كريمة شبو: استطعنا إلغاء قرار الجامعة اللبنانية بحق أولاد اللبنانية المتزوجة من أجنبي

طالما كانت القرارات الصادرة عن الجهات الرسمية في لبنان ذكورية، فهي تعتبر قضايا المرأة ثانوية وتهمش أولادها إن كانت متزوجة من أجنبي

كارولين بزي 
بيروت ـ .
آخر الإجراءات التمييزية التي اتخذتها لبنان، القرار الصادر عن رئيس الجامعة اللبنانية والذي وقّعّ عليه وزير التربية والتعليم العالي الذي يقضي بإلزام الطلاب/ات العرب والأجانب بتسديد أقساطهم/ن الجامعية بالعملة الأجنبية أي الدولار، واستثنى القرار الطلاب الفلسطينيين والسوريين وقضى معاملتهم بالطلاب اللبنانيين، إلا أن القرار لم يستثني من أحكامه الطلاب/ات الأجانب المولودين من أمهات لبنانيات. 
 
"قرار الجامعة اللبنانية يميز بين أولاد المرأة اللبنانية والرجل اللبناني"
تعتبر مديرة حملة جنسيتي حق لي ولأسرتي كريمة شبو في حديث لوكالتنا بأن "أي قرار أو إجراء يصدر عن السلطة السياسية دائماً لا يشمل النساء في مقاربته، وبالنسبة لقرار رئيس الجامعة الذي وقّعّ عليه وزير التربية التمييزي والظالم بحق أولاد المرأة اللبنانية فلم يكن مفاجئاً لنا لأنه طالما كانت المرأة اللبنانية المتزوجة من أجنبي وأسرتها غائبين عن قرارات السلطة".
وأضافت "دائماً عندما نقوم بمراجعة الجهات الرسمية فيما يخص هذا النوع من القرارات يعللون السبب بأن هذا الأمر سقط سهواً، أو يدّعون أنه لا توجد مشكلة فيما يتعلق بأولاد المرأة اللبنانية، ودائماً نعمد إلى التوضيح للجهات المعنية القانون أو المرسوم الذي صدر عنهم والإجحاف والتمييز المتضمن به وإلى ضرورة وإلزامية إصدار استثناء من أجل رفع الظلم الواقع على النساء وأسرهن".
وتوضح "مع التسليم بأنه لا يجب أن يكون هناك أي تمييز تجاه أي فئة لا على أساس النوع أو الجنسية أو العرق وغيره، وعلى ضرورة المساواة بين الجميع على قاعدة الحق لكل إنسان مواطن/ة أو مقيم/ة. إلا أن القرار الصادر هو إجراء بحق العرب والأجانب وبالتالي حكماً أولاد النساء اللبنانيات هم/ن ضمن هذه الفئة لأن قانون الجنسية لم يمنحهم/هن الجنسية اللبنانية، وبالتالي إجرائياً يشملهم/هن قرار دفع رسوم التسجيل بالعملة الأجنبية". 
وتتابع "جميعنا نعلم ماذا تعني العملة الأجنبية أي أن الأهالي سيلجؤون إلى السوق الموازية أو ما يعرف بالسوق السوداء لشراء العملة الأجنبية (الدولار)". وتعتبر كريمة شبو بأن هذا القرار مخالف لأي إجراء إنساني، كما أنه يميّز بين الطلاب والطالبات، إذ يفرض عليهم أن يدفعوا بالعملة اللبنانية وعلى آخرين بالعملة الأجنبية. 
وتلفت إلى أن التمييز بحق الطالب/ة الأجنبي/ة ليس جديداً، بل موجود منذ فترة طويلة في أكثر من تدبير وإجراء، ويرفع هذا القرار منسوب التمييز بحق الأجانب وتحديداً بحق أولاد المرأة اللبنانية المتزوجة من أجنبي. 
 
"للمساواة بين أولاد المرأة اللبنانية المتزوجة من أجنبي والرجل اللبناني"
وتتابع "طالما كنا نطالب وزارة التربية بأن يكون هناك معاملة بالمثل ومساواة بين أولاد المرأة اللبنانية المتزوجة من أجنبي وأولاد الرجل اللبناني"، وتوضح "الطالب/ة اللبناني/ة يدفعون ما قيمته نحو 250 ألف ليرة رسوم تسجيل في الجامعة من دون رسوم الضمان الاجتماعي بينما الطالب/ة المولود/ة من أم لبنانية ومن أب أجنبي فيدفعون أكثر من مليون ليرة إلى جانب معاملات أخرى مع عدم استفادتهم من أي تغطية صحية أو ضمان اجتماعي، وهذا يشكّل تمييزاً فاضحاً، ولكن السلطة لم تكتفي بهذا الأمر بل ذهبت أبعد من ذلك بالقرار الأخير الصادر عن رئيس الجامعة ووزير التربية لتزيد من سلة الانتهاكات".
وتشير إلى أن الجهات المعنية عللت السبب كما ورد بالقرار بالوضع الاقتصادي الصعب، وتستنكر كريمة شبو توجه السلطة السياسية دائماً إلى تحميل المواطنين/ات والمقيمين/ات فاتورة سوء إدارة وبناء البلاد وفشل المنظومة السياسية التي تتحين الفرص للانقضاض على لقمة عيش اللبناني ليدفع ثمن السياسات التمييزية والعشوائية المثقلة بالفساد.
 
"هذه الإجراءات التي اتخذناها لإضافة الاستثناء بحق أولاد اللبنانية المتزوجة من أجنبي"
وتتحدث عن الخطوات التي تم اتخاذها من قبل الحملة بعد صدور القرار، وتقول "عندما علمنا بالقرار باشرنا باتخاذ إجراءات على عدة أصعدة ومنها الإعلام، حتى أصبح دور الحملة في كل مرة هو قراءة قرار السلطة أو الجامعة أو الوزارة من الناحية القانونية! حتى أنه طُرح علينا أسئلة من قبل حقوقيين وإعلاميين يسألون عن التمييز في القرار فكان علينا أن نوضح لهم أيضاً من باب العلم بآلية التنفيذ على أرض الواقع لمثل هذه القرارات التي لا يكون التمييز فيها منصوصاً مباشرة بل قد يكون شاملاً بعدم الذكر أو بالاستثناء أو بعدم الاستثناء".
وتتابع "التمييز هو باستثناء هذه الفئة وعدم شمولها بأي قرار، والتمييز بعدم الإشارة بأن هذه الفئة يجب حكماً استثناءها من أي قرار. تبعاً لمضمون القرار فأحياناً تجدوننا إما نطالب باستثناء أولاد اللبنانيات من قرار ما وأحياناً بعدم الاستثناء في قرار ما آخر".
وتضيف "حتى الوزير الذي وقع على هذا القرار لم يلحظ التمييز. كما أننا لم نعد نعتمد على المطالبة بالتغيير فحسب، بل ذهبنا إلى أبعد من ذلك بكتابة النص وما الذي يجب أن يتضمنه تعديل القرار، وبالتالي قدمنا النص الذي يجب أن يكون النسخة المعدلة والمصححة للقرار الصادر عن الوزير".
وتلفت إلى أن رئيس الجامعة تجاوب مباشرةً مع مطلب الحملة في الإعلام والتعليل كان بأنهم لم يتنبهوا للأمر، وتضيف "ثم تم إرسال الملاحظات للوزارة ووصل القرار يوم الاثنين أي بداية الأسبوع الحالي إلى الوزارة وتنقل القرار من مكتب إلى آخر، ثم وصل أخيراً إلى مكتب الوزير، فكنا نتواصل مع كل مكاتب الوزارة حتى يوقع الوزير القرار"، وتسأل "لماذا لم يتنبه المعنيون ما هي تبعات القرار أو أي قرار يصدر عنهم ويوقعون مباشرةً، ولكن عند التصحيح أو التعديل بعد رفع الصوت يقررون مراجعته وندخل دوامة ومتاهة روتين المؤسسات الرسمية؟".
وتضيف "الوزير ارتأى أن يأخذ القرار معه إلى المنزل لمراجعته، علماً أنه وقع القرار مباشرةً عندما وصل إليه، ولكن أخيراً تم التوقيع عليه ليستثني أولاد المرأة اللبنانية من أحكام القرار الجائر في اليوم التالي وبعد العديد من المراجعات، وفي غياب الشفافية والوصول للمعلومات وتحديث البيانات على المواقع المؤسسات الرسمية، يصبح لدينا تحدي اللحاق بالمسار الذي يجب أن يسلكه أي قرار للتأكد من تعميمه على الجهات المعنية لضمان تنفيذه".
وتعتبر كريمة شبو بأن السلطة السياسية تنتهك يومياً حقوق النساء وتميّز بحقهن، وتضيف "طالما أن المرأة اللبنانية لا يتم التعامل معها على أنها مواطنة فاعلة أسوة بالرجل اللبناني كل يوم سيتم انتهاك حقوقها، وهذا ما نلمسه بشكل يومي هناك انتهاكات يومية لا يمكن تصحيحها بقرار من هنا أو هناك، لأنها مرتبطة بقوانين تمييزية، بالية وعفنة يجب اقتلاعها من أساسها وسلك المسار التشريعي والقانوني القائم على الانصاف والعدالة الاجتماعية".