تباين في المواقف حول إيقاف الناشطات في تونس

تشكل قضية إيقاف الناشطات في تونس مصدر قلق للعديد من الجمعيات حيث أدى ذلك إلى إرباك عملها، وقد بلغ عدد الموقوفات سبعة ناشطات من بينهن رئيسة جمعية لديها رضيع يبلغ من العمر 40 يوماً.

زهور المشرقي

تونس ـ تزايد عدد النساء الموقوفات نتيجة تدوينات لهن على مواقع التواصل الاجتماعي زعم أنها تمس بصورة تونس في الخارج، وقد أثار إيقافهن جدلاً واسعاً.

تنامت المخاوف إزاء ما يتعرض له الناشطون/ات من تضييقات متزايدة على الرغم من انخراط تونس وانضمامها للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يحمي الحق في حرية الرأي والتعبير وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، والتجمع السلمي.

ويدعو المجتمع المدني إلى احترام المرسوم 88 المنظم للجمعيات في تونس، حيث أن أغلب الموقوفات بموجب المرسوم 54 المتعلق بمكافحة الجرائم الإلكترونية، حيث قالت الصحيفة خولة بوكريم، إن "المرسوم 54 الذي أقره الرئيس قيس سعيد تزامن مع المرسوم 55 المتعلق بالانتخابات ويحتوي على فصول تؤثر على حرية التعبير وممارسة العمل الصحفي والتدوين عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تشمل السياسيين/ت والحقوقيين/ت والنشطاء"، مؤكدةً أن المرسوم تم تطبيقه على إعلاميين/ت أثناء ممارستهم مهنتهم لاعتبار أن العمل الصحفي فيه النقد والتفسير والتحليل، "بات المرسوم حاجزاً، الأغلبية تتهرب من إثارة أي موضوع خوفاً من الإحالة إلى القضاء".

وأفادت بأن هناك حالات تعرضت للاعتقال بموجب المرسوم المذكور بسبب وصف الانتخابات الأخيرة بـ "المهزلة"، معتبرةً أن خطورة المرسوم ليس في تضييقه فقط على الحريات بل "أنه يسجن الحرية عند ممارستها، هو سيف مسلط يسلب الحرية من جهة ويمنع الناس من التداول في الشأن العام خوفاً من الإحالة وهذا المخيف بعد 12عاماً من الثورة، لقد تم إيهامنا أننا تخلصنا من الاستبداد، المرسوم أداة لتصفية المشهد الإعلامي والسياسي الناقد".

وأكدت خولة بوكريم أن الصحافي/ة والحقوقي/ة لا يعارض فكرة تنظيم حرية التعبير بدليل وجود المرسوم 115 الذي يعتبر مكسباً من مكاسب الثورة وينظم حرية التعبير والصحافة والنشر والطباعة، "نحن لا نريد الفوضى وضد إهانة الأشخاص وممارسة الحرية بشكل فوضوي وانفعالي أو بشكل متسيب، في الأصل لدينا ترسانة قانونية تضع الحد لكل من تجاوز الخطوط، في المرسوم 115 حين يخطأ الصحفي/ة يحاسب وكل الجرائم الإلكترونية يتناولها وأيضا هناك مجلة الإجراءات الجزائية تنظم، بما يعني أن فكرة إضافة مرسوم في إطار تقلص فيه مناخ الحريات فسيؤدي إلى قتل الحياة الحرة".

وأشارت إلى أن الصحفي المهني حتماً يتحلى بأخلاقيات المهنة الصحفية، "قواعد المهنة واضحة بما معناه أنني كصحفية لست منفلتة في نقدي للمسؤولين، اختار كلماتي وألفاظي التي لا ترمي التهم، في مهمتنا أيضا صحافة الرأي لها قواعدها، فإن اتهام مسؤول بالسرقة هذا ثلب أما أن أقول إنه فاشل فهو رأي".

وأكدت أن "الصحفي/ة وجب أن يعرف قواعد وأخلاقيات مهنته، ويعرف الفرق في جرائم الثلب وغيره وحقه في ممارسة مهنة الصحافة وينطبق أيضاً على السياسيين/ات والمواطنين/ات، نواصل التعبير ونتسلح بنفس الآليات واحترام القانون وبالذات البشرية وليس هناك مسؤول فوق النقد".

 

 

من جانبها اعتبرت الحقوقية منية بن جميع أن إيقاف الناشطات أمر غير مقبول في بلد تعود أبنائه على الحرية والتعبير عبر كل الوسائل، لافتةً أن إيقاف قاضيات عن عملهن بسبب مواقفهن السياسية والتحقيق مع صحافيات وناشطات سيكون له نتائج تؤثر على العمل الحقوقي والإعلامي الميداني الذي يحاول الدفاع عن أبرز مكاسب الثورة وهي الحرية وخلق أعلام متعدد وحر، مؤكدةً أن سجن الناشطات في المجتمع المدني والإعلامي اليوم بسبب أفكارهن السياسية ونشاطهن الجمعياتي سابقة "خطيرة"، "بلغ عددهن سبع ناشطات والقائمة تزداد كل يوم، هذه الخطوة مخالفة للقوانين التونسية والدولية التي تنخرط فيها بلادنا، ولا ننسى القانون 58 الذي يحارب العنف السياسي، لاعتبار أن إيقافهن  يندرج ضمن هذا الإطار، لا يمكن منع النشاط السياسي والجمعياتي لهن، اللافت أن هذا العنف من قبل الدولة".

وعن القانون 58 ومكافحة العنف السياسي، اعتبرت أنه غير مفعل ولا يطبق بدليل ارتفاع عدد الإيقاف في صفوف الناشطات مؤخراً، محذرةً من تواصل التنكيل بهن بسبب آراء لا ترقى لمستوى المساس بصورة البلاد أو استقراره.

وعن تطبيع المجتمع مع العنف خاصة الذي تتعرض له الناشطات، أرجعت منية بن جميع ذلك لذكورية المجتمع الذي يتغذى على التنكيل بالنساء، مفسرةً تفاقم ظاهرة العنف ضدهن على كافة الأصعدة أنها مرتبطة بتردي الوضع الاقتصادي والمشاكل السياسية خاصة التي فتحت الباب للهجوم عليهن.

وترى أن غياب الوقاية وحماية النساء خاصة الناشطات أدى إلى هذا الوضع المقلق، مؤكدةً على أهمية الحديث والتعبير عن مخاطر العنف السياسي إعلامياً، لا سيما وأنه خلق مشهد تعددي ومتنوع يخدم البلاد وتطوره ويجب أن تكون النساء طرفاً فيه.