار شهادات الولادة وبطاقات الهوية الشخصية لفئات من المهمشين كتدخل لمعالجة وضعهم، ولتسهيل عملية حصولهم على المعونات.
وتقول الإعلامية غدير العدني أن عدم وجود الوعي الكافي هو السبب في عدم حرص هذه الفئة لاستخراج إثبات الهوية "بالنسبة لعدم الحرص للحصول على بطاقة شخصية أو إثبات الهوية هو غياب الوعي لأهمية الحصول عليها سواءً كان متعلقاً بالبطاقة الشخصية أو شهادة الميلاد، فغياب الوعي لدى هذه الفئة هو السبب الرئيسي لعدم امتلاك أغلبهم لوثائق إثبات الهوية".
وأشارت إلى أن عدم امتلاك هذه الفئة لبطاقة الهوية مخاطر فبذلك يصبحون مجهولي الهوية، كون البطاقة هي جنسية الشخص وهويته، وذلك يعرضهم للكثير من المشاكل وحرمانهم من أبسط الحقوق، وهنا يأتي دور المنظمات المهتمة والناشطين للنزول لمساكن هؤلاء المهمشين وتوعيتهم بأهمية امتلاكهم للوثائق الثبوتية الرسمية.
من جهتها قالت سالي علي إن أغلب المهمشين يرجعون عدم استخراج بطاقة شخصية لوجود صعوبات أثناء إجراءات استخراجها، وقد يكون السبب الأول الوضع الاقتصادي لهذه الفئة، وقلة الوعي والتي تعتبر من أهم الأسباب "إن عدم امتلاك المهمشين لوثائق إثبات هوية يحرمهم من الخدمات الأساسية، نتمنى النزول إلى التجمعات السكانية لتوعيتهم بإصدار إثبات هوية"
وترجع مؤسسة المستقبل للشباب والتنمية، أسباب عدم امتلاك الفئات المهمشة أو أرباب الأسر للبطاقة الشخصية أو الوثائق الرسمية إلى الجهل القانوني والجانب الاقتصادي المتردي لهذه الفئة، وصعوبة وجود تعريفات من قبل ممثلي الأحياء وذلك لخوف بعضهم للتعريف بهم كونهم أكثر تنقلاً في المناطق، مما أدى إلى حرمانهم من البطاقة الرسمية وبالتالي حرمان أطفالهم من شهادة الميلاد، إضافة للرسوم التي تعتبر مكلفة بالنسبة للمهمشين ولا يستطيعون توفيرها.
وبحسب مؤسسة المستقبل التي تُعنى بفئة المهمشين هناك تدخل من قبل بعض المنظمات باستخراج ألف بطاقة لفئة المهمشين في مدينة تعز، ومازال هناك الكثير بحاجة إلى تسهيل عملية استخراج وثائق ثبوتية من هذه الفئة.