ناشطة نسوية في عيد المرأة الوطني: مجلة الأحوال الشخصية لم تلغ سلطة الذكور
تُحيي تونس اليوم الجمعة 13آب/أغسطس عيد المرأة الوطني، يوم سنّت مجلة الأحوال الشّخصية قوانين للأسرة تحوي تغيرات جوهرية من أهمها منع تعدد الزّوجات وسحب القوامة من الرّجل وجعل الطّلاق بيد المحكمة عوضاً عن الرجل
زهور المشرقي
تونس- .
تلك القرارات التي أُعتبرت في تلك الفترة ثورية وجوهرية غيّرت من واقع المرأة في تونس وجعلت منها مثالاً يحتذى به في المنطقة ككل في مجال الحقوق المكتسبة في فترة زمنية كانت تتسمّ حينها بهيمنة المجتمع الذكوري وسيطرته، وهناك من يؤيد هذه الذكرى، ومن يدعو إلى إحداث تغييرات جذرية في المجلة التي تراها نسويات تجاوزها الزمن بسبب تغير العقلية النسوية وتطوّرها.
وترى الناشطة النسوية التونسية ورئيسة جمعية "صوت حواء" جنات كدّاشي، أنه ما من شك في أنّ صدور هذه المجلة وما احتوته من فصول تحرّرية، ليس في تونس فحسب، بل في معظم الدول العربية، إذ شكّلت مجلة الأحوال الشخصية خطوة مهمّة على طريق نيل المرأة التونسية حقوقها المدنية، وهو ما أكسبها "الريادة" في عالم يشكو من تخلّف كبير في مجال حقوق المرأة خاصة والحريات والحقوق المدنية والسياسية عامة.
واعتبرت أن هذه المجلة لم تكن "ثورة" تشريعية بل اعتُبرت إصلاحاً في المنظومة الأبويّة، لكنها لم تُلغِ سلطة الذكور، أو تضعْ حداً للتمييز بين الجنسين، ففي أكثر من مجال، حافظت بعض النصوص على "تفوّق" الرجل في العائلة والمجتمع والحياة العامة.
وأردفت "لقد ألغت المجلة تعدّد الزوجات وأكسبت الزواج طابعاً مدنيّاً نسبيّاً، وأعطت المرأة حقّ اختيار شريك حياتها، كما منحتها الحق في الطلاق، لكنها حافظت على مؤسّسة المهر (وهو شرعاً وتقليداً ما يدفعه الرجل مقابل عقد الزواج). ومنحت رئاسة العائلة للرجل مع ما ينجرّ عن ذلك من واجب الطاعة وخدمة الزوجة للزوج والولاية على الأطفال ومن اختيار مقر السكنى وتلقب العائلة بلقب الزوج، كما كرّست التمييز في الإرث وتعاملت معه كتشريع مقدس، لا كنتاج اجتماعي، تاريخي ونسبي، مثله مثل كل التشريعات المحدّدة في الزمان والمكان".
وأشارت إلى أن "الفترة التي سبقت إصدار مجلة الأحوال الشخصية كانت فقيرة من الناحية القانونية برغم ثرائها الفكري"، وأفادت بأن هذه المجلة أسهمت في إحداث تغييرات في واقع المرأة إلا أن حدودها سرعان ما انكشفت، إذ وجدت المرأة التونسية نفسها شيئاً فشيئاً مكبّلة بهذه المجلة وبالتشريعات الأخرى ذات الطابع الأبوي التي ظلت، برغم ما فيها من تقدّم، تعتبرها مواطنة "تحت الوصاية"، غير كاملة الحقوق، كما وجدت نفسها مكبّلة بالعوائق المادية التي يفرضها الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي والديني، وهي عوائق تحول أحياناً حتى دون تمتّع المرأة بما يمنحه لها القانون والتشريعات من حقوق.
وأكدت إنّ مجلة الأحوال الشخصية التي فتحت باب الإصلاح في عام 1957، فقدت تدريجياً، ريادتها في العالم العربي ولم تعد تستجيب إلى تطلّعات نساء تونس ورغبتهن في التحرر بعد عقود من التعلم والمساهمة في بناء المجتمع والانفتاح على العالم، كما أنهن خرجن إلى العمل سواء في القطاع العمومي أو القطاع الخاص وشاركن في العمل النقابي والنشاط الثقافي.
وختمت حديثها قائلة "أصبحت مسألة استكمال حقوق النساء لتحقيق المساواة، في نصوص القانون على الأقل، مسألة محورية، لا يمكن لأيّ طرف أن يتجاهلها... نساء تونس اللواتي واجهن الاستغلال والقمع في ظل الدكتاتورية، كانت لهن مشاركة كبيرة في الثورة التونسية التي أسقطت هذه الدكتاتورية، وبالطبع كنّ يساهمن في هذا الإنجاز التاريخي، ويطمحن إلى تحقيق مطلبهن في التحرّر التام والحقيقي".