جنات الغزي: الزواج خارج المحاكم يسلب المرأة والأطفال حقوقهم
مع رصد حالات زواج القاصرات خارج المحاكم دون سن الـ ١٥ عاماً وضياع حقوق عدد كبير من المتزوجات غير المثبت زواجهن تواصل منظمات نسوية وناشطات عراقيات حملة رفض واستنكار ما يحصل من انتهاك لحقوق المرأة وطفولتها
غفران الراضي
بغداد ـ مع رصد حالات زواج القاصرات خارج المحاكم دون سن الـ 15 عاماً وضياع حقوق عدد كبير من المتزوجات غير المثبت زواجهن تواصل منظمات نسوية وناشطات عراقيات حملة رفض واستنكار ما يحصل من انتهاك لحقوق المرأة وطفولتها.
من خلال عقود الزواج خارج المحاكم، تنتهك حقوق المرأة ويتم تزويج طفلات. جنات الغزي الناشطة النسوية والتي لها باع طويل في منظمات حقوق الإنسان وعضو مؤثر في منظمة حرية المرأة تحدثت لنا عن تفاصيل وقضايا تخص ما يؤول إليه الزواج خارج المحاكم.
تقول جنات الغزي أن ما يحصل أشبه بالإتجار بالبشر في حالة الزواج خارج المحاكم "الزواج خارج المحاكم هو نوع من أنواع الاتجار بالبشر؛ لكونه سبب في ضياع حقوق المرأة وحقوق الأطفال في إثبات هويتهم وحقوقهم". مبينةً أن "هناك مكاتب مخولة بتثبيت الزواج لكنها لا تقوم بعملها لتنجز التصديق الرسمي لعقد الزواج وبعد وفاة الزوج تضيع حقوق الزوجة والأطفال".
وتعتقد جنات الغزي أن جريمة كبرى تقع بحق الطفل عندما يكون غير مسجل رسمياً ولا يملك أوراق ثبوتية تسمح له بالانخراط كأقرانه في المدرسة.
من جانب آخر تجد جنات الغزي أن بعض الرجال يجدون في الزواج خارج المحكمة سبيل لتحقيق رغبتهم من المرأة ثم تطليقها بنفس الطريقة بدون التعرض للمساءلة أو الالتزام بدفع حقوق الزوجة وهذا استغلال باسم منظومة الزواج فضلاً عن أن حالات الطلاق تكثر غيابياً. وبهذا يكون الزواج خارج المحكمة هو أحد الأسباب الرئيسية للطلاق.
وتقترح جنات الغزي أن يكون الزواج في المكاتب الشرعية هو خطوة ثانية بعد أن يسجل الزواج في المحكمة أولا لضمان الحقوق "تتلاعب المكاتب الشرعية برخصة تزويج القاصرات ما دون السن القانوني المثبت بعمر الـ 15 عاماً في حال وجود ولي أمر الفتاة وموافقتها مع موافقة والدها، والتأكد من أهليتها".
تقول ذلك مؤكدةً أن هذا لا يبرر تزويج الفتيات أقل من 18 عاماً، ولها ملاحظات عديدة على سن الـ 15 عاماً إلا أن ما يحصل من خلال المكاتب من خلال إعطاء الرخصة للزواج تتحايل أيضاً على هذه الـ 15 عاماً ويتم تزويج فتيات بعمر الـ 11 عاماً وهي جريمة اغتصاب بحق الطفولة كما تؤكد.
من جانت آخر تجد أن زواج طفلة بعمر الـ 11 عاماً أو 15 عاماً من شخص بعمر 25 عاماً أو 35 هو مشكلة كبيرة تنتهي بالطلاق ومشاكل نفسية للطفلة.
(ت.ع) إحدى النساء اللواتي تزوجن خارج إطار المحكمة تبلغ اليوم 33 عاماً وهي أم لطفلين، تقول إنها تزوجت منذ خمس سنوات من أحد أقاربها بعد وفاة زوجته الأولى، ولم يتم تصديق العقد في المحكمة ليقوم الزوج بتطليقها بعد أربعة أعوام من الزواج غيابياً، ولم تحصل على حقوقها ولم يتم تسجيل الأطفال رسمياً وهم اليوم لا يملكون أوراق ثبوتية.
تقول إنها فكرت بحسن نية ولم تكن تعرف أن الأمور تصل لهذا الحد مع طليقها "أخبرني بأنه سيتم تصديق العقد بعد فترة وجيزة، ولم أهتم للأمر حتى ولدت طفلي الأول، وقام بتأجيل التصديق بحجة انشغاله بالعمل، ثم الطفل الثاني من دون جدوى. الأمر الذي سهل عليه تهربه من تسجيل الزواج هو أنني كنت الد أطفالي عند ممرضة في عيادة خاصة".
وعن سبب مماطلة طليقها في تسجيلها تبين أن "عذره غريب وغير مقنع فهو لا يريد أن يرث أطفالي مع أطفاله من زوجته الأولى، بحجة أنه يشعر بالخوف عليهم بعد وفاة أمهم". مؤكدةً أن ما حدث سبب مشاكل عائلية وانتهى الموضوع بالطلاق إلا أنها لجأت إلى القضاء للحصول على حقوقها وحقوق أطفالها في الحصول على أوراق ثبوتية رسمية.
في الوقت الذي تجد فيه (ت.ع) نفسها مقصرة بحق نفسها وأطفالها كونه لا وجود لهم في سجلات الدولة تنصح النساء بعدم إتمام الزواج إذا لم يصدق العقد في المحكمة.
بينما تحدثنا (ع. ك) التي تبلغ من العمر 28 عاماً وهي ضحية زواج قاصرات خارج المحكمة بأنها تزوجت بعمر الـ 14 عاماً من صديق عمها كزوجة ثانية، ونتيجة لتعنيفها المستمر هربت وتوجهت إلى الشرطة المجتمعية، وتمكنت من الحصول على الطلاق. عن تأثير ما حدث على حياتها تقول "كنت صغيرة لا أعرف ما معنى الزواج، فجأة وجدت نفسي متزوجة من رجل كبير ومعقد ومريض، عاملني بعنف وقسوة كما تعرضت للتعنيف حتى من أبناءه".
وعن يوم عقد قرانها قالت "أحضروا شيخ قال لي من خلف الستار هل أنتِ موافقة؟ ولم أستطع إلا قول نعم مع أنه لم يراني ولم يتأكد من عمري أو أهليتي للزواج حتى أنني كنت أعاني من مشاكل صحية ونحافة شديدة". وتعتبر أن ما مرت به التجربة الأقسى في حياتها، وتتمنى ألا يحصل ذلك لفتيات أخريات مع تشديد مطالبتها برفع سن الزواج القانوني لـ 18عاماً مع معاقبة الزواج خارج المحكمة.
ومن الجدير بالذكر أن مثل هذه الحالات وغيرها تلجأ إلى منظمة حرية المرأة ويتم التعامل معها بسرية ودعم قانوني وحماية وتأهيل وتوعية وهذا جزء من عمل الناشطة النسوية جنات الغزي.
وجنات الغزي هي ناشطة في مجال حقوق المرأة منذ أكثر من 14 عاماً حصلت خلالها على كتب شكر وتقدير من منظمات محلية وعربية وعالمية ومؤسسات دولية منها الجائزة الدولية للمرأة الشجاعة التي تقدمها وزارة الخارجية الأمريكية عام 2017 لجهودها في الدفاع عن حقوق المرأة ومشاركتها بمساعدة أكثر من 500 امرأة في توفير الملاذ الآمن للنساء المعنفات، وتوفير فرص أكثر ملائمة للحياة عن طريق تدريبهن على خبرات عمل وحرف كالخياطة.