"من حقها" تطبيق إلكتروني يحمي المرأة ويعرّفها على حقوقها

لم تعد حقوق الإنسان بعيدة المنال، ولا حقوق المرأة وكيفية مناهضتها للعنف الذي تتعرض له، إذ يضع تطبيق "من حقها" هذه المفاهيم بين يديها، من خلال القوانين المحلية والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها لبنان.

كارولين بزي
بيروت ـ  
"أطلقت منظمة Louder بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ناومان تطبيق هاتفي بعنوان "من حقها"، يهدف إلى تأسيس مرجع قانوني حقوقي يتناول حق المرأة في إطار عالمي وفي إطار التزامات لبنان القانونية لكي تستطيع كل امرأة مؤمنة بحقوقها أن تحصل على مرجع يتضمن أهم الاتفاقيات التي صادق عليها لبنان وأهم القوانين اللبنانية التي تتعلق بحقوقها الأساسية وتتعلق بالتشريعات الضامنة لحمايتها من العنف ومحاسبة المُعنف"، تقول رئيسة منظمة Louder المحامية والدكتورة خلود الخطيب.
 
"لا يمكن تجزئة الحقوق أو التنازل عنها"
وتضيف خلود الخطيب "يتضمن التطبيق بعض الأطر التي تشجع المرأة على المشاركة السياسية في لبنان، ويساعدها في التعرف على حقوقها في مختلف المجالات إن كان في العمل والاجازات والمهل وغيرها، بالإضافة إلى كيفية مواجهة التزويج المبكر وحماية حقها في الحضانة ضمن الأطر العالمية التي صادق عليها لبنان".
تؤكد خلود الخطيب بأن كل المواضيع التي تشغل المرأة في لبنان موجودة على هذا التطبيق من خلال رؤية أساسية وهي عالمية حقوق الانسان وعدم قابليتها للتجزئة. تتابع "لا يمكنني أن أتحدث عن حقوقي إذا كنت معنفة في بيتي وعملي أو بأي مكان آخر، فالنظرة إلى الحقوق يجب أن تكون متكاملة ومترابطة ولا تقبل التجزئة ولا التنازل عنها".
استطاع وباء كوفيد ـ 19 أن ينقل العالم من الواقع إلى الافتراضي، الأمر الذي جعل مؤسسو التطبيق أن يفكروا بطريقة استراتيجية حول ما سيكون عليه العالم في المرحلة المقبلة وكيفية إيصال المعلومات القانونية بطريقة تناسب الواقع الجديد.
 
"رسالة في كيفية تحويل التحديات إلى فرص"
تقول خلود الخطيب "قمنا جميعاً بردة فعل اتجاه التحدي الذي نعيشه في ظل انتشار وباء كورونا، من خلال اللقاءات والتواصل عبر التطبيقات ومنها زووم، ولكننا فكرنا باستراتيجية أكبر، فإذا كان العالم سيتحول بعد كوفيد ـ 19 إلى عالم يستخدم التكنولوجيا بشكل أساسي، والانترنت أصبح من حقوقنا الأساسية، فكان لا بد من فكرة جديدة تناسب هذا الواقع، ووُلدت لدينا الفكرة أو السؤال في كيفية ايصال المعلومات في ظل هذا التحدي وكيفية ايجاد مرجع قانوني، وقمنا باستحداث هذا التطبيق الالكتروني كرسالة في كيفية تحويل التحديات إلى فرص".
تضيف "نسعى من خلال هذا التطبيق الوصول للمرأة في مختلف المناطق في لبنان، كي تتعرف المرأة على حقوقها بطريقة تفاعلية وفي الوقت نفسه تحمي خصوصيتها".
لطالما كانت المصطلحات القانونية تشكّل عائقاً أمام الغير متخصصين في فهم المعنى المرجو منها، "ولكن تطبيق "من حقها" مصمم لكل امرأة مؤمنة بحقوقها"، تؤكد خلود الخطيب بأن "طريقة تصميم التطبيق والمنهجية مصممة بلغة بسيطة جداً وتفاعلية، مثلاً خلال قراءتها للمحتوى يمكنها أن تقوم بأنشطة معينة وتتابع حالات يمكن أن تعلق عليها، هذه الأنشطة التفاعلية ودراسة الحالات تبسط المادة. كما يتضمن التطبيق بعض المصطلحات القانونية ضمن قسم "المصطلحات" الذي يشرح معنى هذه العبارات القانونية في حال وجود صعوبة في فهمها".
 
"يخاطب المرأة والرجل على حد سواء"
تشير خلود الخطيب إلى أن "من حقها" يخاطب الرجال والنساء على حد سواء، وتقول "نحن نؤمن بأن العنف القائم على النوع الاجتماعي يطالنا جميعاً، رجالاً ونساء من مختلف الأعمار، وبالتالي عندما أقوم بتوعية كل الناس على العنف، فأنا أحوّل الرجل إلى شريك للمرأة في مناهضة العنف، لذلك نحن نقوم بمخاطبة الشباب اللبناني من مختلف الأعمار وحتى المتخصصين سواء محامين أو غيرهم، على مضمون اتفاقية العنف القائم على النوع الاجتماعي". 
وتتابع "سنقوم بتوعية الناس لهذه الاتفاقية من خلال سلسلة ورشات عمل سنبدأ فيها أونلاين بعد شهر رمضان، بطريقة تفاعلية وحتى أننا نسعى إلى تغيير طريقة التفاعل أونلاين من السمعية لتكون بصرية. سيكون هناك خمس ورشات أونلاين، في البداية سيقوم عدد من الشباب اللبناني بمبادرات مختلفة في مناطقهم، بعدها نجول معهم بين مختلف المناطق اللبنانية حيث سيكون هناك تدريب جسدي بالإضافة إلى برنامج لتدريب المدربين على هذه الأطر".
يقتصر التطبيق حالياً على القوانين اللبنانية المرتبطة بشكل أو بآخر بالاتفاقيات الدولية، ولكن خلود الخطيب تطمح في المرحلة التالية أن يكون هذا التطبيق إقليمياً، وبالتالي سيستطيع المتصفح في المرحلة المقبلة عند الدخول إلى التطبيق أن يضغط على اسم البلد وبالتالي يحصل على عالمية حقوق الانسان نفسها ولكن وفق قوانين البلد الذي اختاره. 
في هذه المرحلة يتضمن التطبيق النص القانوني، ولكن ماذا عن مشاركة النساء لقصصهن، تجيب خلود الخطيب "في المرحلة الأولى خلقنا النص القانوني، في المرحلة الثانية التي نطمح إليها هي أن نربط هذا التطبيق بخريطة غوغل وفي حال تعرضت المرأة للعنف يتم ايصالها مباشرةً عن طريق قسم مناهضة العنف الأسري في قوى الأمن الداخلي ويمكن أن نربطها مع جمعيات مختلفة في لبنان تعمل على حقوق النساء ودعمها. بالنسبة إلينا نحن نقوم بالتوعية والتربية على حقوق الانسان ولكن هناك جمعيات متخصصة بالحماية والأمن وبالتالي يمكننا أن نحيل هذه الحالات إليها".
وتوضح "الجولات الميدانية تهدف إلى توعية المرأة بحقوقها إلى جانب تعريفها على التطبيق، مثلاً في حال انفصلت امرأة عن زوجها، كيف ستخاطب القاضي بمفهوم الحضانة المشتركة، ما هي التحديات التي تواجه الفتاة عندما يتم تزويجها وهي قاصر، فمن المهم فهم هذه التحديات، في حالة المرأة العاملة ما هي حقوقها الأساسية مثل: عدم قانونية توجيه إنذار صرف لامرأة حامل أو خلال إجازة الأمومة والحصول على جميع حقوقها ثابتة".
 
ميزات التطبيق
تقول "التطبيق يخاطب شريحة من الناس بهدف حماية حقوقها بميدان العمل والبيت وتعرف المرأة في حال تعرضت للعنف، ما هو العنف؟ فمهوم العنف لا يقتصر على العنف الجسدي، فله أشكال مختلفة مثل العنف الاقتصادي والمعنوي والقانوني والاجتماعي والعنف القضائي، وعندما تتعرف على حقوقها تستطيع أن تساهم بشكل أساسي في الدفاع عن نفسها وحمايتها".
عن اهتمام الناس بتحميل هذا التطبيق، تقول "تحميل التطبيق مرتبط بالتحدي الذي نواجهه بنظامنا التعليمي. نظامنا التعليمي في لبنان مثل الكثير من الدول يعتمد على المنهج التلقيني أولاً، وعلى الكتب الغير مرتبطة بالممارسة العملية وبالتالي الشخص المهتم بربط النص بالواقع سيقوم بتحميل التطبيق، المرأة المهتمة بتطوير نفسها ستحمّل التطبيق، وكذلك المهتم بالانخراط بمبادرات معينة ذات طابع حقوقي، لذلك هذا التطبيق موجه لمن يؤمن أو تؤمن بحقوقها". 
أما شعار أو لوغو التطبيق فهو مستوحى من التحدي، وتشير إلى أن "هذا العام شعارنا هو "اختر التحدي" وخيار التحدي هو برفع اليد لمناهضة العنف ونحن نرفع اليد ضد أي عنف، وهذا ما تم تبنيه في شعار التطبيق". 
وتلفت المحامية خلود الخطيب إلى أبرز مميزات التطبيق وتقول "من أبرز المميزات، أنه تطبيق مجاني، لا يحتاج للإنترنت إلا عند تحميله على الجوال، التطبيق تفاعلي ويمكن التعليق على الحالات التي يقرأها المتصفح/ة، كما يمكن للمتصفح/ة الإجابة على العديد من الأسئلة التي تساهم بتعزيز الفكر النقدي لديه/ا، يخلق مرجع قانوني وهو يعمل وفق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة لأجندة 2030".  
 
"منظمة Louder متخصصة بالتربية على حقوق الانسان"
وتعرّف خلود الخطيب أهداف منظمة Louder التي تم تأسيسها في العام 2015، وتقول "هي منظمة متخصصة بموضوع أساسي وهي التربية على حقوق الانسان، عملت المنظمة على عدة برامج منها: كيفية تعليم مادة حقوق الانسان في الجامعات، خلقنا نوع من البرامج التدريبية جعلت الشباب ينخرط بمفهوم حقوق الانسان. المشروع الثاني كان العمل على إعداد دليل تدريبي لقوى الأمن الداخلي في لبنان يحوّل القوات الأمنية من قوى أمن إلى حماة حقوق، فكان العمل مع قوى الأمن الداخلي على النهج الشامل ما بين الحفاظ على الأمن وحماية حقوق الانسان، تناولنا فيه موضوع استخدام القوة وخاصةً أثناء التجمعات السلمية والتظاهر، أثناء التعذيب وكيفية مناهضة التعذيب وما هي المعايير التي يجب مراعاتها أثناء الاعتقالات والاحتجاجات ونظام السجون، وما هي القيم الأساسية في لبنان التي تحوّل الشرطة إلى شرطة مجتمعية، العمل تم وسيتم إطلاق الدليل خلال العام الحالي، كما سيتم تدريب مختلف عناصر الأمن الداخلي على كيفية التفكير بنهج حقوقي عند استخدام القوة".
في إطار عنصر الشباب، "عملت Louder على تفعيل مشاركتهم السياسية وتحديداً قرار 2250 في كيفية تفعيل دور الشباب. عنوان المنظمة بكل بساطة هو التربية على حقوق الانسان" هكذا تختتم حديثها رئيسة منظمة Louder المحامية والدكتورة خلود الخطيب.