"حق الوصاية" في اليمن... قانون يقصي الأمهات

تعتبر القوانين ميزان عدالة تطبق على كل شرائح المجتمع دون استثناء وتمييز، لكن هناك مواد في القانون اليمني تمييزية ضد المرأة جعلت حقوقها تذهب أدراج الرياح.

رانيا عبد الله

اليمن ـ "ليس لي حق في التصرف بمصير أولادي القُصر أو مستقبلهم وما يخصهم"، بهذه الكلمات عبرت سماح عبد الله، عن أسفها من القانون الذي كان سبباً في منعها من الوصاية على أبنائها، وتعنت جد أطفالها، وهي واحدة من اللواتي تقمن بالإنفاق على أبنائهن وتربيتهم بعد وفاة والداهم، لكن لا يحق لهن أن تكن وصيات عليهم.

تنص المادة (42) في قانون حقوق الطفل اليمني لعام 2002 على "الولاية على النفس للأب وللعاصب على ترتيب الإرث وفقاً للقوانين النافذة، والولاية على المال للأب ثم وصيه ثم الجد ثم وصيه ثم القاضي"، وقد وضح القانون وفق المادة (41) أن الولاية على النفس تعني العناية بكل ماله علاقة بشخص القاصر، والولاية على المال تعني العناية بكل ما له علاقة بمال القاصر.

حرم القانون اليمني المرأة في أن تكون لها الولاية على أبنائها، فبعد وفاة الأب تنتقل الوصاية أو الولاية للجد والد الأب، كما حدث مع سماح عبد الله، حيث حاولت مع والد زوجها أن تدير أموال أولادها التي تركها الأب بعد وفاته، وتوفير حياة أفضل لهم، لكنه رفض بحجة أنه هو الوصي على الأطفال، وتقول "بعد وفاة زوجي رفض والده بيع العقارات التي كان يملكها، بالمبلغ العائد منها كان بإمكاني فتح مشروع لأنفق على أولادي، لكن والد زوجي رفض، فقررت السفر إلى أشقائي في الخليج لاستقر هناك، واجهتني مشكلة أخرى وهي عدم قدرتي على استخراج جواز سفر لأولادي إلا بموافقة جدهم، وعندما طلبت منه الموافقة على استخراج الجواز زاد في عناده".

ولكي تحصل الأم على الوصاية لابد لها أن تقوم بخطوات للحصول عليها عبر القضاء وهذا مالم تقم به سماح عبد الله، لإدراكها مسبقاً بطول أمد التقاضي في اليمن.

في نفس القضية حرك المسلسل المصري "تحت الوصاية" المياه الراكدة، وبناءً عليه تم التحرك لأول مرة من قبل البرلمان المصري لتعديل قانون الولاية على المال، وقد تناول المسلسل قصة امرأة كان القانون سبباً في معاناتها، هذه القصة هي واحدة من آلاف القصص التي تعانيها المرأة في ظل حرمانها من حق الولاية على أبنائها، تقول سماح عبد الله أن "المسلسل المصري حق الوصاية الذي عرض على القنوات الفضائية كان يجسد معاناتي ومعاناة نساء أخريات في سلبهن حقهن في الولاية على أبنائهن في اليمن، وكأن المرأة مهمتها الإنجاب فقط". وتتمنى أن يتحرك الجميع في اليمن أسوة بما حصل في مصر للنظر في قانون الولاية وما يتناسب مع النساء.

وأوضحت المحامية رغدة المقطري، أنه وفقاً للقانون اليمني ليس للمرأة الحق على أن تتنصب على أولادها إلا بحكم من المحكمة المختصة في ذلك الأمر، فالتنصيب يكون لرعاية القصر لرعاية شؤونهم وما يختص بهم من الأموال، أما الولاية فتكون على النفس والمال وكلا الأمرين هما لحماية شؤون القصر وفاقدي الأهلية.

وأضافت "في ظل هذا الوضع باتت النساء بأمس الحاجة لتكون هي الوصية على أبنائها، وما نأمله دائماً أن تكون هناك توسعة لصلاحيات المرأة في المساواة بين الرجل والمرأة في هذه الأمور، فمن غير الممكن أن تكون المرأة هي من تنفق على أولادها وليس لها حق الولاية".

وطالبت في أن يكون هناك توسيع لصلاحيات المرأة والحد من القيود المفروضة عليها حتى تستطيع أخذ حقها وحق أبناءها، ويجب على المنظمات الحقوقية مساعدة النساء وإطلاق حملات مساندة للمرأة للحصول على حقها، فالولاية والوصاية موضوعين مهمين جداً لأنها تتعلق بالمرأة بشكل كبير "نحن دائماً نطالب بمساعدة المرأة في الحصول على هذا الحق ومساندة أبناءها".