'لا بد من إقرار مشروع قانون العنف ضد المرأة الذي بقي بين الرفوف لسنوات'
أكدت المحامية فاطمة شنيب على أنه لا بد من إقرار مشروع قانون العنف ضد المرأة الذي بقي بين الرفوف لسنوات، واعتماده في البرلمان الجديد، موضحةً أنه إذا تم التصديق عليه ستنال المرأة الكثير من الحقوق
ابتسام اغفير
بنغازي ـ .
رغم الأزمة السياسية الحادة في ليبيا، فإن مجلس النواب الليبي يقوم بين الحين والآخر بإصدار تشريع جديد، أو تعديل قانون قائم، أو عرض مشروع قانون جديد، لكن معظمها لا يتعلق بالمرأة، فبالرغم من إجماع الناشطات والحقوقيات ومختصات في المجالين النفسي والاجتماعي، على أن العنف ضد المرأة ازدادت حدته بعد عام 2011، بسبب ما مرت به البلاد من أزمات، إلا أنه لم يتم التصديق على مشروع القانون ولم يتم دعمه وإظهاره للعلن.
فقد تحدثت بعض المحاميات والحقوقيات في ندوات وملتقيات نسوية عدة عن مشروع قانون مكافحة العنف ضد المرأة الذي تم العمل عليه عام 2017، وتم تسليمه بشكل رسمي لمجلس النواب بمدينة طبرق في ذات العام، ولكن ما فتئ أن تلاشت الأخبار عنه وخفتت الأصوات التي تحث على تشريعه وتطبيقه في ليبيا.
وعن الأسباب التي عرقلت تشريع القانون تقول المحامية فاطمة شنيب "منذ عام 2017 ونحن نخوض معركة لإقرار مشروع قانون العنف ضد المرأة، فكتلة برلمانيات من أجل ليبيا برئاسة عضوة مجلس النواب حليمة العائب، شكلت لجنة من أجل صياغة القانون وكنت من ضمن المجموعة التي تعمل على هذا مشروع القانون الذي سلمناه للبرلمان في 15 آب/أغسطس من ذات العام، ولكنه واجه انتقاداً بذريعة أنه يضم مواد تشدد العقوبة ضد الرجال، لذا تم تجميده".
وأشارت إلى أن العمل على المشروع لم يكن عشوائياً أو وليد لحظةً معينة، بل عمل على المشروع العديد من الخبراء والأكاديميين في مجال القانون، وتم عقد ورش عمل في كلية القانون، ولكن نتيجة لما مرت به مدينة بنغازي آنذاك توقف العمل عليه.
وحول ما إذا كان مشروع القانون مازال مطروحاً للعمل عليه أم أنه كان مجرد فكرة وتلاشت؟ توضح "لم يتم الحديث عن المشروع مرة أخرى سوى في حزيران/يونيو الماضي، من خلال جلسة حوارية مع مكتب حقوق الإنسان ببعثة الأمم المتحدة، حيث وضحنا لهم أن هذا المشروع لم يرى النور بعد، وبالتالي تم من جديد تشكيل لجنة مكونة من 11 خبيراً من كافة أنحاء ليبيا، وقد حضرنا 17 جلسة عبر تطبيق "زووم"، وحضرنا جلسة في تونس وتم ختام الجلسات باجتماع اللجنة في إسطنبول في أيلول/سبتمبر الماضي".
ويجرم مشروع القانون جميع أشكال العنف ضد المرأة، بما في ذلك العنف الإلكتروني وخطاب الكراهية عبر الإنترنت، ويحدد آليات الحماية والوقاية كما ويحدد المسؤوليات التي تقع على عاتق المؤسسات، ويوجب كذلك إنشاء لجنة وطنية لمكافحة العنف ضد المرأة وصندوق ائتماني مخصص لدعم ضحايا العنف.
العنف المستفحل في ليبيا
يعد العنف السياسي أبرز أنواع العنف انتشاراً وشيوعاً في ليبيا، خاصةً بعد تولي مجموعة من النساء لحقائب وزارية سيادية في حكومة الوحدة الوطنية وترشح مجموعة أخرى لانتخابات البرلمان القادم المقرر إجراؤها في الرابع والعشرين من كانون الأول/ديسمبر الجاري، فعدم دراية وقلة وعي المرأة بما يقوض العملية الانتخابية ساهم في تعرضها للعنف السياسي على حد قول المحامية فاطمة شنيب التي أشارت إلى أن "العنف ضد المرأة ظاهرة ممنهجة في كل دول العالم، وقد لاحظنا أن نسبتها في ليبيا ازدادت بكافة أشكالها سواء الأسرية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية بعد السابع عشر من شباط/فبراير عام 2011".
وحول الأسباب الكامنة خلف ازدياد نسب العنف تقول "لقد ازدادت نسب العنف ليصل حد قتل النساء، نتيجة الانفلات الأمني وانتشار السلاح وعدم الإذعان للقوانين التي تدين العنف ضد المرأة كقانون حماية الأسرة، وكل ذلك بسبب سياسة الإفلات من العقاب"، أما عن أسباب العنف الاقتصادي ضد المرأة تقول "من أبرز أسباب تعرض النساء لعنف اقتصادي شح السيولة والفقر والنزوح فجميعها أثرت على حياتهن بشكل سلبي".
حملة لتفعيل القرار 1325
وتشير فاطمة شنيب إلى أنه عندما يتم الحديث عن العنف في فترة الصراعات فأنه لابد من التطرق إلى القرار الصادر عن مجلس الأمن وهو القرار 1325 الذي يختص بحماية المرأة في الأمن والسلام، أي حماية المرأة في النزاعات وما بعد النزاعات، "نحن كناشطات حقوقيات حاولنا أن نفعل هذا القرار في ليبيا باعتباره يحمي المرأة، وبما أن ليبيا دولة كان يوجد بها حرب بالتأكيد هناك عنف حصل ضد على المرأة".
وتؤكد بأن القرار الصادر عن مجلس الأمن هو ملزم لكل دول العالم، فهناك دول وضعت خطة وطنية لتفعيله، "نحن كنشاطات في ليبيا بدأنا منذ عام 2016 في تفعيل القرار على أرض ليبيا بحيث يكون لدينا خطة وطنية له، مع التوضيح أن هذا القرار يحتاج الى دعم من الدولة بالإضافة إلى وجود وزارات مثل وزارة الداخلية ووزارة الخارجية ووزارة العدل ووزارة الشؤون الاجتماعية".
"سوء فهم وشن حملة شرسة"
وأوضحت فاطمة شنيب أنه عندما يتم الحديث عن العنف في فترة الصراعات فأنه لابد من التطرق إلى القرار الدولي 1325 الصادر عن مجلس الأمن والذي يتعلق بحماية المرأة في الأمن والسلام، أي حمايتها خلال النزاعات وما بعدها، "العديد من دول العالم وضعت خطة وطنية لتفعيل القرار، ونحن كناشطات وحقوقيات حاولنا أن نفعل هذا القرار في ليبيا باعتباره يحمي المرأة، وبما أن ليبيا دولة كان يوجد بها حرب فبالتأكيد تعرضت النساء للعنف أكثر عما مضى، منذ عام 2016 ونحن نعمل على وضع خطة وطنية لتفعيله على أرض الواقع".
وأشارت إلى أنه هناك سوء الفهم لبعض الاتفاقيات التي يتم التوقيع عليها من قبل الوزيرات مما يؤدي إلى تعرضهن لحملات شرسة، "نتيجة للحملة الشرسة التي تعرضت لها وزيرة الدولة لشؤون المرأة حورية طرمال، عندما وقعت مذكرة تفاهم بين هيئة المرأة في بعثة الأمم المتحدة لتفعيل القرار الدولي 1325، وزادت شراسة الحملة عندما تطرقت الوزيرة إلى اتفاقية سيداو التي تم التوقيع عليها عام 1989، وتحفظت ليبيا على المادتين (3 ـ 16) اللتان تتطرقان إلى المساواة في الإرث وزواج المثليين، بالإضافة إلى توقيعها على اتفاقيات أخرى كاتفاقية حقوق الإنسان التي تحمي حقوق المرأة".
ولفتت إلى أنه "عندما وقعت الوزيرة على مذكرة التفاهم كان مكتوب أن ليبيا وقعت على الاتفاقية مع التحفظ على المادتين، غير أن بعض الجهات استغلت هذه النقطة باعتبارها مسودة ضمن مذكرة التفاهم"، منوهةً إلى أن "ما تم التوقيع عليه هو مذكرة تفاهم وهناك فرق بين مذكرة التفاهم والاتفاقية أو المعاهدة فكل هذه المسميات تختلف عن بعضها وهذا ما حاولنا توضيحه من خلال ما قمنا بنشره عبر صفحات التواصل الاجتماعي المختلفة".
وأكدت على أن كل تلك الحملات تؤثر على كل مشروع يخص المرأة مستقبلاً، "المشروع لم يرى النور حتى الآن لقد بقي بين الرفوف لسنوات، نحاول أن نقدمه للبرلمان عن طريق الخبراء من جديد لربما يتم إقراره واعتماده في البرلمان الجديد أي ما بعد انتخابات 24 كانون الأول/ديسمبر".
وقد أثار مشروع القانون لاسيما الجانب الجنائي منه حفيظة النواب وأعضاء اللجنة القانونية بالبرلمان، وفيما تعلق الكثير من النساء وقائدات الحركة النسوية آمالاً عليه معتبرات إياه تتويجاً لنضال نسوي بشأن مكافحة العنف ضد المرأة، ترى أصوات أخرى أنه من غير المناسب إصدار هذا القانون الذي يعد تمييزاً إيجابياً لفئة من المواطنين، بذريعة أن النصوص الواردة في قانون العقوبات تبسط حمايتها للمرأة من كل صنوف العنف.
وتؤكد على أنه إذا تم التصديق على هذا المشروع سوف تنال المرأة الكثير من الحقوق التي لم تكن موجودة قبل، مثل أحد المواد التي تجرم العنف الإلكتروني حيث كانت أحد أهم البنود في المشروع، "نتمنى في العام القادم أن تحصل المرأة العديد من الحقوق، وأن يتم مكافحة العنف ضد المرأة ليس في ليبيا فقط وإنما في جميع أنحاء العالم".
وبحسب الحقوقيون يضمن مشروع القانون ممارسة المرأة لحقوقها العامة أو الخاصة والمساواة وتكافؤ الفرص بين الجنسين في نطاق العمل، ويجرم تزويج الفتيات قبل بلوغهن السن القانوني للزواج باستخدام الطرق الاحتيالية أو المستندات المزورة، وإكراه المرأة على الزواج، وحرمانها من حقها في الميراث الشرعي، والتعليم الإلزامي.