مطالب نسوية بالإسراع بإقرار قانون حماية الأسرة
حملت نسويات مختصات باستقبال ومعالجة حالات العنف ضد النساء في غزة رداً على ازدياد حالات العنف في القطاع عدم وجود قوانين وتشريعات رادعة للجناة المسؤولية.
نغم كراجة
غزة ـ تعتبر جريمة قتل النساء أشد أشكال جرائم العنف المرتكبة في فلسطين عامةً وقطاع غزة خاصةً، وبالرغم من أن غالبية الجرائم متعمدة ومع سبق الإصرار والترصد إلا أن الحكومة والقوانين تتغافل عن إصدار الأحكام والعقوبات المشددة باعتبارها قضايا "شرف" دون التعمق في تفاصيل الوقائع.
قالت مديرة الحالة في مركز شؤون المرأة سلمى السويركي تعليقاً على ازدياد جرائم قتل النساء، أن هذه الممارسات تؤثر على النسيج المجتمعي، مبينةً أنه "شهدنا في الآونة الأخيرة ارتفاع ملحوظ في جرائم العنف والقتل ضد النساء سواء التي تظهر عبر الإعلام أو التي يتستر عليها العرف المجتمعي، ويعود ذلك لكون مجتمع قطاع غزة شرقي يعاني من ضغوطات نفسية واجتماعية صعبة وظروف اقتصادية متردية".
وأوضحت أنه في كل الحالات يجرم القانون المرتكب ولكن هنالك الكثير من الإخفاقات "بحكم عملي مع الناجيات من جرائم القتل والمهددات به وجدت أن ارتكاب الجرائم بحق النساء يؤثر على صلب العلاقات ويؤدي لتفكك المجتمع وانعدام الأمن والسلام".
ولفتت إلى أن هنالك ذرائع ومسببات خلقت هذه الظاهرة مثل "التفكك الأسري وضعف الموارد الاقتصادية وانتشار البطالة، وتعاطي المواد المخدرة من قبل الرجال مما ساهم في تفاقم معدلات العنف وجعل المرأة أكثر عرضة للقتل والإبادة بطرقٍ مختلفة بحجج واهية وغير حقيقية للهروب من العقاب".
ومن جهتها أوضحت المحامية سهير البابا أن جريمة قتل النساء انتهاك لحقوق الإنسان بشكل عام ولحقوق المرأة بشكل خاص والذي يتمثل في حق الحياة، كما بينت أن "القوانين التشريعية بحاجة ماسة إلى تعديلات لأنها لا تخدم قضية قتل النساء على خلفية الشرف، كذلك قانون الصلح الجزائي الذي يبرئ المجرم من العقاب والمحاسبة مقابل دفعه الدية وبالتالي تذهب دماء النساء هدراً".
وأشارت إلى نص المادة (١٨) من قانون العقوبات وبالرغم من تعديل القانون لصالح المرأة إلا أن المحاكم لم تلتزم بتطبيقه وفقاً لما تم الاتفاق والاستناد عليه.
كما دعت إلى ضرورة التعامل مع شكاوى النساء بشكلٍ أكثر شفافية وجدية لأن معظم اللواتي تتعرضن للعنف تتوجهن مباشرة للشرطة "يتم التعاطي مع شكواهن بدون جدوى وهذا الأمر يجعلهن عرضة للعنف أكثر من مرة ولربما تنتهي بقتلهن نتيجة عدم الاكتراث لهذه الشكاوى وأخذها بعين الاعتبار واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة لانتشالها من العنف الواقع عليها".
كما أكدت على ضرورة استمرار السعي لسن قوانين حاسمة وعادلة للنساء "يجب أن يكون لدينا نظام تشريعي منظم يتضمن نصوص قانونية رادعة تعاقب الجاني على فعلته، وضرورة اتخاذ خطوات جادة على المستويات الرسمية والقانونية بهدف تبني استراتيجيات وتدابير لحماية النساء من كافة أشكال العنف، وحقها في الحياة والأمان على وجه الخصوص".
بدورها أوضحت مدير حالات العنف الأسري نجلاء مطر أنه "بناءً على الواقع الذي نعيشه ازدادت حالات قتل النساء في فلسطين عامةً، والكثير منهن تعرضن للعنف قبيل قتلهن، والأسباب الرئيسية هي عدم وجود قوانين رادعة للجناة، إلى جانب ثقافة مجتمعاتنا الذكورية التي تعطي السلطة للرجل بأن يتحكم بالمرأة ويصدر عليها أحكاماً وقيود كيفما شاء معتبراً إياها إحدى ممتلكاته"، منوهةً إلى أن "الفكر الذكوري لا يعد المرأة إنسانة لها حقوق ومطالب".
وقالت أنه بشكل متكرر تتجه إلى المركز العديد من المعنفات اللواتي تعانين من الثقافة الدونية والنمطية، والتنشئة الاجتماعية التي تغرس في عقول الأجيال أن مصير النساء بأيدي الرجال ومن هنا تخلق بيئة العنف والاضطهاد "المجتمع يوافق الفكرة ويصرح بها، فهنالك مجموعة من المعنفات اللواتي تترددن إلى المركز تم قتلهن لأسبابٍ واهية وغامضة".
وأدانت بشدة ارتفاع حالات العنف خاصةً تجاه اللواتي تتجهن إلى المراكز النسوية لطلب الخدمة والنجدة، مؤكدةً أن "سلب أرواح النساء بدمٍ بارد هو أخطر وأشد أشكال العنف"، مبينة أن توفير الحماية للنساء والفتيات هي مسؤولية جماعية تقع على عاتق السلطات والمؤسسات الرسمية والغير رسمية حيث حذرت من العنف قائلة إن "كل امرأة هي ضحية قادمة إن لم يتم حماية النساء كما هو مطلوب".
وطالبت بوجوب الإسراع بإقرار قانون حماية الأسرة من العنف الذي يضمن حماية النساء والفتيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي، بالإضافة إلى موائمة التشريعات الوطنية السارية مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وتطبيق اتفاقية سيداو على أرض الواقع، وإصدار العقوبات المشددة بحق الجناة لتكن عبرة لمن تسول له نفسه ارتكاب جرائم العنف والقتل ضد النساء.