فاطمة أوصديق: لابد من وجود مناضلات حقيقيات لمواصلة النضال

"على جميع النساء ّأن يتعلمنَّ ويعملنَّ من أجل ضمان كرامتهنَّ في المجتمع" هكذا تقول فاطمة أوصديق الناشطة النسوية والباحثة الاجتماعية، خلال حوار معها حول رؤيتها للمشهد الحقوقي والحركات النسوية في الجزائر

نجوى راهم
الجزائر ـ "على جميع النساء ّأن يتعلمنَّ ويعملنَّ من أجل ضمان كرامتهنَّ في المجتمع" هكذا تقول فاطمة أوصديق الناشطة النسوية والباحثة الاجتماعية، خلال حوار معها حول رؤيتها للمشهد الحقوقي والحركات النسوية في الجزائر. 
الاستعمار الفرنسي الذي استمر حتى عام 1962 أخر من انطلاقة الحركة النسوية في الجزائر مقارنة مع باقي دول المنطقة فالمستعمر اكتفى بقانون خاص بالجزائريين مبني على الفقه الإسلامي ولم يعمل على سريان قانون العلمانية الصادر عام 1905.   
فاطمة أوصديق باحثة وأستاذة في علم الاجتماع، تحدثت لوكالتنا عن الحركات النسوية في الجزائر، وعن المغالطات حول بداية الحراك النسوي وأهداف الحركة النسوية الجزائرية اليوم.  
 
كيف ترى فاطمة أوصديق الساحة الحقوقية في الجزائر، وهل تحققت مطالب النسويات؟  
مطالب النساء الجزائريات بدأت منذ تأسيس السيدة مامية شنتوف ونفيسة لاليام لأول حركة نسوية سنة 1947 في ظل الاستعمار الفرنسي، ثم تأسست سنة 1962 أول جمعية نسائية لكنها كانت تابعة للنظام، وكانت أيضاً تحت إدارة مامية شنتوف، وبعد عام 1966 تغيرت الكثير من الأمور، وأصبحت جمعية أونفا التابعة لحزب جبهة التحرير الوطني تابعة للنظام ولا تطالب بحقوق النساء.    
بعد الاستقلال تغير المجتمع وتغير وضع المرأة التي بدأت بدخول المدارس والجامعات، والنساء بدأنَّ بالاجتماع وتتنظم أنفسهنَّ على شكل مجموعات، ولكن من وجهة نظري الشخصية وحسب عملي في الميدان لاحظت أن مطالب النساء اللواتي ناضلنَّ في حرب التحرير وبعد الاستقلال لم تتحقق بعد.
سنة 1976 بدأت العمل كناشطة نسوية، كنا نجتمع في البيوت والجامعات في عهد الحزب الواحد، ونناقش مختلف المواضيع فيما بيننا، وكانت الانطلاقة الحقيقية بعد صدور قرار "منع سفر النساء دون محرم "، خرجنا في مسيرات واتجهنا صوب وزارة الداخلية واستطعنا إلغاء هذا القرار المجحف بحق النساء.  
 
كيف تم العمل على قانون الأسرة؟
تفاجئنا بقانون الأسرة الذي صدر عام 1984 وشمل عناصر قوية من الشريعة الإسلامية، على حساب نصوص جبهة التحرير الوطني التي قادت حرب الاستقلال، وربط القانون بشكل وثيق بين السلطة والجبهات الإسلامية التي بدأت بالظهور في تلك الفترة. ما حدث كان نتيجة طبيعية لانهيار السياسة الاقتصادية للبلاد التي لم تكن تسمح للمرأة بالعمل والاستقلال المادي.
كما أن الدولة في تلك الفترة كانت تعمل على وضع ضوابط للتحكم بالشعب، فعملت على سن قوانين أسرية تقيد حرية النساء وتسلب حقوهنَّ، من هنا بدأنا بتكوين أنفسنا كحقوقيات فاعلات في الميدان.     
 
كيف بدأتم العمل كجمعيات نسوية؟
سنة 1989 صدر الدستور الذي أعطى المواطنين الحق في إنشاء جمعيات ومؤسسات اجتماعية، وقمنا بتكوين جمعيات نسوية تطالب بحقوق النساء في المساواة والعدالة الاجتماعية والكرامة وحق المرأة في العمل، لكننا تعرضنا لضغط كبير، ورفض من طرف بعض الإسلاميين، ففي فترة التسعينات الناشطات تعرضنَّ للعنف، ومن هنا أصبحت مسألة النسوية مهمة كونها تعطي نظرة عامة عن الجزائر في تلك الفترة. 
 
لماذا لم تتغير صورة النسويات في الجزائر رغم النضال لسنوات؟ 
بعد كل هذا النضال حالتنا لم تتغير، السبب راجع إلى وجود تناقض كبير فالنظام لم يتغير، ولكن المجتمع تغير، فالنساء أصبحنَّ أكثر تطوراً وحضوراً وتمثيلاً في المجتمع داخل وخارج الوطن، وتغيرت الكثير من المعطيات حيث أصبح هنالك وعي بحقوق المرأة، بعد أن تكونت لديها الهوية الإنسانية والسياسية.  
 
هل استطعتم كنسويات تغيير ذهنية المجتمع؟
كناشطة سياسية حاولت العمل على العديد من الجوانب، القانوني والاجتماعي أيضاً، أظن أننا نجحنا في توصيل بعض الأفكار والرسائل، وساهمنا في تغيير بعض المفاهيم الخاطئة، كما دافعنا عن النساء ضحايا العنف والتحرش والاغتصاب، واستطعنا كذلك تغيير الكثير من القوانين على غرار قانون 1984 و2004، الذي لم يكن يكفل تأمين منزل ونفقة للمطلقة.
أما على المستوى العملي فأحاول أن أكون نموذج للتغيير من حالة إلى أخرى أمام طلبتي، الذين يجدونني مثالاً يجمع بين النشاط النسوي والبحث العلمي والاستقلالية المادية. 
وأريد إضافة نقطة مهمة وهي أن عملي كأستاذة وباحثة هو من يضمن لي كرامتي كامرأة، وعلى جميع النساء ّأن يتعلمنَّ ويعملنَّ من أجل ضمان كرامتهنَّ في المجتمع.
 
كيف تفسر جرائم القتل ضد النساء في الجزائر التي سجلت حالات جديدة خاصة في فترة الحجر الصحي؟
بالنسبة لعلم الاجتماع فإن ازدياد حالات قتل النساء راجع بالدرجة الأولى إلى نصف أنتربولوجبة الأفراد وضرورة دراسة الفروقات الفردية بين الجنسين. كما أن السبب الحقيقي يعود إلى نظرة الدولة إلى أفراد المجتمع بنظرة قديمة أحادية دون البحث في الأسباب وإيجاد حلول للظاهرة.
النساء بطبيعتهنَّ يناضلنَّ من أجل التغيير ويتطلعنَّ للمستقبل لكن الرجل يحاول الرجوع إلى الوراء دائماً وهذا الواقع مرفوض من قبله فتحدث حالات القتل.