جرائم قتل النساء في تزايد وسط صمت منظمات المجتمع المدني في ليبيا
تعرضت سبع نساء للقتل على يد ذويهن في ليبيا منذ بداية شهر تموز/يوليو الجاري، وهو عدد كبير خلال فترة قصيرة جداً.
ابتسام اغفير
بنغازي ـ ازدادت جرائم قتل النساء في ليبيا بشكل ملفت، ففي تقرير نشرته صفحة نون المهتمة بقضايا المرأة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تحت هاشتاغ "معاً لتمرير قانون مناهضة العنف ضد المرأة" كشف أن عدد النساء اللواتي تم قتلهن على يد أحد أقربائهن خلال العاميين الماضيين، قد وصل إلى 70 امرأة، وإلى الآن لم تتخذ المحاكم في ليبيا مجراها من أجل الفصل في هذه القضايا.
وسط صمت رهيب من قبل منظمات المجتمع المدني المختصة بشؤون المرأة، انتقدت ناشطات عبر فيسبوك هذا الصمت، واعتبرنه تواطؤ غير معلن مع المجتمع حول جرائم قتل النساء، وكالتنا حاولت استطلاع آراء بعض الناشطات في منظمات المجتمع المدني النسائية، حول الأسباب التي لم تجعلهن ينزلن إلى الشارع من أجل التظاهر لمناهضة العنف وقتل النساء.
في البداية قالت رئيس منظمة نوازي للنوع الاجتماعي حنين بوشوشة "المظاهرات في هذا الوقت الحساس قد تُفهم بشكل خاطئ، بسبب الانقسامات السياسية الموجودة، وعند الحديث عن المنطقة الشرقية بخصوص جرائم القتل، وتحديداً حول الجريمة الأخيرة "بنات رحمة" عبر مواقع التواصل الاجتماعي من قبل ناشطات حقوقيات، ومهتمات بقضايا المرأة تم الهجوم علينا، من قبل بعض الأشخاص، وبعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي، واتهمونا بأننا نهاجم مدينة في حد ذاتها، فبدأ هناك خوف من أن يُفهم الخروج للتظاهر هو خروج ضد هذه المدينة".
وأكدت أن "الأحكام والتشريعات القانونية تحتاج إلى مراجعات، وتعديلات كثيرة جداً بخصوص العنف ضد المرأة، خاصة إذا كان القاتل من ذوي القربى، أخ، أب، زوج".
"ما هو إلا حبر مهدور"
وأوضحت حنين بوشوشة أنه "هناك بيانات ستدلى قريباً من قبل عدد من منظمات المجتمع المدني بصفة عامة، وعدد من المنظمات المعنيات بالمرأة بصفة خاصة، للتنديد بهذه الأعمال، وهناك بيانات قمنا بنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، ونحن نعرف أن هذا وحده لا يكفي، ومن المهم جداً أن يكون هناك تدخل من الدولة".
واعتبرت أن عدم وجود تدابير لتنفيذ أي قانون أو تشريع "ما هو إلا حبر مهدور"، لافتةً إلى أنهم "بحاجة إلى تدابير اجتماعية، وإلى وقفة من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية، لأن منظمات المجتمع المدني لا تستطيع في الحقيقة حماية المعنفات، لأنه يظل هذا دور الشؤون الاجتماعية، ومؤسسات الدولة المهتمة بهذا الشأن، لأنه وبحسب القانون الليبي، عندما نقوم بمساعدتهن سوف نعرض أنفسنا للمساءلة، خاصة إذا كان المعنف قريب من الدرجة الأولى".
ونوهت إلى أن ليبيا بحاجة لتأطير هذه المفاهيم، واتخاذ تدابير واضحة داخل الأجهزة القضائية، وأيضاً بحاجة لتعديل بعض القوانين، واتخاذ إجراءات صارمة لحماية المعنفات، أثناء التبليغ عمن قام بتعنيفهن، ولا يجدن بعد ذلك خيار أمامهن سواء العودة إلى مكان التعنيف، أو تجد نفسها في الشارع.
حقوقية بحتة
من جانبها تقول رئيس منظمة مراس للتنمية بسمة الورفلي "الإجراءات التي تخص جرائم القتل هي حقوقية بحتة بغض النظر عن النوع الاجتماعي، فالأمور الجنائية يفترض أنها اختصاص قضائي، وإذا كانت هناك حملات مناصرة لابد أن يجتمع فيها كل الأطراف المهتمة بحقوق الإنسان، وليست حكراً على المنظمات التي تهتم بالمرأة".
وأضافت "قضية رحمة هي قضية واضحة جداً، والفيصل فيها هو القضاء، ويجب معاقبة الجاني بدلاً من المماطلة فيها".
"من الصعب الوقوف والتظاهر في الشارع"
وبدورها قالت رئيس منظمة ليبيا السلام الدولية للمرأة سلوى الماجري "لم تستطع المنظمة التي أعمل بها الخروج في مظاهرة تنديداً بجرائم القتل، لأن هناك إجراءات يجب القيام بها، ومنها الموافقة الأمنية من أجل التظاهر، وحتى وإن حصلنا عليها سيكون من الصعب الوقوف والتظاهر في الشارع لمجموعة من النساء لأن الأمن حتى مع وجود تصريح بالتظاهر لن يسمح لنا، وهذا القول جاء بناء على تجربة سابقة".
وأشارت إلى أن "النساء اكتفين بالتنديد والمطالبة بالتوقف عن قتل النساء عن طريق موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك فقط، فيما قامت بعض المنظمات بالذهاب إلى مكان واقعة قتل "بنات رحمة"، والقيام بمسح اجتماعي، أو الاطلاع على المكان فقط".
وأكدت أنه "سنقوم كمنظمة بأعمال داعمة لقضايا المرأة في الأيام القادمة، خاصة وأننا تلقينا شكاوى كثيرة من نساء يعانين من سوء المعاملة من الزوج المتعاطي، وبالمقابل أن الدولة "راقدة" ولم تفعل شئياً حيال ما تواجهه المرأة من تعنيف وقتل".
تحشيد فاعل من القوى النسائية
رئيس الاتحاد النسائي في مدينة اجدابيا فتحية الشبلي أوضحت "حالياً لا نستطيع الخروج في مظاهرات في الشارع ولكن لدينا ندوة موسعة حول العنف ضد المرأة، لأنها رغم تقدمها في المجالات كافة لازالت هي الحلقة الأضعف في المجتمع".
وأشارت إلى أن الشعب الليبي بصفة عامة ليس "شعباً ثورياً بطبعه"، ويتسم باللامبالاة والخوف أيضاً، والمرأة جزء من هذا المجتمع تطبعت بطبعه، إضافة إلى اضطهادها وسوء معاملتها زاد من تراجع دورها، وخوفها من الخروج.
هذا وقد شهدت مدينة بنغازي في الـ 8 تموز/يوليو ثلاث جرائم، حيث قام أب بقتل بناته الاثنتين رمياً بالرصاص، وعرفت بقضية "بنات رحمة"، الأم التي هربت بهن من جحيم الأب المتعاطي، والقضية الثانية، لأخ يقتل أخته بالسكين.