ناشطة بيئية ونسوية تعمل على تطوير بروتوكول اختياري لاتفاقية سيداو

نجحت الناشطة تيا قائدبيه في الانتقال من إعادة تدوير الأقراص المدمجة، إلى الانخراط في النشاط النسوي العالمي، من خلال مشاركتها في تطوير بروتوكول اختياري لاتفاقية سيداو، بهدف تبنيه من قبل المشرع اللبناني لتحديث القوانين المتعلقة بمناهضة العنف ضد النساء.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ بعد فوزها بجائزة بيئية عن مبادرتها بتحويل الأقراص المدمجة المهملة إلى لوحات فنية تحمل بعضها رسائل قوية في قضايا عدة، استكملت تيا قائدبيه نشاطها البيئي بالتقاطع مع نشاط بيئي نسوي، حيث شاركت مع مجموعة من الناشطات في تطوير بروتوكول اختياري جديد لاتفاقية سيداو.

في سن السابعة عشرة فقط، تم الاعتراف بـ تيا قائدبيه كواحدة من أفضل ثلاثة رواد أعمال لبنانيين خضر لعام 2024، عن مبادرة Fairylistiic، وكانت ضمن قائمة المتأهلين للنهائيات في مسابقة "سفير ليوم واحد"، وحالياً، تدرس للحصول على درجة في الأدب الإنجليزي من الجامعة الأمريكية في بيروت.

تحت عنوان "قوانين أقوى ـ كيف يمكن لبروتوكول اختياري أن يعمل على حماية النساء بشكل أفضل في لبنان"، قدمت تيا قائدبيه مقالها الصادر آخر العام المنصرم، وهو ضمن 6 مقالات من أعضاء مجلس القيادات الناشئة، وهن ناشطات من 6 قارات لا تتجاوز أعمارهن الـ 35 عاماً.

وتضمنت المقالات بروتوكولاً اختيارياً جديداً مقدماً من كل منهن، لاتفاقية "سيداو" القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وبهدف زيادة المساءلة العالمية، وهو جزء من شعار العام الفائت لمنظمة "كل امرأة" بشأن إنهاء العنف ضد النساء والفتيات، ضمن حملة الـ 16 يوماً من النشاط ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي، والتي بدأت فعالياتها منذ الخامس والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر الفائت.

وقالت تيا قائدبيه "على الرغم من أن العنف المنزلي قد يتصدر عناوين الأخبار في جميع أنحاء العالم، إلا أنه بالتأكيد لا يحدث في لبنان، فخلف الضيافة الدافئة والثقافة التي تقدمها بلدي تكمن حقيقة أكثر قتامة تضطر العديد من النساء إلى تحملها في صمت".

ولفتت إلى أنه "على مدى العقدين الماضيين، أحرز لبنان تقدماً في الحماية القانونية للنساء والفتيات، حيث ألغى البرلمان جرائم الشرف في آب 2011، وفي عام 2014، أقر أول قانون له (القانون رقم 293/2014) بهدف تجريم العنف الأسري ضد المرأة، وعدل القانون في عام 2020 (القانون رقم 204/2020)، ولكن رغم ذلك لا تزال جرائم الشرف ترتكب على نطاق واسع كذريعة لقتل النساء والفتيات، في تأجيل تحقيق العدالة أو التحايل عليها في العديد من القضايا، كما هو الحال مع قضية رولا يعقوب التي قُتلت بوحشية على يد زوجها أمام بناتهما في عام 2013، حيث استغرق ما يقارب من عقد حتى أعلن نظام العدالة إدانته، وحتى في ذلك الوقت، لم يتلق سوى حكم بالسجن لمدة خمس سنوات".

وأوضحت أنه "في وقت سابق من هذا العام، اقترحت مجموعة من المشرعين قانوناً جديداً يهدف إلى سد الثغرات القانونية خاصة القوانين التمييزية التي تحد من قدرة المرأة على ترك علاقة مسيئة والحصول على أمر تقييدي"، مشيرةً إلى أن "أحد الجوانب الرئيسية لمشروع القانون الجديد هو إنشاء محاكم متخصصة للتعامل مع قضايا العنف المنزلي بشكل أكثر فعالية وبحساسية أكبر، كما يتطلب تدريباً شاملاً لموظفي إنفاذ القانون والقضاء، وضمان استعدادهم الجيد لإدارة هذه القضايا بشكل صحيح".

وأكدت على أن "تقديم مثل هذا القانون الشامل يشكل خطوة مهمة تعكس جهود المدافعين عن حقوق المرأة، ومع ذلك، نظراً للقوانين الأبوية والتدخل الديني في الشؤون السياسية والقضائية، فمن غير المرجح أن يمر دون تعديلات جوهرية من شأنها أن تضعف حمايته، وهذا هو السبب بالتحديد وراء انضمامي إلى الدعوة لإعداد بروتوكول اختياري جديد لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات، أريد أن أقدم للمنظمات غير الحكومية والناشطين مثلي إطاراً قانونياً يمكننا استخدامه للمحاسبة على المعايير العالمية بشأن العنف ضد المرأة".

وحول توقيع وتصديق لبنان على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة تقول "أنا متفائلة بأنه عندما يحين الوقت، سوف توقع وتصدق على بروتوكول اختياري جديد لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات، وإذا فعلت ذلك، فسوف تكون ملزمة بموجب القانون الدولي بإزالة القوانين التمييزية واستبدالها بقواعد قانونية تدعم حقوق المرأة في السلامة والعدالة"، معتبرة أن "البروتوكول الاختياري الجديد لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، قد يضغط على زعماء لبنان لتمرير قانون قوي مثل القانون الذي تم تقديمه في وقت سابق من العام الفائت، دون تعديلات على اللغة التي تضعف الحماية، وحتى لو لم تصادق على البروتوكول الاختياري الجديد عندما يحين الوقت، فإن اعتماده سوف يوفر منارة أمل، إن الآليات الدولية الملزمة تخلق معايير عالمية، وهذا أمر ضروري ليس فقط للبنان بل والعالم أيضاً".

وأعطت أمثلة على الغبن الواقع في البلاد العربية لجهة القوانين الخاصة بالنساء من المنطقة "العراق صادق على قانون يخفض سن الزواج إلى تسع سنوات، وليبيا كانت تريد فرض قوانين "أخلاقية" على النساء والفتيات من خلال إلزامهن بارتداء الحجاب وعدم السماح لهن بالسفر دون إذن من محرم، وهو ولي أمر ذكر، فيما تستمر حركة طالبان في أفغانستان في فرض قيود أكبر على النساء، بما في ذلك عدم سماع أصواتهن في الأماكن العامة، إن وجود بروتوكول جديد لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة من شأنه أن يفرض ضغوطاً عالمية على جميع الدول، ويحثها على التوافق مع المعايير العالمية، ومن شأنه أن يشجع المزيد من التقارير الإعلامية والدفع بالمزيد من النساء لتقديم الشكاوي، وخلق بيئة داعمة تساهم في الحد من العنف وتأمين الحماية للنساء".

ولفتت إلى أن الهدف من مشروعهم تحقيق المساواة بين الجنسين في كافة المجالات ولا سيما السياسية، مشيرةً إلى أنه "في الحكومة الجديدة هناك 5 نساء يعني 21 بالمئة من مجموع الوزراء، ومن أهدافنا أن نصل إلى نسبة أكثر، ونعمل على طرح مشروع هذا القانون على المجلس النيابي للوصول إلى نسبة أفضل تضمن المساواة بين المرأة والرجل".

وأشارت إلى أن القانون الجديد يتضمن "استحداث محكمة خاصة للتعامل مع حالات العنف المنزلي بصورة حساسة وفعالة، مع القيام بتدريبات للجهات المعنية لتتمكن من التعامل مع هذه الحالات"، مضيفةً أنه "إلى جانب هذه المبادرة، أعمل على شركتي النامية التي تحول الأقراص المدمجة البلاستيكية إلى قطع فنية، أسعى من خلالها إلى إيصال رسائل توعوية اجتماعية فيما يتعلق بالعنف المبني على النوع الاجتماعي ولاسيما ضد النساء، كما أن القطع المنتجة تركز على تمكين النساء والدعوة للتغيير الإيجابي".