صحفية: رسائل التهديد لن ترهبني وسأكمل مسيرتي في كشف الحقيقة
"أعلم أنني ربما أكون مستهدفة. لن ترهبني رسالة التهديد كما لم يرهبني العدو عندما قتل زملائي"، بهذه الكلمات أكدت الصحفية آمال خليل أنها ستواصل مسيرتها في كشف الحقيقة على الرغم من التهديدات التي تعرضت لها.
فاديا جمعة
لبنان ـ لطالما أثبتت إسرائيل عداءها للحقيقة التي تكشف جرائمها، فكانت ولا تزال متصدية لها ولكل من يحملها من صحفيين ومراسلين وكتاب وغيرهم، وللصحفيين في استهدافاتها حصة كبيرة حيث أصبحوا على علم أن الخوذ الزرقاء والدروع الواقية المدموغة بكلمة "press" (صحافة) لن تشفع لهم حتى قاربت 172 قتيلاً منذ بداية الحرب بين القوات الإسرائيلية وحركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وفي جنوب لبنان.
ما ترتكبه القوات الإسرائيلية بحق الصحفيين يمثل خرقاً لكل المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وآخر هذه الاستهدافات هو ما تعرضت له الصحفيّة اللبنانية آمال خليل، العاملة في جريدة "الأخبار" التي تولت تغطية الحرب الإسرائيلية على جنوب لبنان، فكانت حصتها تهديداً مباشراً عبر تطبيق "واتساب" وجاء في التهديد "سنفصل رأسك عن كتفيك إن لم تُغادري لبنان".
شجب وإدانة
بدورها أبلغت الصحفية والمراسلة الميدانية آمال خليل الجهات المعنية بهذا الأمر، خصوصاً وأن إسرائيل لجأ مؤخراً إلى هذا الأسلوب من التهديد مع العديد من الأشخاص في لبنان، فيما أكدت الأجهزة الأمنية أن التهديد جدي وأن الرقم هو من داخل فلسطين، وكانت إسرائيل قد استهدفت وقتلت مراسلة "الميادين" فرح عمر والمصور ربيع المعماري، بالإضافة إلى مصور وكالة "رويترز" في لبنان عصام العبد الله.
وعقب الحادثة، أدان نقيب محرري الصحافة اللبنانية، جوزيف القصيفي، التهديد الإسرائيلي الذي تعرضت له الصحفية اللبنانية آمال خليل، واعتبره تهديداً مخالفاً لكل المواثيق والعهود والقوانين التي من شأنها حماية الصحفيين خلال الحروب.
كما قال الاتحاد العام للصحفيّين العرب والاتحاد الدولي للصحفيّين والهيئات الأممية المعنيّة "نضع هذه الواقعة أمامكم لتكونوا على علم بما تمارسه إسرائيل ضد كل صحفي وإعلامي يقوم بواجبه المهني، ويسلط الضوء على ما ترتكبه آلة الحرب الإسرائيلية من إجرام متعمد في حق المدنيين في غزة، والضفة الغربية وجنوب لبنان".
وقالت الصحفية آمال خليل لوكالتنا عن تفاصيل التهديد "في 25 آب الماضي أي قبل نحو ثلاثة أسابيع، تلقيت رسالة على هاتفي الخاص من رقم فلسطيني، تضمنت الرسالة تهديداً جاء فيه (غادري جنوب لبنان وغادري لبنان)، رداً على تغطيتي الميدانية للقصف الإسرائيلي على جنوب لبنان منذ ما يقارب العام".
وأشارت إلى أن مرسل الرسالة تعمد تضمينها ببعض الإشارات المتعلقة بها كالبيانات الشخصية ليبين لها أنه يعلم الكثير عنها وعن تحركاتها حيث قال فيها "نحن نرصد تنقلاتكِ من بلدة إلى بلدة"، "نعرف منزلكِ وأنكِ تقيمين مع أهلك"، "ننصحكِ بالسفر إلى دولة عربية وحدد قطر" لأنها عادة ما تسافر إليها بسبب وجود أقارب لها هناك، ثم ختم رسالته "ننصحكِ بذلك وإلا سنقوم بفصل رأسكِ عن كتفيكِ".
وأوضحت أن هذه الرسالة ليست بغريبة على إسرائيل لأنها في الأسبوع الأول من الحرب على قطاع غزة قتلت الصحفيين في جنوب لبنان، من بينهم عصام العبد الله الذي كان من أول استهدافاتها المباشرة، وبعد شهر عاودت واستهدفت تجمعاً للصحفيين في بلدة يارون "كنت من بين هذا التجمع، وقد وثقت هذا الاعتداء مباشرة على الهواء وعاودت إسرائيل بعد أسبوعين لقتل الصحفيين في قناة الميادين في بلدة مجدل زون".
"لن ترهبني رسالة تهديد"
وقالت آمال خليل منذ بداية الحرب، جاهرت إسرائيل بعدائها للصحفيين وأنذرتهم بمغادرة الجنوب لأنها تعاديهم وتعادي الكلمة والصورة التي تفضح ما ترتكبه من جرائم، وهذا ليس غريباً، فإسرائيل لا تعرف سوى لغة التهديد والقتل والترهيب وهذا هو أسلوبها، لافتةً إلى أنه "على الرغم من حالات الاستهداف التي طالت العديد من الصحفيين، إلا أننا لم نغادر الجنوب بل كانت دماؤهم حافزاً أكبر لنا على البقاء والصمود ومواصلة أداء مهامنا وواجباتنا، لذلك بقيت مع الكثير من الزملاء الآخرين الذين صمدوا في الجنوب وهذا الصمود جعلنا نساهم في توثيق التاريخ".
ولفتت إلى أنه "رغم القصف المستمر كنا نتنقل ونحمل الكاميرا والقلم في ظروف خطيرة رافقتها المسيّرات فوق رؤوسنا والقصف المدفعي والغارات، وكنا نعلم أن هذا العدو لن يتوانى عن استهدافنا"، مؤكدةً أنها كما صمدت سابقاً ستكمل مسيرتها "أعلم أنني ربما أكون مستهدفة، ولكن لن ترهبني رسالة التهديد كما لم يرهبني العدو عندما قتل زملائي".
واعتبرت آمال خليل أن "هذه الرسالة هي بمثابة اختبار لها ولكل زميلاتها وزملائها الذين أثبتوا أنفسهم في الميادين في ظروف جداً استثنائية وصعبة، خصوصاً أننا كنا رائدات في التغطية الميدانية لهذه الحرب المستمرة".