'طريق المساواة ما يزال طويلاً أمام المرأة في الشرق الأوسط'
أثرت الأوضاع العالمية والإقليمية والمحلية المتشابهة المتأثرة بالخيارات الاقتصادية الرأسمالية وبسياسة الهيمنة والاستغلال على النساء بشكل أساسي كونهنَّ يعشنَّ في مجتمع يحكمه الذكور
زهور المشرقي
تونس ـ .
رجاء الدهماني، عضو الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات أشارت إلى وضع المرأة في ظلّ الأحداث التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وقالت إن الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي يحط بثقله على بلدان الشرق الأوسط، والتي تعيش حالة من التأزم والتوتر نتيجة تداعيات ما سمي بـ "الربيع العربي"، الذي أدى إلى الفوضى والتسيب والاحتراب الداخلي والتدخلات الخارجية أثر على وضع المرأة بشكل كبير، بعد أن ركبت تيارات ظلامية وأخرى انتهازية موجة الرغبة الشعبية في الحرية والتقدم، فكانت النتيجة ما تعيشه بلدان عربية عديدة من حروب ودمار وتشريد وانتشار الميليشيات، وإحباط لدى الشباب على كل المستويات.
وأفادت بأن "الأوضاع العالمية والإقليمية والمحلية المتشابهة المتأثرة بالخيارات الاقتصادية الرأسمالية وبسياسة الهيمنة والاستغلال أثّرت على الإنسان عموماً وعلى القيم الإنسانية، فكلما زادت سلعنة هذه القيم ضعفت قيمة الإنسان وصارت النساء أكثر تضرراً باعتبارهنَّ الحلقة الأضعف في ظل مجتمعات أبوية".
ورداً على سؤالها حول تحسن وضع النساء مقارنة بالسابق خاصة أن السيطرة الأبوية بدأت بالتراجع قالت "برغم أن النساء في العقود الأخيرة أصبحت لهنَّ مكانة هامة، عبر المشاركة المتطورة في المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، والحضور المتنامي في بناء مسار الانتقال الديمقراطي، والحفاظ على أسس الدولة المدنية التي هي في الأصل ضد المشاريع اليمينية المتطرفة، وبرغم التطورات القانونية التي تجسدت باعتماد قانون مناهضة كل أشكال العنف ضد المرأة، إلا أن النساء ما يزلنَّ يعانينَّ من التمييز في المشاركة في صنع القرار وتقلد المناصب، كما يعانينَّ من مظاهر العنف والتهميش والبطالة والإقصاء".
وتأكيداً على ذلك ذكرت أن النساء اليوم في بؤر التوتر يمارس عليهنَّ عنف مضاعف، فإلى جانب التمييز الذي يتعرضنَّ له نتيجة عقلية ترزح تحت الفكر التراتبي، هناك أيضاً أضرار الحرب والنزاعات المسلحة، "النساء اليمنيات اليوم، على سبيل المثال، يفتقدنَّ لأبسط الحقوق، ويتحملنَّ مسؤولية أسرٍ بأكملها في سياق ظروف قاسية للغاية، كما أنهنَّ يتعرضنَّ لعنف أسري وجنسي مع انتشار الأوبئة".
وفي ختام حديثها طالبت عضو الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات رجاء الدهماني، الحكومات والمجتمع الدولي بتحمل المسؤولية تجاه المرأة "ندعو منظمات حقوق الإنسان والحكومات على حد سواء إلى احترام آدمية المرأة، وترجمة الحماية القانونية للنساء أثناء النزاعات المسلحة، وذلك من خلال تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1325، الذي يوصي بتحرك الحكومات لحماية حقوق النساء والفتيات، والذي يدعو كل أطراف النزاع المسلح إلى حماية النساء خاصة من العنف الجنسي، ورفع الحصانة عن الجناة في جرائم الإبادة الجماعية والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، وجرائم الحرب".
من جهتها قالت الصحفية ومديرة القسم الدولي بوكالة تونس إفريقيا للأنباء، هدى الهمّامي دلالة، في تصريح لوكالتنا "بحكم تجربتي في قطاع الصحافة والإعلام التي تقارب 29 سنة، يمكن الإقرار بأن الصحفية التونسية التي تشكل في العموم نسبة هامة جداً من أبناء القطاع الذي تتزايد فيه تاء التأنيث يوماً بعد يوم، لم تصل بعد إلى المرتبة التي تستحقها برغم امتلاكها كل مقومات النجاح والتميز، والدليل على ذلك أننا لا نجدها في مراكز القرار الإعلامي إلا نادراً، وهو أمر ينسحب على المرأة التونسية بشكل عام".
وأشارت إلى أن الحكومات لا تلتزم بمبدأ التناصف وأعطت حكومة هشام المشيشي مثالاً حيث لم تحظ فيها المرأة إلا بثلاث حقائب وزارية (من 26 حقيبة) "يبدو أن مبدأ التناصف ظل مجرد حبر على ورق، وهو ما نعتبره أمراً مخجلاً أن نجد المرأة في تونس- برغم ترسانة القوانين والتشريعات التي سنت لصالحها منذ الاستقلال إلى اليوم - لا تحتل مناصب قيادية في بلد يُضرب به المثل في حرية المرأة واستقلاليتها وفي ارتفاع عدد الحاصلات منهنَّ على الشهادات العلمية العليا والباحثات في مختلف المجالات، وهو ما يدفعنا إلى القول بأن المرأة تتعرض إلى التمييز على أساس الجنس".
وباعتبارها امرأة تعيش في هذه المنطقة تقول إنها لا تزال تتحسس طريقها نحو التحرر والمساواة مع أنها تفرض نفسها كمبدعة في مختلف المجالات، وتحاول الاستفادة من التغيرات التي تشهدها المنطقة لتشديد نضالها والتمرد على الواقع المهين، إيماناً بأن بناء مجتمعات سليمة يتطلب أسساً قانونية وثقافة سائدة ووعياً متقدماً بدور كل أفراد هذه المجتمعات رجالاً ونساءً.
وختمت بالقول "أعتقد أن رحلة الانعتاق والتحرر لا تزال طويلة".