سحر الهاشمي: قانون العقوبات العراقي ينتهك حقوق المرأة

دائماً ما يكون الحديث عن المجتمع وظلمه للمرأة مقتصر على عادات وتقاليد تنصر الرجل دون وجه حق، لكن يختلف الوضع عندما يكون الحديث عن قانون دولة يسيطر على القرار ويظلم المرأة بالقانون.

غفران الراضي 
بغداد ـ
أكدت المحامية سحر الهاشمي لوكالتنا وكالة أنباء المرأة أن قانون العقوبات العراقي ينتهك حقوق المرأة، ويحتاج إلى التعديل لاستيفاء مبادئ الحكم الديمقراطي في العراق، ولحماية حقوق الإنسان، وأضافت بأن "الحكم السابق قد أجرى تعديلات كثيرة في قانون العقوبات العراقي رقم 111 الصادر عام 1969، ليتضمن الحكم على جرائم أغلبها لا تستند إلى معيار سليم للتجريم، ومعاقبة مرتكبها بأقسى العقوبات والتشديد الصارم على عقوبات لعدد كبير من الجرائم دون مبرر".
 
مواد قانونية تنتهك حقوق المرأة وتنصر العادات والتقاليد
أما عن حال المرأة في قانون العقوبات قالت سحر الهاشمي أن "قانون العقوبات العراقي بدلاً من أن يكون منصفاً للمرأة وحامٍ لها، نجده ينتهك حقوقها، أن قانون العقوبات المتعلق بالمرأة تحول إلى عرف مجتمعي وعشائري".
مضيفةً أنه "عندما نلقي نظرة على النصوص العقابية لهذا القانون فأننا نجد بأن المادة ٤١ منه تدرج ضرب الرجل لزوجته كحق من حقوقه، هذه المادة تنتهك حق المرأة في السلامة الجسدية وتهدر كرامتها فهي تسمح للزوج بأن يضرب زوجته بحجة تأديبها، وقد تصل حدود هذا التأديب إلى درجة شديدة من الايذاء الجسدي والنفسي إذا ما كان العرف السائد في منطقة أو عائلة أو عشيرة الزوج أو الزوجة يسمح بذلك كالضرب بالعصا أو الحزام، وكذلك الحبس في غرفة مظلمة أو الحرمان من الطعام وإلى غير ذلك من أساليب، بحجة التأديب بحسب العرف الذي سيمنع محاكمة الزوج لإن القانون يبيح ذلك له".
وأكدت سحر الهاشمي أن المخاطبة التمييزية في القانون تتعارض مع أحكام المادة 41 من الدستور العراقي التي تقر بأن العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس، هذه المخاطبة التمييزية تتعارض أيضاً مع أحكام المادة 29 من دستور البلاد، والتي تقر في فقرتها الرابعة منع كل أشكال العنف والتعسف في الأسرة والمدرسة والمجتمع.
 
قوانين مفصلة لتبرئة الرجل وإدانة المرأة  
أوضحت سحر الهاشمي عقوبة كلاً من الرجل والمرأة في جريمة الزنا ضمن قانون العقوبات "لو ألقينا نظرة على النصوص العقابية المتعلقة بالجرائم التي تمس بالأسرة لوجدنا تمييزاً بين العقوبة المفروضة على الرجل والمرأة على نفس الجرم، فالمادة ٣٧٧ تنص على أنه تعاقب بحبس الزوجة الزانية ومن زنا بها، كما يعاقب بالعقوبة ذاتها الزوج إذا زنى في منزل الزوجية"، وتشرح المحامية ذلك بالقول "أن الزوج إذا ما زنا في مكان آخر غير منزل الزوجية، فلا يعد جانياً أو مرتكباً لجريمة وأن عمله مشروع، في حين أن الزوجة أينما زنت فأنها تعد جانية ومرتكبة لجريمة الزنا".
مضيفة "هذا يعد انتهاكاً لمبدئ المساواة بين المرأة والرجل أمام القانون المنصوص عليه في المادة 14 والمادة 2 من الدستور العراقي، وتقر الأخيرة في الفقرة (أ) بأنه لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام".
وترى سحر الهاشمي أنه من الغريب وجود مادة قانونية لا تحاسب الرجل إذا حرض أو أجبر زوجته على البغاء وممارسة الجنس، إذا لم يحدث ذلك "من المواد المجحفة بحق المرأة العراقية قانونياً وشرعاً وإنسانياً هي المادة 380 من القانون نفسه، والتي تنص على أن كل زوج حرض زوجته على الزنا فزنت بناءً على هذا التحريض يعاقب بالحبس، إن هذه المادة تشكل خطراً كبيراً على المرأة وعلى المجتمع". 
وتضيف "إن مجرد تحريضه لها على الزنا يعد جريمة خطيرة بحد ذاتها، وفي حالة أرادت الزوجة أن تشتكي فلن تسمع منها الشكوى، لأنها يجب أن تزني أولاً قبل أن تشتكي"، موضحة أن هذا الأمر مرفوض منطقياً واجتماعياً، "لأن القانون أحد أهم واجباته منع وقوع الجريمة، وإذا ما وقعت فأنه يعاقب عليها وليس من مهامه التهيئة لوقوع الجريمة".
وتتابع سحر الهاشمي حول عقوبة هذه الجريمة "العقوبة المقررة في المادة 380 قليلة الشأن والتأثير ولا تتناسب وجسامة الجريمة وأبعادها، في حين أن جريمة كهذه تستحق أشد العقوبات كونها جريمة تمس الكرامة والأخلاق والشرف، وتحط من قيمة المرأة وقدسية العلاقة الزوجية وتمس القيم العائلية".
 
عقوبات مخففة بحق من قتل زوجته
من القوانين الظالمة للمرأة أيضاً المادة 409 والتي تنص على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات من فاجئ زوجته أو أحد محارمه في حالة تلبسها بالزنا أو وجودها في فراش واحد مع شريكها فقتلهما في الحال، أو قتل أحدهما أو اعتدى عليهما أو على أحدهما اعتداء أفضى إلى الموت أو إلى عاهة مستديمة".
تجد سحر الهاشمي أن هناك استهتاراً بمشاعر المرأة يظهر في التمييز بين عقوبة المرأة والرجل بقولها "الزوجة لو فاجأت زوجها في حال تلبسه بالزنا وقتلته فيعد ذلك بنظر القانون جريمة القتل العمد حسب المادة 405 أو يمكن أن تصل للتشديد ويحكم عليها بالإعدام حسب المادة 406".
وتتساءل سحر الهاشمي حول أسباب هذا التمييز "لماذا هذا التميز فهل يعقل أن ترى المرأة زوجها مع أخرى وتبقى متفرجة؟ نفس الدافع الذي جعله يقتل زوجته والقانون خفف عنه العقوبة، هو نفسه دافع المرأة لكن القانون اعتبرها مجرمة وقد تصل عقوبتها إلى الإعدام".
 
يعفى من العقوبة المغتصب إذا تزوج من اغتصبها 
من القوانين المنتهكة لحقوق الإنسان وكرامته فضلاً عن المرأة هو القانون الذي يعفي المغتصب من العقوبة، تماشياً مع نظرة المجتمع "المرأة المغتصبة تصبح عار على أهلها الذين يقبلون تزويجها من المغتصب، وبذلك يعفى من العقوبة حسب القانون".
وتضيف سحر الهاشمي عن المادة 398 "تشكل أخطر أنواع الانتهاكات لحقوق المرأة أنها إهانة فضيعة لكرامتها وحقوقها الإنسانية، وهي في ذات الوقت تكريس بشع لأعرافٍ وتقاليدٍ بالية دائماً تقع ضحيتها المرأة ولا علاقة لها بأحكام الإسلام، ولا بالقيم الأخلاقية، فإضافة إلى أنها ضحية لشخص بلا قيم تجبر على أن تكون زوجة له حتى تتم مكافئته على جرمه وإعفاءه من العقاب".
وشددت على ضرورة إلغاء هذا القانون "على المشرع العراقي أن يلتفت لخطورة هذه المادة، وألا يسمح بهذا الالتفاف المهين على القانون، للتخلص من العقاب وأن يبادر إلى إلغاء هذا العذر من القانون حتى لا يتم استغلاله بما يسيء للمجتمع". 
 
الكوتا أضعفت دور المرأة في البرلمان وقوضت مساعي تشريع قانون العنف الأسري 
تعتبر سحر الهاشمي أن قانون العنف الأسري هو السبيل الوحيد لحفظ حقوق المرأة والطفل، "تتظافر عدة عوامل تعيق تشريع قانون مناهضة العنف الأسري، وكذلك تعيق تعديل بعض نصوص القانون المجحفة بحق المرأة، وأهمها الطبيعة القبلية الذكورية المتأصلة في المجتمع العراقي، وانعدام دور النائبات في البرلمان، وهي تمثل صوت المرأة العراقية، لكن للآسف أن أغلب النائبات في البرلمان العراقي عديمات الدور".
وترى أن ذلك يعود لنظام الكوتا الذي ساهم بصعود نساء ذوات عقلية ذكورية، وأصبحن أدوات بإيادي رؤساء الكتل وأغلب القوانين التي تحمي وتخدم المرأة لا يتم تشريعها. 
والسبب الرئيسي في عدم تشريع قانون أو تعديل النصوص التي تصب في صالح المرأة، والحديث لسحر الهاشمي يعود للطبقة السياسية الحاكمة ذات الطابع الذكوري القبلي العنصري، وأيضاً لطبيعة المجتمع العراقي الغير متقبلة لفكرة المساواة بين الرجل والمرأة على جميع الأصعدة، "للأسف الشديد هناك ظلم وإجحاف مجتمعي وسياسي بحق المرأة ومكانتها وحريتها، ومركزها القانوني في المجتمع العراقي".