فتيحة العكري: لا يمكن ضمان التمكين للمرأة بمفهومه الشامل مالم تتوفر إرادة حقيقية لدى كل الفاعلين

رغم مرور سنة ونصف تقريباً على إصدار قانون محاربة العنف ضد النساء في المغرب، ورغم الجهود التي تبذلها البلاد إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني للقضاء على هذه الظاهرة، إلا أن وتيرته في ارتفاع

حنان حارت
المغرب- ، وهو ما دفع بعدد من النساء المغربيات إلى خوض غمار العمل الجمعوي والاهتمام بالنساء المعنفات وتقديم الدعم لهن.
وكالتنا أجرت الحوار التالي مع الإعلامية والفاعلة الجمعوية فتيحة العكري التي ارتبط اسمها بالقضايا النسائية بالأقاليم الجنوبية المغربية، بحيث بات ملف النساء المعنفات أو اللواتي يعشن أوضاعاً صعبة في مقدمة اهتماماتها وأولوياتها.
ستتحدث لنا فتيحة العكري عن حقيقة استفحال العنف في المجتمع المغربي، وتقييم وضعية المرأة داخل المجتمع، واعتباراً من كونها أيضاً إعلامية تقدم برنامجاً تلفزيونياً سنعرج معها للحديث عن حضور الصحافيات في المؤسسات الإعلامية، وكيف تقيم الصورة النمطية للمرأة المغربية إعلامياً؟
 
فتيحة العكري، تعتبر أول امرأة تكسر تابو العنف ضد النساء في المجتمع الصحراوي، بتأسيسها لجمعية تعنى بالنساء المعنفات في الأقاليم الجنوبية المغربية، ما حقيقة تزايد العنف ضد النساء في المجتمع المغربي؟
العنف ضد النساء ظاهرة مجتمعية لا ترتبط فقط بالمغرب، وإنما توجد في كافة المجتمعات، وبالنسبة لبلادنا فالإحصائيات المقدمة من المؤسسات الرسمية تشير إلى تزايد العنف ضد النساء بشكل مخيف، والأرقام مقلقة إلى حدٍ كبير، وأخيراً زادت حدة العنف الممارس ضد المرأة، وذلك بسبب التوترات التي بدأت تظهر جلياً داخل الأسر نتيجة الضغوط النفسية المرتبطة بوضعية الحجر الصحي.
في الحقيقة كنا متفائلين عند صدور القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد المرأة، لكن بعد مرور سنتين ونصف تقريباً نلمس أنه لم نستطع القضاء على ظاهرة العنف ضد النساء في المغرب.  
 
في ظل واقع ترتفع فيه وتيرة العنف رغم التشريعات والقوانين التي ترمي إلى الحد منه والقضاء عليه، برأيكم ما هي التدابير اللازمة لعلاج هذه الظاهرة؟
في الحقيقة علاج هذه الظاهرة وبكل صراحة صعب وسهل في الوقت نفسه؛ صعب عندما يغيب الوعي، وعندما لا تحاول المرأة تحدي نفسها التي تحكمها تابوهات التقاليد والأعراف، إضافة إلى المجتمع الذكوري أو مجتمع لا يجد الانفصال والطلاق حلاً للحد من العنف هذا طبعاً بالنسبة للعنف الزوجي.
في حين يكون سهلاً القضاء على العنف ضد المرأة بشكل عام عندما ترفض العنف وترفض الإهانة والتحرش، كما ترفض جميع السلوكيات التي تمس من كرامتها كامرأة، وتكسر تابو الصمت، يمكن كذلك الحد من العنف ضد المرأة عندما تتصدى جميع المؤسسات المعنية والمجتمع المدني بما في ذلك المدرسة، والأسرة ووسائل الإعلام للظاهرة.
 
هل النضالات والاحتجاجات كفيلة بالنهوض بوضعية المرأة؟ 
لا ننكر أن الحراك والنضال النسائي الذي امتد لسنوات في المغرب نحصد اليوم ثماره، فالمرأة المغربية حققت الكثير من المكتسبات وبفضل التوعية والتحسيس أصبحت واعية بحقوقها، ورغم  التطور الذي عرفته النساء على مستوى الحقوق، إلا أن الطريق ما زال أمامهن طويلاً، فما تعانيه تتداخل فيه مجموعة من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لهذا لا يمكن تصور بلورة استراتيجيات للنهوض بوضعية المرأة دون تفكيك العوامل المتداخلة فيما بينها.
 
ينص الدستور المغربي في الفصل 19 على المساواة بين الرجل والمرأة، ما مدى تطبيق هذا القانون على أرض الواقع؟
لقد تبنى المغرب عام 2004 قانوناً جديداً للأسرة، بحيث عزز دور المرأة داخل الأسرة مع منحها حقوقاً جديدة، وقيد تعدد الزوجات وتسهيل الطلاق، لكن القانون لم يستجب لكافة مطالب الحركة الحقوقية.
بالنسبة للفصل 19 من الدستور المغربي ومضمونه حول المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية وغيرها... يعتقد البعض أنه يقدم للمرأة ما تصبو إليه، إلا أن هناك عدة أسئلة تطرح نفسها، وتتعلق بمدى تطبيق هذا القانون من خلال ملاءمة القوانين العادية مع بنود الدستور والاتفاقيات الدولية التي وافق عليها المغرب، وهل هي كافية من أجل النهوض بالوضعية التي تعيشها المرأة المغربية، فالأمر يتطلب جرأة في التنزيل السليم لمقتضيات هذا الفصل.
 
كيف ينظر المجتمع المغربي إلى قضايا المرأة وهل أصبح يعي حقوقها؟
لا ينبغي النظر إلى قضية المرأة بشكل معزول عن قضايا المجتمع، فأي تفكير في حل قضية المرأة بمعزل عن النهوض بالمجتمع ككل لن يحسن من واقعها في المجتمع، وستظل دائماً تعتبر كائناً ضعيفاً، تمارس بحقه كل أنواع الحيف والعنف.. فالوعي يستوجب أن يتضمن المجتمع برجاله ونسائه على ثقافة تعمل على ترسيخ قيم المساواة والإنصاف، فأي تقدم سياسي واقتصادي يعرفه المجتمع سينعكس حتماً على كل مكوناته، وبالتالي لا يمكن أن نضمن التمكين للمرأة بمفهومه الشامل مالم تتوفر إرادة حقيقية لدى كل الفاعلين في إشراك حقيقي للمرأة.
 
إلى جانب اهتمامكم بالمجال الجمعوي، تقدمون برنامجاً يعنى بمسار النساء الناجحات في الأقاليم الجنوبية، كيف تقيمون الصورة النمطية للمرأة المغربية إعلامياً؟
أولاً الإعلام المغربي أصبح يبتعد خلال السنوات الأخيرة عن تقديم الصورة النمطية للمرأة، مثلاً بالنسبة لي كمقدمة برنامج لمسات نسائية على قناة العيون نستضيف في كل حلقة كفاءة نسائية وهذا لتغيير الصورة الفلكلورية، لأن صورة المرأة لدى المجتمع المغربي وخصوصاً في الأقاليم الجنوبية هي فقط تلك المرأة الفلكلورية، لكن إعلامنا اليوم بدأ يبرز مكانة النساء في المجتمع المغربي وبدأ يبتعد عن الصور السلبية، فصارت الكلمة تعطى للمرأة، الدكتورة، المحامية، الصحافية إلخ....
 
كيف ترون حضور الصحفيات المغربيات في المؤسسات الإعلامية؟
رغم أن حضور الصحافيات في المؤسسات الإعلامية يبقى ضعيفاً من حيث العدد مقارنة مع الرجال، إلا أنهن استطعن إثبات أنفسهن بجدارة، وأظهرن فعلاً أنهن نساء على مستوى المسؤولية، وأنهن قادرات على تناول كافة المواضيع، ووضعن بقوة أسماءهن في مهنة المصاعب.