نرمين الشريف: تعرضت لمحاولات اغتيال وللاعتقال لكن ذلك لم يثني من عزيمتي (1)

تعرضت للاغتيال ثلاث مرات، وتم اعتقالها أكثر من مرة، والحجز على جواز سفرها وجميع ممتلكاتها، ومنعها من السفر، حتى يثنوها عن عزمها في أداء مهمتا التي قالت عنها "أمانة تقع على عاتقها ولا تستطيع التخلي عنها، وهي الدفاع عن العمال ونزع حقوقهم"

ابتسام اغفير
بنغازي ـ ، في بلد مزقته الصراعات السياسية والانقسامات، والحروب.
تقول رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال ليبيا نرمين ناجي الشريف بأن والدها علمها حب العمل النقابي منذ صغرها فقد كان يحملها معه أينما ذهب. نيرمين تشربت العمل النقابي منذ صغرها فوالدها كان رئيس نقابة المصارف ببنغازي، ورئيس اتحاد المنتجين، كما كان عمها رئيس نقابة الموانئ والبحارة على مستوى ليبيا.
تستطرد نرمين عن بداية انطلاقتها في العمل النقابي قائلة "بعد تخرجي من كلية الاقتصاد حصلت على عمل في شركة الجزيرة للتخليص الجمركي والأعمال المكملة له، ولكن لم تكن لهذه الشركة نقابة خاصة بها حيث كان 400 عامل ينضوون تحت مظلة نقابة ميناء بنغازي الذي يصل عدد العاملين فيه إلى 1500 عامل وبذلك كانت أصواتنا ضعيفة عند المطالبة بحقوقنا".
 
"كوني من عائلة نقابية دعمني كثيراً"
تقول عن تأسيسها لنقابة خاصة بالشركة التي تعمل بها "عام 2002 حدثت مشكلة حيث تقرر فصل 120 عاملاً ممن كانوا يعملون تحت الشمس والذين من خلالهم نحصل على قوت يومنا، فكان لابد من إنشاء نقابة خاصة بالعاملين بالشركة تدافع عنهم وتسترد حقوقهم".
وحين سألناها كيف استطاعت طرح مثل هذه الفكرة بتكوين نقابة جديدة خاصة أن كل شيء في فترة النظام السابق لا يخرج عن الحدود المرسومة له أجابت "لأنني من عائلة نقابية ووالدي على دراية كاملة بالقانون 23 الخاص بالنقابات، وأيضاً عمي الذي كان يشغل آنذاك منصب رئيس شؤون النقابات على مستوى ليبيا فقد كانت الأمور سهلة وسلسة بالنسبة لي، وقد طلبوا مني القيام بتوضيح عمل النقابة وأن يتم توقيع عريضة من قبل العاملين في الشركة من أجل اعتمادها وفعلاً تمت الموافقة بإنشاء نقابة خاصة بشركة الجزيرة للتخليص الجمركي وتكون تحت مظلة نقابة الموانئ والبحارة في ليبيا، وتم انتخابي كنائب للنقابة وعضو في نقابة البلدية". 
 
لأول مرة على مستوى ليبيا
وأشارت نرمين الشريف بأنه لأول مرة على مستوى ليبيا تكون هناك امرأة في النقابة العامة "تم انتخابي الأمين العام المساعد لنقابة الموانئ والبحارة على مستوى ليبيا وعملت في هذا المنصب إلى عام 2010 حيث شاركنا في محافل دولية"، وأضافت "في ذلك الوقت لم نكن نملك حرية الحديث في تلك المحافل التي نحضرها ففي اليوم الذي تحدثت فيه تم تجميد نقابتي، إذ تحدثت عن النقابات والاتفاقات التي صادقت عليها الدولة الليبية، وكيف أن الدولة الليبية ملزمة بتنفيذ ما جاء فيها".
وبينت "علقت قائلة أثناء دورة أقيمت بسوريا إذا قمنا بأضراب في ليبيا فسوف يتم سجننا وللأسف هذه الكلمة سبقتني إلى ليبيا فعند عودتي تم التحقيق معي وتجميد نقابتي، إلى بداية عام 2011، قبل الثورة بقليل تم إعادة النقابة مع الأخذ بالاعتبار أنهم قاموا باستبعادي نهائياً عنها، ولكن تم خلال الاجتماع وبالإجماع انتخابي رئيساً للنقابة، وكانت المرة الأولى التي تترأس فيها امرأة نقابة الموانئ والبحارة على مستوى العالم وليس على مستوى ليبيا فقط، وقمنا بتأسيس اتحاد عربي للنقابات، وانضممنا للاتحاد الدولي للنقل باعتبار أن الموانئ لها علاقة بالنقل البحري".
 
"الانسحاب من اتحاد العمال"
في 15 شباط/فبراير 2011 انطلقت احتجاجات واسعة إثر اعتقال محامي ضحايا سجن بوسليم وتحولت مطالب المحتجين من الإفراج عنه لإسقاط نظام العقيد معمر القذافي واندلعت المظاهرات في مدن عديدة بعد قمع قوات الأمن للمتظاهرين.
تقول نرمين الشريف عن عملها بعد الثورة "تم تغيير اسم اتحاد المنتجين إلى اتحاد العمال وتم اختيار الممثلين عن هذا الاتحاد، وتم اختياري ممثلة عن المرأة دون علمي، وتم تكليفي قبلها باستلام مقر اتحاد العمال بمدينة طرابلس وتسيير العمل به، إلى أن يتم الاجتماع ببقية الأعضاء وتم استدعاء جميع النقابات في ليبيا، وفي الاجتماع تحدث الجميع عن الأمور التنظيمية".
وتوضح بأن "العمل النقابي كان يسير بشكل جيد إلى أن بدأ الصراع على السلطة في ليبيا وبدأت الحرب في بنغازي وبدأ الانقسام السياسي، عام 2014 تم الاستيلاء على مقر الاتحاد في طرابلس واعطائه لجهات أخرى كما تم الاستيلاء على كل ما يخصه، إلى أن أظهر ديوان المحاسبة بأن القائمين بأمر الاتحاد قد قاموا باختلاس مبلغ مليون دينار، وطالبناهم بالتنحي ولكنهم رفضوا ذلك، فما كان منا نحن كنقابة الموانئ والبحارة الانسحاب من الاتحاد، وبالتالي سلكت مسلكنا العديد من النقابات، وبناء على هذه الخلفية تم الإعلان يوم عيد العمال العام 2016، عن تأسيس الاتحاد العام لنقابات عمال ليبيا وهذه التسمية كانت موجودة منذ عهد الاستقلال، وانضمت إلينا النقابات التي تأسست بصفة شرعية، وتم تحديد موعد الانتخاب في شهر أيلول/سبتمبر من مختلف المدن الليبية جنوباً وشرقاً وغرباً، بتونس الشقيقة". 
 
"تم القبض عليَ لمنعي من حضور الانتخابات"
لماذا تتم الانتخابات في تونس؟ تجيب نرمين الشريف عن هذا السؤال "في ذلك الوقت كانت الحرب ماتزال مستمرة ومن الصعب أن يأتي أحد من الغرب للشرق والعكس، أيضاً لابد من حضور الاتحادات العربية والدولية حتى يكون للاتحاد شرعية، وحتى يتم الاعتراف به، كما أنه تم رعاية هذا الاجتماع لوجستياً من منظمات دولية، للأسف قبل سفري إلى تونس طلبوا مني موافقة أمنية ولابد من أن توقع عليها المؤسسة العسكرية الموجودة في منطقة بنينا، وعندما ذهبت إلى هناك تم القبض علي بحجة أنني داعشية"، وتوضح "المراد من هذا الاعتقال هو منعي من الذهاب إلى تونس حتى لا يتم انتخابي، وتم نقلي إلى مقر الأمن الخارجي بحكم أنني أحمل جواز سفر دبلوماسي من منظمة العمل العربية حيث كنت منتخبة في لجنة المرأة على مستوى الوطن العربي، وتم سحب جوازات سفري واجهزتي وسيارتي وكل شيء، ولم أحضر الانتخابات لكن بفضل الذين حضروا تم انتخابي غيابياً، رئيساً للاتحاد العام لنقابات عمال ليبيا وأنا موجودة به حالياً".
 
أسباب قبلية وكيدية
وعن الأسباب التي أدت لاعتقالها تقول "أسباب قبلية للأسف الشديد فكانت هناك قبيلة بعينها لا ترغب بوجودي في الاتحاد، ومن المفارقة أن من حقق معي هو من ذات القبيلة وهو من أنصفني وأفرجوا عني وأخبروني بأن البلاغ كيدياً فقط".
وعن محاولات اغتيالها تقول "لقد تعرضت لمحاولة اغتيال ثلاث مرات، خلال أعوام 2014، و2015، و2016، لكني نجوت وتم انتخابي رئيساً للاتحاد العام لنقابات عمال ليبيا، وكان لهذا الانتخاب صدى كبير في العالم باعتبار أنها المرة الأولى التي يتم فيها انتخاب امرأة لهذا المنصب". 
وتقول نرمين الشريف "بدأنا بالعمل في الاتحاد واستطعنا الحصول على مقاعد دولية، كان قبل عام 2011 يتم شراؤها بالدولار وقد تصل القيمة إلى 200 ألف دولار ولكن نحن انتزعناها بنضالنا وبعملنا وبصدقنا في عملنا النقابي، كما تم انتخابي رئيساً لنقابة الموانئ والبحارة بالاتحاد الدولي للنقل بالمنطقة العربية، ومنها انتخبت في اللجنة الدولية للبحارة والموانئ على مستوى العالم، وعضواً في لجنة المعايير العادلة للموانئ والبحارة في الاتحاد الدولي على مستوى العالم وهذه المقاعد قوية ولها دور فاعل في العالم، فلو أن هذه اللجنة طالبت الموانئ بعدم الذهاب إلى الموانئ الليبية فستقوم بما طلب منها".
 
"سحب جواز سفري وجميع ممتلكاتي" 
وتضيف نرمين الشريف "على الرغم من دعمي للعمل النقابي إلا أنني أتعرض للاعتقالات ومنعي من السفر بين الحين والآخر في الفترات السابقة، فقد تم سحب جواز سفري عام 2017 ومنعت من السفر لحضور أحد الاجتماعات، ولأول مرة أخاطب الاتحاد الدولي وأخبرهم بأنني لا أستطيع الحضور بسبب سحب جواز سفري"، وتكمل "اتفاجأ بأن عمال النقل في الهند يغلقون السفارة الليبية هناك رافعين صوري ويطالبون بإعطائي حرية التنقل، وحدث ما يشبه الثورة من قبل العمال في عدد كبير من دول العالم حول منعي من السفر".
وأكدت "على الرغم من ذلك ما زلت في هذا المنصب وسيكون هناك اجتماع في شهر تشرين الأول/أكتوبر القادم خاص بالاتحاد الدولي للنقابات على مستوى العالم وسأضع أمام هذا الاتحاد ملف الاتحاد العام لنقابات عمال ليبيا لاعتماده دولياً ويصبح تحت مظلة اتحاد نقابات العالم".
وعن الأخبار التي تم تداولها عن تركها ليبيا وذهابها كلاجئة لدى أحد الدول العربية تقول "هذه الأخبار غير صحيحة فأنا لم أترك ليبيا، أسافر لأيام من أجل العمل ثم أعود، الفترة الوحيدة التي غبت فيها لمدة عام كامل هي فترة العلاج لأخي، وانتقلت به من دولة لدولة، ورغم ذلك كنت ملتزمة بالعمل وبعد انقضاء العام عدت إلى ليبيا".