تنسيقية المرأة والطفل والمجتمع في العراق تخوض حرباً قانونية لتغيير الواقع
خطر حقيقي شعرت به المرأة بعد القراءة الأولى لتغيير المادة ٥٧ من قانون الأحوال الشخصية المتعلق بحضانة الأم للأطفال بعد الانفصال
غفران الراضي
بغداد ـ ، لتنتفض التجمعات والحركات النسوية ضد تغيير القانون طالبةً بحقوق المرأة القانونية منها تنسيقية المرأة والطفل والمجتمع.
تصدرت المادة 57 من قانون الأحوال الشخصية حديث الشارع العراقي منذ طرحها لقراءة أولية في مجلس النواب، مطلع حزيران/يونيو الماضي، واعتبره حقوقيون ورافضي تعديل القانون رجوعاً إلى الوراء وحرماناً للمرأة من أبنائها.
إسراء محمود سلمان ناشطة في حقوق المرأة ومن مؤسسي تنسيقية "المرأة والطفل والمجتمع"، تؤكد على ضرورة تأسيس التنسيقية في بداية العام الحالي، ليكون عمل الناشطين والحقوقيين واضحاً وأكثر تنظيماً بعد أن كان العمل لدعم النساء يتم بطريقة فردية لمجموعة ناشطين.
وتجد أن أهم ما قامت به التنسيقية هو كتابة قانون تعديل للمادة ٥٧ مضاد للمادة المعدلة والتي تمت قراءتها في مجلس النواب لتكون أكثر إنصافاً للمرأة والطفل مع حفظ حقوق الرجل كأب، حيث يتضمن القانون نقاط أساسية تتعلق بحفظ حق المرأة في الحضانة بكل الأحوال التي تحفظ حياة الطفل ومستقبله وتمنع استخدام الطفل كوسيلة ضغط ضد أحد الطرفين، بالإضافة لاحترام أبوة الرجل ودوره في تربية الطفل ورعايته.
وأشارت إلى أن قانون التعديل الذي أعدته التنسيقية مطروح للقراءة والتفضيل على قانون سحب الحضانة المعدل المجحف بحق المرأة، وقد تتم قراءته في بداية الفصل التشريعي الأول للبرلمان الجديد.
وتنص المادة 57 من قانون الأحوال الشخصية العراقي عدد 188 الصادر عام 1959، على أن "الأم أحق بحضانة الطفل وتربيته حال قيام الزوجية وبعد الفرقة ما لم يتضرر المحضون من ذلك"، ويشترط أن تكون "الحاضنة بالغة عاقلة أمينة قادرة على تربية المحضون وصيانته، ولا تسقط حضانة الأم المطلقة بزواجها، وتقرر المحكمة في هذه الحالة أحقية الأم أو الأب في الحضانة في ضوء مصلحة المحضون".
وينص الفصل الخامس من المادة على أنه "إذا أتم المحضون الخامسة عشرة من العمر يكون له حق الاختيار في الإقامة مع من يشاء من أبويه أو أحد أقاربه لحين إكماله الثامنة عشرة من العمر إذا أنست المحكمة منه الرشد في هذا الاختيار".
أما التعديل المنظور فيقترح أن تكون الأم المطلقة أحق بحضانة الطفل حتى يتم السابعة ويشترط عدم زواجها لأخذ الحضانة، ما يعني حرمان الأم من الأحقية في حضانة أبنائها عندما يتموا السابعة من العمر وحرمانها من الأحقية في الحضانة مباشرةً إذا تزوجت مرة أخرى، إلا أنه لا يشترط على الأب عدم الزواج لنيل حضانة الأبناء، كما ويعتبر التعديل الجد من الأب أحق بالحضانة من الأم في حال توفي الأب أو انتفت لديه شروط.
من جانب آخر تعتقد إسراء محمود أن المرأة بحاجة للتوعية القانونية وهذا ما تقوم به التنسيقية حيث تفتتح دورات لتوعية النساء بحقوقهن القانونية "تنسيقيتنا تقدم الدعم القانوني للنساء المعفنات اللواتي لا يمتلكن المال الكافي لتوكيل محامي لاستحصال حقوقهن حيث أن التنسيقية تتضمن وجود عدد من القانونيين الذين يتابعون هكذا حالات".
وترى أن العديد من القوانين تميز بين الجنسين تقول "تشكل القوانين التمييزية عقبة في طريق إعطاء النساء حقوقهن الإنسانية والسياسية والقانونية، فقوانين الأحوال الشخصية لا تزال تضم ضمن موادها بنوداً تتعارض مع المساواة والتعامل مع المرأة كمواطن له حقوق وواجبات بدون تمييز على أساس الجنس".
وعن رؤيتها للقانون العراقي تضيف إسراء محمود "القانون العراقي أعمى فيما يتعلق بحقوق المرأة فنجد أن جميع القوانين الحالية هي قوانين ذكورية بحتة لا تمنح المرأة أي أمان أو حقوق. وكذلك مماطلة مجلس النواب العراقي لإقرار أي قوانين تخدم المرأة هو تصرف مدفوع من قبل الأحزاب الإسلامية لجعل المرأة أشبه بالعبد".
وعن محاولة خرق اتفاقية القضاء على جميع اشكال التميز ضد المرأة "سيداو"، بينت أنه "حتى بعد توقيع العراق على اتفاقية سيداو نرى اليوم دفع من مجلس النواب العراقي نحو خرق هذه المعاهدة والذي سوف يضع العراق تحت عقوبات دولية، وآخر تلك المحاولات طرح إلغاء المادة 57 المتعلقة بالحضانة والتي تتضمن تمييز جندري واضح ضد النساء وتحرمهن من حقهن في حضانة أطفالهن والزواج وكذلك تشجع على زواج القاصرات تحت سن الثامنة عشر".
ولم تتخذ الحكومات المتعاقبة على العراق خطوة جدية باتجاه تغيير القوانين التي تقف ضد حقوق المرأة، حتى بعد مصادقة البلاد على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" عام 1986.
وتذكر لنا إسراء محمود القوانين الخطيرة على النساء "هنالك عدة قوانين تعتبر خطيرة جداً على النساء والأطفال من أهمها المادة 41 من قانون العقوبات التي تتضمن حق التأديب، والمادة 409 من قانون العقوبات العراقي التي تخفف أحكام جرائم القتل تحت مسمى غسل العار، تُقتل عشرات النساء العراقيات سنوياً وما زال المجرم حراً، ولم يعاقب إلا لبضعة شهور أو على الأكثر 3 سنوات".
ويعالج المشرع العراقي جرائم القتل بداعي الشرف ومن ضمنها الخيانة كقتل الزوج لزوجته أو أحد محارمه، وعده عذراً قانونياً مخففاً للعقوبة، وهو ما أوردته المادة 409 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969 المعدل، والتي حددت "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات من فاجأ زوجته أو إحدى محارمه في حالة تلبسها بالزنى أو وجودها في فراش واحد مع شريكها، فقتلهما في الحال أو قتل أحدهما أو اعتدى عليهما أو على أحدهما اعتداءً أفضى إلى الموت أو إلى عاهة مستديمة".
وعن الاغتصاب تحدد لنا فعلياً المادة القانونية التي تنتهك حقوق المرأة "من خلال المادة 398 من قانون العقوبات يتم تبرئة المغتصب في حال زواجه من الضحية. هذا القانون يجبر الضحية على أن تكون بعلاقة مستمرة مع مغتصبها".
بينما يولد الطفل ليكون الأب هو الولي الفعلي "المواد ١٠٢ و٥٨٨ و١٣٢٧ من القانون المدني تعطي الوصاية فقط للآباء". بالإضافة للمواد القانونية التي تعطي حق للرجل لطلب الانفصال وتمنعه عن المرأة "المواد 34 و37 و40 و43 و46 من قانون الأحوال الشخصية لا تعطي فرص متساوية للنساء لإنهاء وترك الزواج".
وأضافت "نجد النساء في العراق يقفن فعلياً ضد مجموعة من القوانين التي صممت لجعل المرأة أداةً لإشباع رغبات المجتمع الذكوري وإذلالها، نحن اليوم ندفع وبشدة كتنسيقية الطفولة والمرأة والمجتمع نحو إلغاء هذه القوانين الغير عادلة بحق المرأة والضغط على مجلس النواب لاستبدالها بقوانين أكثر انصافاً وهذا ما تسعى التنسيقية لتحقيقه".
كما وترتبط التنسيقية التي تضم عدد من الناشطين والقانونيين ايضاً بعدد من النساء خارج العراق ومنهم الناشطة إيناس الربيعي والتي كان لها دور في التحرك الاعلامي ضد تعديل المادة ٥٧ وأحد مؤسسي التنسيقية خارج العراق.
وأكدت لوكالتنا إيناس الربيعي المقيمة في ألمانيا، على ضرورة دفع عجلة التغيير للمرأة العراقية حتى وإن كان التواصل عبر الأقمار الصناعية.
وعن دورها في توعية النساء قانونياً تقول "التوعية وتعريف المرأة بحقوقها القانونية ومدى تأثير القانون على حياتها غاية في الأهمية وكان لي دور توعوي من خلال النقاشات والمحاضرات التوعوية عبر البث المباشر".
كما تؤكد على أهمية ما قدمته التنسيقية من قانون مضاد لما تم طرحه وقراءته داخل مجلس النواب لتحقيق التوازن والحفاظ على حقوق المرأة والطفل، وتعتقد أن التركيز على المرأة في العراق وحقوقها يأتي من كونها الحلقة الأضعف في المجتمع.
والجدير ذكره أن القانون المعدل لاقى رفضاً شديداً معتبرين أن التعديل يحرم الأم من حضانة أبنائها، وأطلق تجمع النساء المدنيات في العراق حملة جمعت توقيعات المئات من النساء وممثلات منظمات نسوية وحقوقية للتنديد بمقترح التعديل والتعبير عن رفضه، ما دفع ببعض النواب في البرلمان إلى الدعوة إلى تأجيل النظر فيه "لحين وجود اتفاق وتوافق سياسي برلماني على فقرات التعديل".