تنسيقية مغربية نسوية تطالب بتعديل "مدونة الأسرة" لتحقيق المساواة

شددت العضوة في التنسيقية النسائية فاطمة منغاوي على ضرورة مواصلة المنظمات والجمعيات النسوية النضال من أجل تغيير مدونة الأسرة لتتلاءم وتنسجم مع التطور.

حنان حارت

المغرب ـ بادرت مجموعة من الهيئات والجمعيات النسائية والحقوقية في المغرب إلى تكوين تحالف والتكتل في تنسيقية للترافع بشكل جماعي لتعديل مدونة الأسرة بما يتماشى مع الوضع الراهن، تحت اسم "التنسيقية النسائية من أجل التغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة".

 قالت العضوة في التنسيقية النسائية من أجل التغير الشامل والعميق لمدونة الأسرة فاطمة مغناوي في حوار مع وكالتنا، أن الحركات النسوية والحقوقية المغربية تتكتل اليوم من أجل دفع الحكومة بإقرار قوانين تناهض التمييز والحيف ضد النساء.

 

أعلنت الحركات النسوية في المغرب تأسيس تنسيقية من أجل تغيير قوانين مدونة الأسرة، كيف تشكلت هذه التنسيقية، وماهي أهدافها؟

تشكلت التنسيقية بمبادرة من مجموعة من الجمعيات النسوية الديمقراطية التي بدأ نضالها منذ بداية الثمانينات من أجل مناهضة كافة أشكال التمييز ضد النساء ومن أجل إقرار حقوقهن الإنسانية في الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية، وإقرار قوانين مبنية على المساواة والعدل من أجل سياسات عمومية تضمن حقوقهن.

بالطبع هذه الجمعيات لديها قناعة أنه لا يمكن بناء مجتمع ديمقراطي أو تمكين النساء من المشاركة في التنمية المستدامة في المغرب، إلا بتغيير القوانين التمييزية وتذليل كافة المعيقات القانونية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها النساء لضمان حقوقهن.

وهذه التنسيقية هي إطار مدني منفتح على كل الجمعيات النسائية والحقوقية بشرط أن توافق على رؤيتها ومرجعتيها الحقوقية المبنية على اتفاقيات القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، وكل المواثيق الدولية ذات الصلة بالحقوق الأساسية للنساء وأيضاً التي تؤمن بالتغيير الشامل لمدونة الأسرة لأن ذلك يعتبر شرطاً أساسياً من أجل ديمقراطية المجتمع.

 

ماهي الإشكاليات التي واجهتها التنسيقية؟

قامت التنسيقية بمجموعة من الأنشطة من أجل تقريب وجهات النظر وتوحيدها، قمنا بلقاء تشاوري مع مجموعة من الجمعيات النسائية والحقوقية التي انضمت إلى التنسيقية والتي تتشارك وتتقاسم الرؤية نفسها ولديها أرضية مشتركة، وناقشنا إشكاليات عديدة من بينها الزواج وما يرتبط به من إشكاليات تمييزية تقتضي التغيير، وكذلك الطلاق وآثارها على حقوق النساء، والحقوق المالية للنساء في الأسرة، وطبعاً يبقى الخيط الناظم هو المساواة، فهناك أيضاً مسألة الولاية الشرعية التي تعتبر من النقاط السوداء في مدونة الأسرة المغربية.

ومن التعديلات المقترحة تلك التي تتعلق بالمواد الخاصة بالوصية والهبة وتقسيم التركة وفق قانون رقم 70.03، كما أن التنسيقية تطالب بتعديل المادة 342 لضمان المساواة في الإرث بين الجنسين من الأبناء أو الأخوة.

بالإضافة لتعديل المادة 338، التي تنص على أن الوارث بالتعصيب فقط، وهم (الابن، وابنه وإن سفل، والأخ الشقيق والأخ للأب وابنهما وإن سفل، والعم الشقيق والعم للأب وابنهما وإن سفل)، حيث نقترح إلغاء التعصيب عند وجود البنت، انفردت أو تعددت مع عدم وجود الابن، أو بنت الابن انفردت أو تعددت مع عدم وجود ابن الابن، وفق ما تنص عليه قاعدة الرد.

فمطالبنا تنطلق من التغيرات التي يعرفها المغرب؛ فالنساء تغيرت وضعيتهن وأدوارهن في المجتمع وأصبحن مسؤولات ومعيلات لأسرهن، وتشاركن في التنمية الاقتصادية والاجتماعية على الرغم من الصعوبات التي تواجههن، لكن تبقى المغربيات حاضرات ومشاركات في كل المجالات، فالتحولات السوسيوثقافية التي عرفها المغرب وتأثيرها على أدوار النساء داخل الأسرة والمجتمع يقتضي إذاً تحرير النساء من كافة القيود التي تكبل إرادتهن وتسيئ لكرامتهن والتي تكرسها المقتضيات التمييزية داخل المدونة.

 

كنساء مغربيات ما هي المدونة التي تنشدونها؟

من خلال عمل التنسيقية الميداني مع النساء والفتيات وتقارير مراكز الاستماع والتوجيه ومتابعة حالات النساء والفتيات ضحايا العنف تبين أن مكانة وأدوار النساء في المجتمع، فنحن نسعى لإعداد مدونة تساير المجتمع وتطوراته في كل المجالات السوسيوثقافية والاجتماعية والاقتصادية وتتلاءم مع الدستور المغربي الذي ينص في فصله الـ 19 على المساواة بين الجنسين في كافة الحقوق، وأيضاً الديباجة التي هي جزء من الدستور فيها حظر للتمييز ضد النساء، وبالتالي لا بد أن تتلاءم المدونة مع الدستور والتزامات المغرب الدولية التي لديها صلة بالحقوق الإنسانية للنساء، وللتنسيقية هدف واحد وهو التأثير في مسار تغيير المدونة بما يضمن مدونة عادلة وعصرية.

 

عديدة هي القوانين الثورية في المغرب لكنها لم تحسن من واقع النساء بسبب العقلية الذكورية، ماذا يمكن أن يحقق إذاً تعديل مدونة الأسرة؟

القوانين هي رافعة لتغيير العقليات في المجتمع، شرط أن تكون مصحوبة بآليات تطبيق جيدة، ولا بد من العمل على نشر ثقافة المساواة في المجتمع انطلاقاً من المدرسة والوسائط الاجتماعية والإعلام والكتب المدرسية والمناهج المدرسية، حتى تتلقى كافة مكونات المجتمع هذه الثقافة وبالتالي نتقدم نحو المساواة والمناصفة.

إن مدونة الأسرة من القضايا التي يجب على المنظمات النسوية التي تعتبر جزء من المجتمع المدني المغربي، النضال من أجل تغييرها لتتلاءم وتنسجم مع التطور، أي أن تعديلها اليوم بات أمراً ضرورياً وملحاً.