سناء بن عاشور: النضال ضدّ العقلية الذكورية مستمر
أكدت رئيسة جمعية "بيتي" التونسية سناء بن عاشور أنّ الحركة النسوية في تونس تشكو من سطو المجتمع الذكوري على كافة المجالات، والتي تمثّلت في الانجرار نحو العنف، قائلةً بأن "النضال سيبقى مستمراً ولن يعيقه أي حاجز"
زهور المشرقي
تونس ـ .
قالت رئيسة جمعية "بيتي" سناء بن عاشور لوكالتنا، أنّ المجتمع الذكوري مبني على تقسيم المجتمع إلى قسمين غير متساويين حيث يوصف القسم الذي يوجد فيه النساء بالأقل قيمة وأهمية، وذكرت أن القسمين لا يضعان النساء والرجال على نفس الخط.
وأضافت أنّ ذلك دفع إلى استفحال ظاهرة العنف المجتمعي ضدّ الأقليات المثلية، وهو ما يثير المخاوف باعتباره يقوم على التمييز بين الجنسين.
ولفتت سناء بن عاشور إلى أنّ هناك مخاطر تهدد مكاسب النساء وهو ما لوحظ منذ2011، حيث برز خطاب رجعي يستهدف المكاسب التي حققتها المرأة عبر عقود من النضال، موضحةً أن ذلك الخطاب غيّب كل التطلعات إلى مستقبل أفضل، حيث تمّ حصر كل المكاسب في مجلة الأحوال الشخصية التي صدرت عام 1956 وباتت مع مرور الزمن والتحولات في المجتمع وسقف التطلعات والطموحات النسوية، غير مراعية لواقع النساء اليوم في تونس، في وقت تتطور فيه المجتمعات وتعمل الأجيال النسوية الجديدة على تغيير طرق النضال وتوسيع مساحة الحريات واكتساب حقوق أكبر.
وأضافت "أن تطلعات الشباب التونسيين تغيرت وباتت ترنو إلى مساواة تامة وعدالة اجتماعية وكرامة فعلية، ملاحظة خطورة الخطاب الرجعي الذي استشرى منذ 2011 وتوسّع ليصبح ضمن الخطاب الرسمي السلطوي، إلى درجة أن رئيس دولة يرفض المساواة، في وقت ينص الدستور على دولة مدنية قوامها المساواة التامة وإعلاء القانون، وبالرغم من ذلك نلاحظ تراجع عن المكتسبات النسوية المحققة"، وشدّدت على أنّ النضال سيبقى مستمراً ومتواصلاً ولن يتوقف أو يعيقه أي حاجز.
وبخصوص التحديات التي تواجه العمل النسوي في تونس، قالت بأنّ التحديات كثيرة في ظل تمدد الخطاب الرجعي الظلامي، المرتكز على عمليات التشكيك والتشويه والمبررات البالية، لكن إرادة التغيير نحو الأفضل والأرقى والأجمل هي التي تحرك المجتمعات وتبني الحضارات، والنضال الجماعي هو القادر على إزاحة العقبات تماماً كما حدث عام 2013 عندما ناضلت النسويات من أجل إقرار مبدأ المساواة وبعض الفصول التي انتصرت للمرأة في الدستور.
ودعت إلى مواصلة المدّ التضامني بين منظمات المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية التقدمية كجمعية النساء الديمقراطيات لتحقيق ما تطمح إليه المرأة ومحاربة كل الظواهر التي تهدد سلامتها وأبرزها العنف، مشيرةً إلى أنّ النضال من أجل حقوق المرأة جزء أساسي من مسيرة انتصار حقوق الإنسان عموماً.
وختمت رئيسة جمعية "بيتي" سناء بن عاشور حديثها بالقول "التحدي هو ألا نفشل، وأن نقاوم لبناء أساس مجتمع متحرر متماسك برجاله ونسائه حتى تكون مسيرة البناء والتقدم سليمة غير عرجاء، وتعتبر نسويات تونس أن مجلة الأحوال الشخصية إذا تمت مقارنتها بنظيراتها في المنطقة العربية فسيعتبر أنّ التونسيات محظوظات، لكن الهدف الذي تأسست من أجله أصلاً الحركة النسوية في تونس هو إدراك قصور هذه المجلّة عن تحقيق قيمة إنسانية لا يناقش فيها عاقلان وهي قيمة المساواة، هذه المجلّة تعطي مجموعة من الامتيازات على أساس الجنس وهي مجلة جاءت لتأسيس وتحديث الأسرة التونسية، ووضعت بعض الأحكام والضوابط المهمة والتاريخية مثل تحديد سن الزواج وإقرار الطلاق في المحاكم، ومنع الزواج بغير الصيغ القانونية، وتمكين النساء من الطلاق أمام المحاكم بنفس الشروط التي يتمتع به الرجال، ولكن بالمقابل حافظت على بعض الامتيازات منها مثلاً اللقب العائلي الذي يسند للأب فقط، ومنها رئاسة العائلة التي هي حكر على الزوج، وأيضاً صلاحيات الولاية على أطفالها، فضلاً عن أنّ المرأة عندما تطلّق وتتزوج مرة ثانية قد تحرم من الحضانة، إلى جانب مسألة الموارد التي تنظّم عن طريق انتقال الملكية في حالة الوفاة والوراثة، وهذا ظلّ محل جدل واسع ونقد نسوي منذ التسعينات الى اليوم".
وتتّفق الجمعيات النسوية المدافعة عن حقوق النساء في أنّ الحقوق التي اكتسبتها المرأة لا زالت ناقصة ويجب العمل من أجل تنميتها والرفع بسقف المطالب أكثر، خاصّة مع توسّع الهجمات الرجعية على المرأة ومع ارتفاع نسب العنف بشتى أنواعه ضد النساء، مما دفع الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات التوجه للمقر الخاص للأمم المتحدة لدعم النسويات في الحدّ من الظاهرة التي تقتل نساء تونس.