جيهان اللواتي: المرسوم 54 قمعي والصحفيات تعملن في ظروف صعبة
يدعو المجتمع المدني في تونس إلى إيجاد وسائل بديلة لمكافحة الأخبار الزائفة والإشاعات دون المساس بحرية التعبير والصحافة التي تعتبر المكسب الوحيد من ثورة 2011.
زهور المشرقي
تونس ـ تستمر مساعي المجتمع المدني في المطالبة بتنقيح المرسوم 54 أو سحبه، لتهديده حرية الصحافة والرأي، ويشدد على ضرورة العمل لتوفير آليات مستقلة للتحقق من الأخبار لا وضع قوانين زجرية قمعية واستبدادية من شأنها أن تقوض حرية التعبير وتضرب الحريات عرض الحائط.
ينص الفصل 24 من المرسوم 54 لعام 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، على أنه يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها خمسون ألف دينار كل من يتعمد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتصال لإنتاج أو ترويج أو نشر أو إرسال أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذباً للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني أو بث الرعب بين السكان.
ويعاقب بنفس العقوبات المقررة بالفقرة الأولى كل من يتعمد استعمال أنظمة معلومات لنشر أو إشاعة أخبار أو وثائق مصطنعة أو مزورة أو بيانات تتضمن معطيات شخصية أو نسبه أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير أو تشويه سمعته أو الإضرار به مادياً أو معنوياً أو التحريض على الاعتداء عليه أو الحث على خطاب الكراهية، وتضاعف العقوبات المقررة إذا كان الشخص المستهدف موظفاً عمومياً أو شبهه.
وفي لقاء مع وكالتنا قالت عضو لجنة الحريات بالنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين جيهان اللواتي، أن هناك تخوفات جدية خاصة من منظمات المجتمع المدني والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، منذ صدور المرسوم 54 الضارب للحريات، خاصةً وأن الحديث اليوم على مرسوم به أحكام سجنية تتجاوز العشر سنوات، لافتةً إلى أن التونسيين مهددين بالسجن من خلال هذا المرسوم بمجرد كتابة تدوينة تعبّر عن أراءهم أو أي موقف مما تشهده الحياة السياسية في البلاد.
وأشارت إلى أن العديد من المنظمات الوطنية والجمعيات قد عبّرت عن انشغالها إزاء ما تضمنه هذا المرسوم المتعلّق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال من أحكام متعارضة بصورة صارخة مع الفصول 37 و38 و55 من الدستور التونسي والمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية المصادق عليه من قبل الجمهورية التونسية، لافتةً إلى أنّ النقابة أعلنت عن رفضها للمرسوم الذي أدخل تونس في نادي الدول التي لا تعتبر حرية التعبير والصحافة من المبادئ الأساسية ما قد يمسّ الدور العالمي والإقليمي لتونس وضرب مختلف المعاهدات الخاضعة للقوانين الدولية والملتزمة بها تونس، ما يتنافى وحقّ الإنسان في التعبير عن مواقفه ورأيه ضمن إطار ديمقراطي، لا سيما وأن هذا المرسوم يلزم شركات الاتصال بالتخزين الوظيفي للمعطيات الشخصية لكل الأفراد.
وأوضحت أن "نقابة الصحفيين ولجنة الحرّيات ومختلف المنظمات قد طالبت رئاسة الجمهورية بسحب هذا المرسوم الذي بات سيفاً على رقاب المواطنين وخاصة المعارضين الذين يحاكمون على خلفية المرسوم 54 بسبب تدوينة أو انتقاد عبّروا فيه عن مواقفهم الشخصية".
ولفتت إلى أنه هناك "تحركات جدّية من قبل النقابة والرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان وغيرهما من منظمات المجتمع المدني للتنديد بهذا المرسوم والضغط لتنقيحه أو سحبه بما يحفظ حرّية الصحافة والتعبير"، مشيرةً إلى أن النقابة قد دعت إلى السحب الفوري للمرسوم الذي صيغ بصفة فردية من قبل الرئيس قيس سعيد دون مشاركة المجتمع المدني وجاء بحجة تتبّع الجرام الإلكترونية ويهدد حرية الصحافة وتحاكم عبره العديد من الأصوات الحرة والمواطنين.
وتطرّقت للتخوفات الجدّية التي تهدد حرية الصحافة لا فقط من خلال المرسوم 54 بل من خلال عدد من المراسيم بدأت من المرسوم 20 المخصص لضرب العمل النقابي والمرسوم عدد 19 الهادف لضرب حق النفاذ إلى المعلومة.
وأضافت "حرية التعبير هي المكسب الوحيد الذي حققه الشعب التونسي من الثورة، واليوم هناك رقابة على وسائل الإعلام، وما تقوم به هيئة الانتخابات مخيفٌ بعد رفعها لقضايا على ناشطين في المجتمع المدني كلها مؤشرات ونواقيس خطر تؤثر على حرية التعبير".
وأكدت في ختام حديثها على أن التهديدات التي تواجهها الصحفيات نتيجة المراسيم القمعية وغيرها، مستذكرة الصعوبات التي تعانيها الصحافيات في الميدان وحملات الهرسلة خاصة من قبل المواطنين وتهييج الرأي العام وتحريضه ضدهن من خلال الخطابات المتشنجة لرئيس الجمهورية وعدد من القيادات الحكومية.