مصريات: تحرر النساء الإيرانيات يتحقق بكسر الصور النمطية والاستمرار بالنضال

واقع الإيرانيات بات يحتاج لتكاتف من أجل دعمهن لمواجهة السلطات التي تضيق عليهن وتضع قواعد للمظهر الخارجي بما يتعارض مع الحقوق الإنسانية في الاختيار والتقرير للذات، فضلاً عن كون تلك القواعد باتت مهددة لأرواح الكثيرات ممن دفعن حياتهن ثمناً لها.

أسماء فتحي

القاهرة ـ بات مشهد التعامل الغير إنساني من قبل شرطة الأخلاق الإيرانية مع النساء أمر شبه معتاد تتم مشاهدته يومياً لأسباب عدة أهمها ما يتعلق بمظهر النساء الخارجي خاصة ملبسهن، باعتبار ذلك كسر لمعايير وقوانين الدولة الإيرانية التي تجرم عدم ارتداء الحجاب والأمر تطور وبات متعلقاً بشكل الحجاب ذاته وما إن كان مطابقا للمعايير والمواصفات أو لا.

التضييقات الأمنية على النساء الإيرانيات لا ترتبط فقط بالمظهر الخارجي، بل باتت تتعمد تقييد حركة كل امرأة ترغب في التطور وتحقيق ذاتها فقط لكونها امرأة، وهو الأمر الذي تمارسه السلطات الحاكمة أي أنها تنتهك حقوق الإنسان بشكل واضح وفج، ويعد ذلك المشهد هو أحد أدواتهم لتقييد النساء ومنعهن من المشاركة في الحياة العامة وبالتبعية السياسية والثقافية حتى في أبسط المظاهر الاجتماعية.

وخلال السنوات الأخيرة تحركت النساء الإيرانيات ثائرات على هذا التقييد والمنع بعد قتل أكثر من امرأة بشكل وحشي فقط لأنهن خالفن تلك القواعد، وخرجت الكثيرات على الشاشات بدون حجاب وبعضهن قمن بقص شعرهن دعماً لكل فتاة راحت ضحية هذا المظهر، وبات هناك تحدياً يفرض نفسه على الواقع المحلي الإيراني يتمثل في قدرة نساؤه على التحرر من قبضة وبطش وقهر السلطة.

 

قوانين وضعت لقهر النساء دون الرجال

قالت المحامية نور الهدى ولي الدين، إن هناك تفرقة مبنية على النوع الاجتماعي في الداخل الإيراني بين النساء والرجال، فشرطة الأخلاق تطبق نوع من القوانين ومتطلبات محددة لا تفرض إلا على النساء وأي كسر لتلك القواعد يعرض أرواحهن للخطر كما حدث مع جينا أميني التي تعرضت لوحشية الشرطة وإنكار ما حدث معها.

وأضافت ما حدث مع جينا أميني كان مفجراً لغضب النساء وانفلات الأمور نحو التحرر من وطأة تلك القواعد التي باتت تهدد أحد أهم مبادئ حقوق الإنسان وهو الحق في الحياة، لافتة إلى أن ما يحدث من قمع يستهدف النساء وقدرتهن على الاختيار هو لكبت وجودهن ولعدم الاعتراف بهن.

واعتبرت أن ما يحدث في الداخل الإيراني يستهدف قمع النساء وتقويض تحركاتهن وهو واحد من أصعب الانتهاكات التي تستهدف إقصاء فئة دون غيرها ومنعها من ممارسة وجودها في المجتمع فقط لكونهن نساء وغير مرغوب بوجودهن.

وأكدت أن الموقف في إيران متشعب ثقافياً كونه مرتبط بالمسألة الإسلامية الإيرانية، وهو ما يجعل الواقع صعب لأن هناك قبول مجتمعي لما يحدث ولكن ما حدث من محاولات تحرر يؤكد أن هناك من ترغبن في الخلاص من هذا التوجه المنتهك لحقوق فئة لصالح أخرى.

وبينت أن المسار القانوني هام ومؤثر فهناك دولة تفرض قانون يطبق على نوع واحد دون الآخر، وهو ما ينفي عدالة الأمر تماماً، معتبرة أن التعديلات القانونية واحدة من أهم الحلول التي يمكن الضغط لأجلها.

وأشارت إلى أن اعتياد الناس على المشاهد أمر ضروري كوجود فتيات بدون حجاب بالشارع بشكل مستمر لأن هذا بدوره يؤثر على قبول المجتمع لما يحدث من انتهاكات ضد النساء لتحقيق الصدمة التي يمكنها كسر ذلك الواقع وتغييره.

 

تراكم الحراك يحرر النساء

وأكدت أن النساء يمارس عليهن درجات مختلفة من القمع لمناهضة وجودهن كونهن فقط قررن التعبير عن ذواتهن بحسب قرارهن الذاتي لذلك من تعشن في الشرق الأوسط تقعن في قبضة درجات مختلفة من القمع.

وشددت على دعم النسويات المصريات لحراك النساء الإيرانيات، لافتة إلى أن هناك أمل في حال تكاتفت النساء للدعم العابر لتلك الحدود حتى يظل صوت المرأة مرتفع ومؤثر وكاسر لكل الحواجز ودرجات القمع.

وأوضحت أنه رغم وجود مظاهر كبح للنساء في إيران فهناك مثيلاتها في مصر وأن الحراك النسوي بالداخل يؤثر ثقافياً على الوجود تأثر قطعي بالحراك الذي يحدث بالدول المختلفة.

واعتبرت أنه لا يمكن إنكار أن النساء تعرضن أرواحهن للخطر والموت كما حدث فعلياً، ولكن على المدى الطويل فهذا من شأنه أن يبني تراكم في الحراك، ولكون المقاييس غير واضحة أو عادلة فهناك تأثر مؤكد حال التحرك على المطالب الإنسانية العادلة.

 

 

 

ما يحدث للنساء في إيران لم يعد مقبول دولياً

وقالت الصحفية النسوية هاجر كمال، وعضوة المجموعة التنفيذية لمبادرة مؤنث سالم، إن الأوضاع السياسية لها تأثير كبير على النساء الإيرانيات كونهن تقعن في قبضة ثقافة وإجراءات لا تمت للحقوق الإنسانية بصلة.

وأوضحت أن ما يمارس على النساء الإيرانيات من عنف يحتاج لوقفة حقيقية لكونهن تدفعن أرواحهن فاتورة القرارات التي تصدرها السلطة الإيرانية بشأنهن، وخاصة تلك التي تتعلق بلباسهن ومظهرهن الخارجي وما تمارسه شرطة الأخلاق من عنف على كل من تخالف ذلك بمقاييس ومعايير غير منضبطة وبها مساحات كبيرة من القهر.

واعتبرت أن ما يمارس مع النساء الإيرانيات تعدي واضح على الحرية الشخصية للأفراد في زمن لم يعد فيه مساحة لمثل تلك التدخلات التي لم تعد مقبولة خاصة بعد ما قامت به النساء من تحرك على قضاياهن في مختلف أنحاء العالم والضغوط التي باتت المجموعات النسوية تمارسها من أجل تحقيق العدالة الجندرية.

 

الواقع الإيراني بات يتطلب معركة وعي وضغط من أجل انتصار النساء لحقوقهن

وأوضحت هاجر كمال، أن العمل من أجل انتزاع الحقوق أحد أهم الحلول التي قد تغير واقع النساء الإيرانيات تتمثل في سعيهن من أجل حقوقهن والضغط المستمر لانتزاعها كون الحقوق لا تمنح بسهولة.

واعتبرت أن الحقوق تحتاج لدأب والاستمرار بالحراك من أجل الانتصار للقضية والحقوق الإنسانية، مضيفة أن الحالة باتت أقرب لمعارك الوعي، وهو الأمر الذي يحتاج لتضامن عالمي واسع النطاق من النسويات في منطقة الشرق الأوسط.

ولفتت إلى أن العالم يمر بأزمات وأغلب الدول تعاني من مشاكل داخلية، وهو الأمر الذي أدى لحالة الصمت أو عدم التفاعل مع ما يحدث، وعلى الإعلام دور مهم في العمل على مثل تلك القضايا والممارسات.